تتجه السويد إلى الاعتماد بصفة منتظمة على محطة كهرباء تعمل بالنفط، لتجنب خطر انقطاع الكهرباء بجنوب البلاد، في ظل ندرة توليد طاقة الرياح وعمليات الانقطاع في الطاقة النووية.
وتخطط شركة الطاقة الألمانية يونيبر لزيادة عدد الموظفين في محطة كارلسهامن القديمة لتوليد الكهرباء، التي يعود تاريخها إلى 50 عامًا وتعمل بالنفط، لمواجهة أزمة الطاقة المتفاقمة، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.
ويهدف اللجوء إلى المحطة -التي كانت تُستخدم من حين إلى آخر فقط في الماضي- بصفة منتظمة للمساعدة في سد النقص في جنوب السويد، بعد إيقاف تشغيل العديد من المفاعلات النووية خلال السنوات القليلة الماضية.
نقص الكهرباء في جنوب السويد
تهيمن الطاقة الكهرومائية على نظام الكهرباء في السويد، وتقع بصورة رئيسة في شمال البلاد، والطاقة النووية في الجنوب، وتمثّل ما يقرب من 50% و25% على التوالي من إنتاج الكهرباء، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المتحدث باسم شركة يونيبر، توربيورن لارسون: “أصبحت كارلسهامن منشأة أكثر أهمية للمساعدة في ضمان إمدادات الكهرباء في جنوب السويد وفي الدول المجاورة لنا”.
وأضاف: “لكي نتمكّن من تلبية جميع التوقعات والطلبات في المحطة، نحتاج إلى تعيين 10 موظفين آخرين أو نحو ذلك”. ووفقًا للارسون، يعمل في محطة كارلسهامن -التي تبلغ طاقتها 660 ميغاواط- نحو 50 شخصًا حاليًا. وقال: “نحن بحاجة للاستعداد لتقديم أسهامات أكثر انتظامًا، وقد أنتجنا كهرباء أكثر مما أنتجناه خلال العام الماضي بأكمله”.
العودة إلى أكثر الطرق تلويثًا
تقترب أسعار الكهرباء في جنوب السويد من مستوى قياسي، مدفوعة بنقص الإمدادات بصفة أساسية، بالإضافة إلى مستويات الأسعار الأعلى بكثير في باقي أنحاء القارة الأوروبية منذ أن جرى ربط الأسواق. وكانت محطة كارلسهامن -التي تحرق زيت الوقود الثقيل وتعود إلى أوائل السبعينيات- تعمل بصفة منتظمة إلى حدٍ ما في أغسطس/آب.
وأصبحت المحطة جزءًا من احتياطي شبكة الكهرباء السويدية، من منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني إلى منتصف مارس/آذار، وهو أحدث دليل على تراجع مكافحة الاحترار العالمي في ظل أزمة الطاقة التاريخية في أوروبا. ويُعد حرق النفط مصدرًا موثوقًا لتوليد الكهرباء، ولكنه من بين أكثر الطرق تلويثًا، ويُضاف إلى الاستخدام المتزايد للفحم اللازم لتلبية الطلب في المنطقة.
الطلب العالمي على النفط
أوضح لارسون أن المحطة تستخدم ما بين 50 و70 طنًا من الوقود في الساعة؛ ما يعادل نحو 9 آلاف برميل يوميًا على مدار 24 ساعة كاملة، وفقًا لحسابات بلومبرغ. ورغم أن الحجم صغير في سياق سوق النفط العالمية، فإنه يؤكد الاتجاه المستمر للمستهلكين نحو حرق المزيد من النفط لتوليد الكهرباء، مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية.
وقد رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب العالمي على النفط خلال عامي 2022-2023، مستشهدة بالتحول إلى النفط في توليد الكهرباء بوصفه أحد الأسباب وراء الزيادة. وتوقعت وكالة الطاقة -في تقريرها الشهري عن سوق النفط الصادر في 11 أغسطس/آب- نمو الطلب على النفط عالميًا بنحو 2.1 مليون برميل يوميًا في 2022، بزيادة 380 ألف برميل يوميًا عن التقديرات السابقة. كما رفعت وكالة الطاقة تقديرات نمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل (2023) بنحو 500 ألف برميل يوميًا مقارنة بتقييمات الشهر الماضي.
وقف مفاعل نووي رئيس
سيصبح الاعتماد على محطة كارلسهامن أكثر أهمية، بعد أن أعلنت شركة فاتنفول السويدية عن انقطاع مطول لأحد المفاعلات الذرية اليوم الأربعاء (31 أغسطس/آب). وقالت فاتنفول -أكبر مرفق في المنطقة- إن مفاعلها “رينهالس 4” لن يعود للعمل حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، ما يعني تأخر إعادة التشغيل لمدة شهرين تقريبًا، في وقت تشتد الحاجة إليه.
ويقع المفاعل في منطقة الأسعار نفسها مثل كارلسهامن، إذ تقترب الأسعار من المستويات القياسية. وحذّر وزير الطاقة السويدي خاشيار فارمانبار، من أن نقص الكهرباء في جنوب السويد قد يؤدي إلى توتر الوضع هذا الشتاء، إذ إن أزمة الطاقة في المنطقة تزداد سوءًا، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.
وقال فارمانبار -في إفادة صحفية اليوم الأربعاء-: “نرى خطر حدوث إجهاد على نظام الكهرباء هذا الشتاء، وسيكون لخروج رينهالس 4 عن الشبكة تأثير كبير. الخطر الأكبر ليس الانقطاعات، ولكن الأسعار المرتفعة للغاية”. وشدد على أن الانقطاع المخطط له في مفاعل فورسمارك-1 التابع لـ فاتنفول في المدّة من 4 سبتمبر/أيلول إلى 8 أكتوبر/تشرين الأول، سيجعل الوضع أسوأ.