رسميًا.. اليابان تقرر إطلاق مياه محطة فوكوشيما النووية في البحر

رسميًا.. اليابان تقرر إطلاق مياه محطة فوكوشيما النووية في البحر

رغم أن اليابان تعاملت مع كارثة محطة فوكوشيما النووية عام 2011 بكفاءة لتجنب أضرارها الجسيمة؛ فإنها ما تزال تواجه تحديات ضخمة، وعلى رأسها المياه الملوثة المخزنة في المحطة. وصرحت الحكومة اليابانية، اليوم الجمعة 22 يوليو/تموز (2022)، بأن هيئة التنظيم النووي اليابانية وافقت رسميًا على خطة شركة طوكيو باور إلكتريك (تيبكو) -المشغلة للمحطة- لإطلاق المياه المعالجة في البحر.

وتخزن محطة فوكوشيما النووية المياهَ المستخدمة في تبريد المفاعلات عقب كارثة 2011 بخزانات ضخمة، والتي بلغت أكثر من 1.3 مليون طن بحلول يوليو/تموز (2022)، حسب وكالة رويترز. وقالت وزارة الخارجية في بيان -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إن المنظمين وجدوا أن عملية تصريف المياه، التي تحتوي على بقايا التريتيوم بعد معالجتها آمنة؛ إذ تعالج المحطة المياهَ الملوثة لإزالة أغلب الملوثات الإشعاعية، باستثناء التريتيوم.

معايير السلامة
أوضح البيان أن الحكومة ستضمن سلامة المياه المعالجة، بالإضافة إلى موثوقية تدابير المعالجة وشفافيتها. وقبل تصريف المياه المعالجة في البحر، ستستمر هيئة التنظيم النووي اليابانية في تنفيذ عمليات التفتيش بالمحطة، كما ستواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية فحصها المستقل للمنشآت، وستنظر الحكومة بعناية في النتائج.

واستعانت المحطة حتى الآن بنحو 1000 خزان لتخزين المياه المعالجة، وكان من المتوقع امتلاء الخزانات في منتصف عام 2022، لكن شركة طوكيو باور إلكتريك قالت، في شهر يونيو/حزيران (2022)، إنها تتوقع أن تصل الخزانات إلى طاقتها القصوى في منتصف إلى أواخر عام 2023. وكانت اليابان في أبريل/نيسان (2021) قد أعلنت أنها تخطط لصرف المياه المعالجة المخزنة في محطة فوكوشيما النووية في البحر على مدى 30 عامًا -تقريبًا-.

وطلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراجعة خططها وفقًا لمعايير السلامة للوكالة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. وتنتج المحطة 140 مترًا مكعبًا يوميًا من المياه الملوثة، وتُصَفي المياه لإزالة العناصر المشعة، ما عدا عنصر واحد، وهو التريتيوم، الذي يشكل خطرًا على صحة الإنسان عند تناوله بجرعات كبيرة، وفقًا للخبراء.

وتخطط محطة فوكوشيما النووية لتخفيف المياه بهدف تقليل مستويات التريتيوم، وإطلاقه في البحر على مدى عدة عقود عبر أنبوب تحت الماء بطول كيلومتر. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إطلاق المياه يفي بالمعايير الدولية ولن يسبب أي ضرر بيئي، ولا تتوقع البدء قبل ربيع 2023.

انتقادات محلية وعالمية
أثار القرار انتقادات حادة داخل مجتمعات الصيد المحلية التي عانت عقب حادث محطة فوكوشيما النووية؛ حيث يخشون تجنب المستهلكين لشراء منتجاتهم مرة أخرى بعد تصريف المياه في المنطقة. كما واجهت الخطة معارضة قوية من قبل السكان المحليين المتضررين من كارثة فوكوشيما. وسبق أن أثارت الخطة انتقادات في دول الجوار، مثل الصين وكوريا الجنوبية، إلى جانب النشطاء والجماعات البيئية، مثل منظمة غرينبيس.

وكانت الحكومة الكورية الجنوبية قد شكّلت فريق عمل للتصدي للمسألة، في حين أعربت وزارة الخارجية الصينية عن قلقها المتعلق بقرار الحكومة اليابانية، وانتقدتها لاتخاذ قرار من جانب واحد دون التشاور مع الدول المجاورة أو المجتمع الدولي، متجاهلة الاعتراضات داخل اليابان وخارجها. وعقّبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن مستوى التريتيوم في المياه سيكون أقل بكثير من معايير المياه الصالحة للشرب حسب منظمة الصحة العالمية.

ويشار إلى أن حادث فوكوشيما عام 2011 تسبب في صعوبات بيئية واقتصادية واجتماعية هائلة باليابان، ولا تزال تواجه الكثير من التحديات بعد مرور أكثر من 10 سنوات. ولطالما كان يُنظر إلى عملية إطلاق المياه الملوثة في البحر على أنها الخيار الأكثر ترجيحًا منذ البداية، وقالت الحكومة اليابانية إنها ستعمل للحصول على موافقة الأطراف المعنية، ووعدت بعدم تنفيذ أي قرار دون دراسة متأنية.

وأثار تسريب المياه المشعة من الخزانات في عام 2013 -أي بعد عامين من الكارثة- مخاوف في اليابان وخارجها، وأمر رئيس الوزراء آنذاك، شينزو آبي، المسؤولين بإيجاد حل للمياه الملوثة. وقد قيَّم فريق تابع لوزارة الصناعة الخيارات القابلة للتطبيق للتخلص من المياه، وخلص بأن تصريف المياه في البحر يُعَد من أفضل الخيارات الـ5 المقترحة، من حيث التكلفة والمدة الزمنية.