تواجه مصافي النفط الأوروبية صعوبات شديدة لمواكبة الطلب منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان النفط السعودي والعراقي في مقدمة الإمدادات لمساعدة القارة العجوز. وزادت المملكة العربية السعودية والعراق صادرات النفط الخام إلى أوروبا، وساعد ذلك مصافي النفط في أوروبا على تجاوز قرار الابتعاد عن الخام الروسي، حسب بلومبرغ.
ووفقًا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ -واطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة-، بلغت صادرات النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا أكثر من مليون برميل يوميًا خلال الأسابيع الـ3 الأولى من شهر يوليو/تموز (2022) عبر خط أنابيب يعبر مصر، وتضاعفت الكميات تقريبًا مقارنة بالعام الماضي (2021). وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، اتخذت الشركات الأوروبية موقفًا رادعًا، واختار أغلبها التوقف عن التعامل مع موسكو، لكن ذلك دفعها للبحث عن إمدادات بديلة.
هيمنة النفط السعودي
تهيمن شحنات النفط السعودي على التدفقات عبر الأنابيب، وتمكن العراق -أيضًا- من زيادة الشحنات في الشهور الأخيرة. ويمكن للشركات توصيل الشحنات إما عن طريق خط أنابيب سوميد الذي يعبر مصر، أو عبر قناة السويس إذا كانت السفن حجمها مناسب، وهو ما يلجأ إليه العراق. وارتفعت كميات النفط الخام المتدفقة من خط الأنابيب بنحو 800 ألف برميل يوميًا في شهر يونيو/حزيران (2022) إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل/نيسان (2020).
بالإضافة إلى ذلك، بلغت التدفقات التي تمر عبر قناة السويس من الخليج العربي إلى 1.2 مليون برميل يوميًا، خلال الأسابيع الـ3 الأولى من شهر يوليو/تموز (2022)، أغلبها من العراق. وبذلك يصل إجمالي تدفقات النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا عند 2.2 مليون برميل يوميًا، بزيادة تقارب 90% منذ يناير/كانون الثاني (2022)، قبل بدء الحرب، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
إمدادات النفط الروسي
في المقابل، زادت تدفقات النفط الخام الروسي من موانئ البلطيق والبحر الأسود إلى الهند والصين، وأسهمت الأسعار المنخفضة في تعزيز البلدين الإمدادات وسط ارتفاع الأسعار. وأكد محلل السلع في بنك يو بي إس في سويسرا، جيوفاني ستانوفو، هذا الأمر، وقال إن الشرق الأوسط يعيد توجيه بعض البراميل من آسيا إلى أوروبا، ويأتي ذلك في وقت تتجه فيه أوروبا إلى تقليص مشترياتها من النفط الروسي، في حين ترسل روسيا النفط إلى الأسواق الآسيوية.
ومن غير المؤكد ما إذا كان النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا سيستمر في التدفق، إذ يستعد الاتحاد الأوروبي لتنفيذ قرار حظر النفط الروسي بحلول نهاية العام، ويتضمن جزء من حزمة العقوبات حظرًا على تأمين السفن الحاملة للإمدادات الروسية لأي مشتري. وفي حال تأثير قرار حظر التأمين في إجمالي الصادرات -وهو ما تخشاه وزارة الخزانة الأميركية- فقد يسهم ذلك في احتدام المنافسة على الإمدادات من الشرق الأوسط مرة أخرى.
تحديات نقل النفط
في هذا الصدد، استأجرت شركة “البحري” السعودية، هذا الأسبوع، ناقلة عملاقة لنقل النفط الخام من البحر الأبيض المتوسط إلى روتردام، ويؤكد هذا العقد النادر التحول الذي طرأ على تدفقات الخام. ويعد تغير وجهة البراميل بمثابة تذكير آخر بالتحديات اللوجستية التي قد تبرز عند ابتعاد المشترين عن النفط الروسي، إذ سيتعين على الشحنات الإبحار لمسافات طويلة، وسيعزز ذلك الاستعانة بأسطول ناقلات النفط العالمي.
وفي غضون ذلك، ارتفع مؤشر الأرباح للناقلات العملاقة، التي تتمتع بسعة تصل إلى مليوني برميل من النفط الخام، إلى أعلى مستوياته هذا الأسبوع منذ أبريل/نيسان (2022). وقال الرئيس التنفيذي لشركة “فرونتلاين ماناجمنت”، لارس بارستاد، إن شهية أوروبا لخام الشرق الأوسط تعزز ما يُعرف بـ”طن/ميل”، وهو مقياس للطلب يُحسب من خلال ضرب وزن الحمولة بالأطنان في المسافة التي تقطعها السفينة بالأميال. ووفقًا لذلك، أوضح بارستاد أن واردات الاتحاد الأوروبي تضاعفت على الأقل، بينما النفط الروسي تضاعف 3 مرات إن لم يكن أكثر.