تواصل برودة الطقس الشتوي لدى الدول الأوروبية تفاقمها، إذ استدعت المملكة المتحدة محطات توليد الكهرباء بالفحم الاحتياطية للمرة الأولى، لزيادة معدلات الإنتاج وتلبية الطلب، بدءًا من غدٍ الإثنين 23 يناير/كانون الثاني (2023). جاء ذلك بعدما أشارت توقعات الطقس إلى انتشار الأدخنة الضبابية المتجمدة في ظل انخفاض درجات الحرارة وتراجع معدلات توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهي موجة طقس قد تمتد إلى نهاية الأسبوع، بحسب ما نشرته بلومبرغ. ولم يقتصر الأمر على مخاوف تراجع إنتاج الرياح، بل تزامنت معها توقعات ببلوغ الطلب على الكهرباء ذروته في الساعة 5 مساء غدٍ الإثنين، ليسجل 42.2 غيغاواط، ارتفاعًا من المستويات المقدّرة اليوم الأحد، 22 يناير/كانون الثاني، بنحو 40.2 غيغاواط.
استدعاء الفحم
استدعت شركة “ناشيونال غريد” مشغّل الشبكة في بريطانيا 3 من محطات توليد الكهرباء بالفحم الاحتياطية، لبدء العمل بدءًا من غدٍ الإثنين، في إجراء تتخذه الشبكة للمرة الأولى، وسط توقعات زيادة الطلب تزامنًا مع انخفاض درجات الحرارة وتراجع إنتاج الرياح. ووحدات توليد الكهرباء بالفحم الـ3 هي: الوحدات 5 و6 التابعتين لشركة “دراكس” البريطانية ووحدة لأحد فروع شركة كهرباء فرنسا في منطقة “ويست بورتون”. ويأتي الاستدعاء على خلفية اتفاق الحكومة البريطانية مع “ناشيونال غريد” على إجراءات طارئة لتلبية الطلب خلال فصل الشتاء الجاري، حسبما أُعلن في ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الماضي (2022). واجتمعت عوامل عدّة قد تعصف بقدرات تلبية الطلب في بريطانيا، إذ أدى اعتماد البلاد الكبير على الغاز الذي يعاني من تقلبات حادة على صعيد الإمدادات والأسعار وغياب الغاز الروسي إلى تراجع معدلات توليد الكهرباء.
تراجع الرياح
رغم أن بريطانيا تحتلّ المرتبة الثانية ضمن أكبر أسواق الرياح العالمية، فإن الإنتاج يشهد تراجعًا نتيجة تقلبات الطقس، ولم يكن أمام الدولة المنفصلة قبل سنوات عن الاتحاد الأوروبي حلّ سوى اللجوء إلى الوحدات الاحتياطية لتوليد الكهرباء بالفحم، لضمان استمرار الإمدادات. وبين الحين والآخر تضرب أنحاء المملكة المتحدة موجات من البرد القارس وتهبط درجات الحرارة، رغم أن الاعتدال النسبي للطقس الشتوي لهذا العام دفع -إجمالًا- نحو تقليص تأثير غياب الغاز الروسي عن دول القارة، ضمن تداعيات الحرب على أوكرانيا. وأوضح مشغّل شبكة الكهرباء “ناشيونال غريد” أنها لجأت إلى الوحدات الاحتياطية لتوليد الكهرباء بالفحم، بصفتها ضمن الأدوات البديلة لمواجهة عجز القدرة على تلبية الطلب، لضمان استمرار استهلاك الكهرباء بمعدلاته المعتادة، حسب بيان أصدرته. ولطالما أكدت المملكة المتحدة أن استعانتها بالوحدات الاحتياطية لتوليد الكهرباء بالفحم لا تتنافى مع تخطيطها للتخلص التدريجي من الفحم بحلول العام المقبل (2024)، التزامًا بالأهداف المناخية وخطط خفض الانبعاثات، غير أنها استثنت الشتاء الجاري، في ظل معاناة القارة مع نقص الغاز الطبيعي.