ألمانيا تمدد عمل آخر 3 مفاعلات نووية لديها لمواجهة أزمة الطاقة

قررت ألمانيا تمديد عمل المفاعلات النووية الـ3 المتبقية، لدعم إمدادات الكهرباء في الشتاء المقبل، وسط انخفاض وارداتها من الغاز الروسي. وقالت 3 مصادر لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن هناك إجماعًا حكوميًا على تمديد عمل المفاعلات، لكن الاختلاف يتركز على مدة التمديد من عدة أشهر إلى أكثر من عامين.

وكانت ألمانيا قد بدأت تنفيذ خطة قبل سنوات للتخلص من كل المفاعلات النووية، ولم يتبق سوى 3، من المفترض خروجها من الخدمة مع نهاية العام الجاري (2022)، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

قرار غير رسمي
قالت مصادر إن المستشار الألماني، أولاف شولتس، أقر خطة تمديد عمل آخر المفاعلات النووية الـ3 الأخيرة، بصورة غير رسمية، وأن القرار يجب أن يجيزه البرلمان قبل تفعيله. وأضافت المصادر أن أعضاء الحكومة اتفقوا على الخطوط العريضة لقرار التمديد، لكن لا تزال هناك مناقشة حول بعض التفاصيل المتعلقة به.

وتابعت أن قرار تمديد عمل المفاعلات النووية نهائي، لكن الحكومة مضطرة إلى انتظار نتائج أعمال جمعية الطاقة الألمانية، التي ستعلنها خلال الأسابيع المقبلة. وتزوّد المفاعلات النووية الـ3 المتبقية برلين بنحو 6% من احتياجاتها من الكهرباء، وكان من المقرر إغلاقها في 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لكن شح الطاقة المتوقع يجبر ألمانيا على تمديد عملها مؤقتًا.

وأربك غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي حسابات الطاقة في أوروبا عامة، وألمانيا خاصة، بسبب ارتباطها الوثيق بموسكو، واعتمادها الكبير على واردات الغاز من خطوط الأنابيب المرتبطة بها. وتعتمد أوروبا على تلبية أكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا في المتوسط، فيما تزيد إلى أكثر من 50% بالنسبة إلى ألمانيا.

سلاح الطاقة
ساء وضع إمدادات الطاقة في أوروبا، عقب فرضها عقوبات اقتصادية على روسيا مع أميركا، ما دفع الأخيرة إلى استخدام النفط والغاز سلاحًا في الحرب الدائرة على مستوى العلاقات والسلاح، خاصة أن موسكو من كبار المنتجين عالميًا، ومنعها صادراتها يؤدي إلى مشكلات في الدول الممنوعة حتمًا. وكانت ألمانيا، التي أظهرت عداءً واضحًا لروسيا، من أكبر المتضررين، إذ أعلن المستشار أولاف شولتس تزويد أوكرانيا بالأسلحة لمواجهة موسكو، كما رفع الإنفاق على التجهيزات العسكرية في البلاد.

وكان شولتس قد ألمح إلى قرار تمديد عمل المفاعلات النووية الـ3 الأسبوع الماضي. ونفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الاقتصاد الألمانية اتخاذ الحكومة قرارًا بتمديد عمل المفاعلات النووية، قائلًا إن الأمر يتوقف على النتائج التي ستتوصل إليها جمعية الطاقة، وما إذا كانت البلاد تحتاج إلى التمديد. ولن يكون تمديد عمل المفاعلات النووية علاجًا ناجعًا، لاختناق ألمانيا هذا الشتاء بأزمة شح الغاز الطبيعي، الذي يُستخدم في التدفئة والنشاط الصناعي، فقد كانت تخطط لاستبدالها بالغاز أو الفحم.

عودة الفحم
بعد خفض روسيا إمدادات الغاز المصدرة إلى أوروبا في شهر يونيو/حزيران الماضي، أعادت ألمانيا تشغيل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم في منطقة موثبالد، ما ألقى بالصعوبات في طريق خطط برلين لخفض انبعاثات غازات الدفيئة والتلوث.

وقررت روسيا خفض ضخ الغاز إلى أوربا عبر خط نورد ستريم 1، لإجراء إصلاح في توربين بالخط، وكان من المفترض أن يُعاد تشغيلة في الثلث الأخير من شهر يوليو/تموز الماضي، لكن موسكو قررت عدم تشغيل التوربين، وهبطت بصادرات الغاز إلى أوروبا إلى 20% فقط. وقبل الخطوة الروسية، قرر الاتحاد الأوروبي حظر الواردات من موسكو بحلول نهاية العام الجاري (2022).

وقررت ألمانيا -في إطار محاولات تجنب أزمة طاقة في الشتاء المقبل- ترشيد استهلاك الكهرباء والغاز خلال العامين المقبلين، عبر عدة طرق منها خفض حرارة المباني العامة. ووفق توقعات منظم الطاقة في برلين، فإن ألمانيا تحتاج إلى خفض الاستهلاك بنسبة 20%، لتجنّب شح الغاز في الشتاءين المقبلين.

وقت التمديد
قالت المصادر الحكومية الـ 3 لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن أحزاب التحالف الحاكم في ألمانيا مختلفة فيما بينها حول وقت تمديد عمل المفاعلات النووية الـ3، إذ يرى نسبة كبيرة من أعضائها أنها يجب أن تكون شهورًا فقط.

بينما أكد أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي الحر، الشريك الثالث في الائتلاف الحاكم، أنها يجب أن تعمل حتى نهاية 2024، أي أكثر من عامين. وعلى المستوى الشعبي، رصدت شركات أبحاث قبولًا لتمديد عمل المفاعلات النووية مؤخرًا، بعد أزمة الطاقة التي تواجهها البلاد، وهو عكس الاتجاهات السابقة، إذ كانت الأغلبية تؤيّد إغلاقها.

بينما ذكر بعض نشطاء المناخ أنهم سيرفعون دعاوى قضائية ضد الحكومة؛ حال اتخاذ قرار بتمديد عملها. يُذكر أن قرار التخلص من المفاعلات النووية اُتخذ في عهد المستشارة السابقة لألمانيا، أنغيلا ميركل، عقب كارثة فوكوشيما عام 2011.