أولى محطات الطاقة النووية في بولندا تبنيها شركة أميركية

رغم أزمة الإمدادات الأوروبية التي أعادت الفحم إلى قائمة مصادر توليد الكهرباء، تتواصل خطط الطاقة النووية في بولندا للتخلص من الوقود الأحفوري، إذ تعتزم البلاد بدء بناء أولى محطاتها في وقت قريب. وعقب سباق محتدم مع شركات منافسة، يبدو أن شركة ويستنغاوس الأميركية حسمت السباق لصالحها، إذ تنوي وارسو اختيارها لتولّي أعمال بناء المحطة خلال السنوات الـ 10 المقبلة، بحسب ما نشرته بلومبرغ. ويأتي التوسع النووي للدولة الواقعة وسط أوروبا جنبًا إلى جنب مع خطط لتطوير مزارع الرياح البحرية والطاقة الشمسية، في إطار مساعيها للتخلي بصورة نهائية عن الوقود الأحفوري بحلول منتصف القرن في (2050)، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

انطلاقة نووية
استغرقت المشاورات حول بناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا المرتقبة بحلول عام 2033 سنوات عدّة، في حين تُخطط الحكومة للمضي قدمًا نحو بناء سعة تتراوح بين 6 و9 غيغاواط. وتتكون المحطة -وفق الخطط- من 3 مفاعلات، وتسعى بولندا إلى اختيار الشريك الرئيس في عمليات البناء قبيل تحديد موقع المحطة بمدينة تشوسزيو قرب بحر البلطيق، بينما تحسم الحكومة أمر اختيار مورد إمدادات التقنيات المستخدمة قبيل نهاية العام الجاري (2022). ورجحت كفة شركة ويستنغهاوس الأميركية رغم سعي شركة كوريا للطاقة النووية والكهرومائية وشركة كهرباء فرنسا لاقتناص عقد بناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا، مع ما تداولته وسائل الإعلام حول قرب توقيع شركتي “بي جي إي” و”زي باك” المحليتين مع شركة “كيه إتش إن بي” الكورية الجنوبية لتولّي أعمال البناء.

صراع أميركي-كوري
يبدو أن اختيار شركة ويستنغهاوس لبناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا له بُعد سياسي يتعلق بالأحداث الجيوسياسية الجارية، إذ أعلن مسؤولون رفيعو المستوى اختيار الشركة الأميركية عقب لقائهم وزير الطاقة جينيفر غرانهولم. تضمَّن اللقاء مشاركة رئيس الوزراء البولندي جاسيك ساسين ووزيرة المناخ والبيئة آنا موسكوا، وقال ساسين، إن أميركا شريك إستراتيجي لبلاده ما يدفع نحو تعزيز فرص اختيار ويستنغهاوس لبناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا. وسعت الشركة الأميركية لتعطيل مسار الاتفاق الكوري-البولندي في وقت سابق، حول بناء المحطة، واستعملتت أدوات قانونية عدّة في سبيل ذلك، من بينها اللجوء إلى ساحات القضاء لمنع شركة كوريا للطاقة النووية والكهرومائية، ووجهت لها اتهامات باستعمال تصميم مفاعلاتها خلال بناء المحطة البولندية دون طلب إذن من ويستنغهاوس. وقالت ويستنغهاوس الأميركية المعنية بصناعات الطاقة النووية في دعواها القضائية، إنه يتعين على الشركة الكورية الحصول على إذن منها قبيل تطبيق تصميم المفاعل “إيه بي آر 1400” إلى بولندا وأيّ دولة أخرى تصل معها إلى اتفاق. وفي الوقت الذي تعكف الحكومة خلاله على دراسة العروض المطروحة من الشركات الأميركية والكورية والفرنسية لبناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا، تأتي المباحثات الدبلوماسية والشراكة الأميركية-الأوروبية في العقوبات ضد روسيا عاملًا يزيد من امتيازات ويستنغهاوس.

تصميم المفاعلات
يُعتزم إعلان الشريك حكوميًا وبصورة رسمية خلال الأيام القليلة المقبلة، مع بناء أولى محطات الطاقة النووية في بولندا، لكن يبدو أن الخلاف حول ملكية تصميم المفاعلات المستخدمة في المحطة سيقف عائقًا أمام إحراز خطوات مهمة حيالها في وقت وشيك، بحسب ما أوردته ستاندرد آند بورز غلوبال كومودوتي إنسايتس. وتبذل الشركة الكورية جهودًا للحصول على عقد المفاعلات، مع انخفاض فرص عقد البناء لصالح الشركة الأميركية، غير أن عدم حسم القضاء لحقوق الملكية حتى الآن يعرّض العقد الكوري-البولندي حول المفاعلات للتوقف. وتستند الشركة الأميركية إلى أن الشركة الكورية اعترفت عام 2010 بأن تصميماتها تعود إلى شركة ويستنغهاوس الأميركية، حينما حاولت إتمام صفقة بيع 4 مفاعلات من طراز “إيه بي آر 1400” إلى دولة الإمارات، وتشغيلها في دول عربية.