بعد النفط والقمح.. حظر أوروبا للفحم الروسي ينذر بتفاقم أزمة الطاقة

حذرت وكالة بلومبيرغ من الخطوة التي تلوح أوروبا باتخاذها بحظر الفحم الروسي، حيث تعد أوروبا أول المتضررين من هذه الخطوة وستكون عرضة للنقص وانقطاع التيار الكهربائي وسط مكافحة بقية أنحاء العالم التضخم وارتفاع الأسعار.

وتعد روسيا أكبر مورد للفحم الحراري في أوروبا، والذي يستخدم في وقود محطات الطاقة، وحذا الاتحاد الأوروبي حذو الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث وضع للقارة خططاً للتخلص التدريجي من الشحنات الروسية، وأوضحت بلومبيرغ أن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد بديل واضح يحل محل هذا الجزء الضخم من التبادل التجاري.

وقفز سعر الفحم 14% الثلاثاء، وهو أعلى مستوى خلال الثلاثة أسابيع الماضية بعد أنباء الحظر المقترح، ووصل سعر الفحم الآسيوي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في مارس الماضي، بينما تجاوز الفحم الأمريكي حاجز الـ100 دولار للطن الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ 13 عاماً.

وقال فابيان رونينجين المحلل في شركة الاستشارات النرويجية Rystad Energy والمتخصصة في أسواق الطاقة، إن العقوبات المقترحة ستكون مدمرة لواردات الفحم الأوروبية، حتى لو حلت أسواق أخرى محل السوق الروسية، لكن بشكل عام سوق الفحم العالمي ضيق جداً.

 

تعقيدات لوجيستية

وأشار رونينجين أن الأمر لا يقتصر فقط على نقص الإمدادات، بل إن هناك أيضاً تعقيدات لوجيستية عندما يتعلق الأمر بالتحول السريع لموردين جدد.

ولطالما كان قرب روسيا من أوروبا أحد مزاياها في السوق، والآن سيتعين على المشترين الأوروبيين البحث في مكان آخر، وتوسيع العرض من بلدان بعيدة مثل جنوب أفريقيا وأستراليا وإندونيسيا.

 

الفحم الروسي الأقرب والأرخص

وقال جيك هورسلن وهو محلل من مؤشر S&P للسلع الأولية، إن الفحم الروسي هو الأقرب والأرخص، وفي بعض الأسواق مواصفاته هي الأنسب من حيث المحتوى الحراري والكبريت لتشغيل محطات أوروبا، وأشار إلى أن حظر الاتحاد الأوروبي سيشكل تحدياً كبيراً للمشترين الذين يحتاجون إلى البحث عن بدائل.

وعلى الرغم من أنه على المدى الطويل لا تعد الآفاق كبيرة بالنسبة للفحم، بسبب خطط التحول العالمية إلى مصادر الطاقة الخضراء، لكن في الوقت الحالي يزداد الطلب عليه، حيث تتعامل أوروبا مع أزمة إمدادات الغاز الطبيعي وسط ارتفاع الطلب على الوقود المتزامن مع طفرة التعافي الاقتصادي بعد الجائحة.

وقفزت انبعاثات الكربون العالمية من قطاع الطاقة إلى مستوى قياسي العام الماضي، مدفوع جزئياً بإنتاج كميات أكبر من الفحم وفقاً لمركز Ember للأبحاث.

وحذر محللو بنك أوف أمريكا في مذكرة هذا الشهر من حدوث أي اضطرابات في إمدادات الفحم الروسي، وذلك بعد موجة من مشكلات الإمداد التي تطارد السوق منذ أوائل العام الماضي.

وأشار المحللون إلى أن أية عقوبات على الفحم الروسي ستضغط على الإمدادات الأوروبية المتوترة بالفعل، وسجلت مخزونات الفحم في موانئ أمستردام وروتردام وإنتويرب أدنى مستوى لها هذا الموسم منذ ست سنوات على الأقل.

وتشتري أوروبا نوعين من الفحم من روسيا، الأول هو الحراري الذي يتم استخدامه في محطات الطاقة، والثاني هو المعدني والذي يستخدم في صناعة الصلب، وتبلغ حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من الفحم الحراري 70% تقريباً.

وأصبحت القارة تعتمد بشكل متزايد على روسيا مع انخفاض إنتاجها في عام 2020، واستوردت أوروبا 57 مليون طن من الفحم الحراري من ورسيا، وهي الغالبية العظمى من واردتها وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

وقالت شركة الطاقة الألمانية EnBW Energie Baden-Wuerttemberg AG الشهر الماضي، إنها بدأت في تنويع مشترياتها من الفحم وذلك لتقليل الاعتماد على روسيا، وأوضحت أن التحول الكامل لن يكون ممكناً إلا على المدى المتوسط.

وقال الشركة إنها اعتمدت على روسيا في الحصول على أكثر من 80% من الفحم العام الماضي، وإن التحول لدول مثل أستراليا وجنوب أفريقيا سيكون أكثر كلفة.

وعلى الرغم من تدخل أمريكا لمساعدة أوروبا في سد فجوة الغاز الروسي، فإنه من غير المرجح أن تكون قادرة على فعل الأمر نفسه مع الفحم، حيث باع عمال المناجم بالفعل معظم إنتاجهم بموجب عقود طويلة الأجل، ولم يتمكنوا من زيادة الإنتاج بسبب إغلاق المناجم منذ سنوات، بالإضافة إلى مشاكل نقص العمال والتحديات اللوجيستية التي تجعل من الصعب نقل المزيد من الأطنان من المناجم إلى الموانئ.

 

مشاكل إمدادات الطاقة

وتسبب ضعف سوق الغاز الطبيعي في نقص الطاقة، وكانت أوروبا وآسيا الأشد تضرراً وسط موجة التضخم المرتفعة التي أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

وعلى الناحية الأخرى تسببت مشاكل نقص الإمدادات في انقطاع التيار الكهربائي في بعض مناطق الهند، ونقص الطاقة في الصين، وارتفعت أسعار الطاقة في أمريكا إلى مستويات قياسية.

وفي غضون ذلك انتقد بعض المحللين اعتماد بعض الدول الأوروبية على روسيا حتى من قبل الحرب الحالية في أوكرانيا، وتلقت ألمانيا وهولندا وتركيا وبولندا مجتمعة ما يقارب ربع إجمالي صادرات الفحم الروسي في عام 2021، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

ويتم توليد حوالي 10% من الكهرباء في ألمانيا عن طريق حرق الفحم الصلب، وذلك على عكس فرنسا المجاورة التي لديها القليل من الطاقة النووية السلمية كخيار احتياطي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *