قال الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم السبت إن أي لقاء محتمل بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رهن بـ”صدق” نواياه، وسط مخاوف من إجراء بيونغ يانغ تجربة نووية بالتزامن مع زيارة بايدن.
وأكد بايدن الذي يزور سول في أول جولة له إلى آسيا منذ توليه الرئاسة، خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، أن أي اجتماع مع كيم “رهن بصدق” الزعيم الكوري الشمالي.
وأوضح بايدن أن واشنطن تسعى لتعزيز التحالف الإستراتيجي مع سول في جميع المجالات، مبرزا أن تحالف بلاده مع كوريا الجنوبية من شأنه أن يحفظ منطقة المحيطين الهادي والهندي، ويحد من تهديدات كوريا الشمالية ويمنعها من تغيير الحدود بالقوة.
في حين أكد رئيس كوريا الجنوبية أن جارته الشمالية تواصل تعزيز قدراتها الصاروخية، معلنا أنه اتفق مع بايدن على تكثيف سبل ردعها. وأعلنت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية اليوم السبت عزمهما توسيع المناورات العسكرية المشتركة لمواجهة “تهديد” كوريا الشمالية.
وجاء في بيان مشترك صدر في ختام قمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والكوري الجنوبي يون سوك يول في سول، أنه “نظرا إلى تنامي التهديد الذي تطرحه جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، يتفق القائدان على بدء محادثات من أجل توسيع مدى وحجم التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة في شبه الجزيرة الكورية ومحيطها”.
ومن قاعدة أوسان الجوية التي هبطت طائرته فيها، توجّه بايدن إلى مصنع لأشباه الموصلات تابع لشركة “سامسونغ” (Samsung) الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك جنوب العاصمة سول مع نظيره الكوري الجنوبي الذي تولى المنصب في مايو/أيار الماضي.
مصنع سامسونغ
ولم يكن اختيار مصنع سامسونغ ليكون أول محطة في رحلته اعتباطيا، فالتزود بأشباه الموصلات الأساسية، في صناعة معظم الأجهزة الحديثة من الهواتف إلى السيارات والأسلحة عالية التقنية، يشهد نقصا ضمن التباطؤ العام لسلاسل الإمداد العالمية الذي يهدد بتقويض التعافي الاقتصادي من وباء كوفيد.
وشدد بايدن على ضرورة أن تعمل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة من أجل “الحفاظ على مرونة سلاسل إمدادنا وموثوقيتها وسلامتها”.
من جانبه، أشار الرئيس يون إلى أن كوريا الجنوبية توفر حوالي 70% من إنتاج العالم من أشباه الموصلات.
كما اعتبر أن زيارة بايدن يمكن أن تساعد البلدين في تشكيل “تحالف اقتصادي وأمني جديد يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتعاون فيما يتعلق بسلاسل الإمداد”.
تحالف رباعي
وبعد سول، يتوجه الرئيس الأميركي الأحد إلى طوكيو حيث يشارك في القمة الإقليمية لتحالف “كواد” (Quad). وترفض نيودلهي حتى الآن التنديد بهجوم موسكو على أوكرانيا، وقاومت المحاولات لضمها إلى التحرك الدولي ضد روسيا.
وتحالف “كواد” -الذي يضم واشنطن وطوكيو وكانبيرا ونيودلهي- متوافق على تشكيل قوة مضادة لنفوذ الصين الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
ويجتمع هذا التحالف الرباعي في وقت يحذّر فيه العديدون من أن بكين تراقب عن كثب الرد الدولي على غزو أوكرانيا، وتدرس خياراتها من أجل “إعادة توحيد” تايوان مع البر الصيني. وقد تطغى على القمة مسألة كوريا الشمالية، في وقت تفيد فيه واشنطن بأنها تعدّ لعمليات إطلاق صواريخ جديدة وربما كذلك تجربة نووية.
مخاوف يابانية
كما تبدي اليابان مخاوف من الوجود الصيني حول جزر متنازع عليها بين البلدين، في وقت تتكثف فيه المحادثات حول سبل الرد على التهديدات الصينية لتايوان.
وقد أجرى وزير الخارجية الياباني الأربعاء محادثات لأول مرة منذ 6 أشهر مع نظيره الصيني، داعيا بكين إلى لعب “دور مسؤول” على الساحة الدولية. من جانبها، حذرت بكين من أن المعلومات -التي تفيد بأن واشنطن وطوكيو “ستوحدان قواهما” ضدها- تنعكس سلبيا على الأجواء.
وأوضح مستشار الأمن القومي جيك سوليفان من على متن طائرة “إير فورس وان” أنّ الولايات المتحدة تريد “تأكيد صورة ما يمكن أن يكون عليه العالم إذا اجتمعت الديمقراطيات والمجتمعات المنفتحة لإملاء قواعد العمل (وفق) حس القيادة” الأميركية.
وتابع “نعتبر أن هذه الرسالة ستصل إلى بكين. لكنها ليست رسالة سلبية وليست موجهة إلى دولة واحدة”. كذلك، ستكون الصين وتايوان في الواجهة.
استفزاز كوري شمالي
وتتوقع سول وواشنطن أن تستأنف بيونغ يانغ التجارب النووية على الفور، بعد أن أجرت 6 تجارب بين عامي 2006 و2017. وأكدت إدارة بايدن، قبل مغادرته واشنطن، أنه وفقا للمخابرات الأميركية هناك “احتمال حقيقي” بأن تقوم كوريا الشمالية بعمل “استفزازي” بعد وصول بايدن إلى سول.
وعاد سوليفان ليقول إن ذلك قد يعني “تجارب صاروخية جديدة، تجارب صواريخ بعيدة المدى أو تجربة نووية” أو كلا الأمرين، قبل أو أثناء أو بعد جولة الرئيس بايدن.
كذلك أكد مستشار الأمن القومي الأميركي أن إجراء بيونغ يانغ تجربة نووية سيؤدي إلى “تعديلات في وضع قواتنا المسلحة بالمنطقة”، لكنه نفى أن يُنظر إلى مثل هذا الحدث على أنه انتكاسة لدبلوماسية بايدن.
وستكشف الولايات المتحدة مبادرة تُعرف باسم “الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادي”، وهو تجمع تجاري جديد يعتبر وسيلة لإقامة سلاسل إمداد من دون الصين. وتأتي هذه المبادرة الجديدة بعد انسحاب واشنطن المفاجئ عام 2017 من “الشراكة عبر المحيط الهادي”، التي تضم دولا من آسيا والمحيط الهادي والقارة الأميركية.
غير أن أي موقف مشترك قد يصطدم بخلافات مع الهند، الدولة الوحيدة في تحالف كواد التي امتنعت حتى الآن عن التنديد بروسيا التي شنت هجوما على أوكرانيا، لا بل زادت وارداتها النفطية من موسكو رغم الانتقادات.