يواصل مشروع الغاز المسال في تنزانيا تطوراته، ويمضي قُدمًا باتجاه توقيع قرار الاستثمار النهائي في غضون 3 أعوام، للاستفادة من قفزات أسعار الغاز العالمية وتأثيرها في إنعاش الاقتصاد المحلي. وشهد المشروع مشاورات امتدّت لسنوات عطّلت تنفيذ أولى خطواته، غير أن دراسةً خلصت إلى إسهام المشروع في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المُقدَّر بنحو 68 مليار دولار فور بدئه، وفق دراسة مصرفية نشرتها وكالة بلومبرغ، واطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة ويشارك في المشروع شركات دولية، من بينها إكوينور النرويجية، وشل الأنغلو هولندية، إذ وقّعتا اتفاقًا إطاريًا في يونيو/حزيران الماضي مع حكومة دودوما، لبناء محطة إنتاج وتصدير، في توقيت حرج تتعطش خلاله الأسواق العالمية إلى المزيد من الإمدادات.
الغاز المسال في تنزانيا
بالنظر إلى مستويات الأسعار الدولية، فإن مشروع الغاز المسال في تنزانيا يمكنه دعم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وزيادته بمعدل يتراوح بين 7 و15 مليار دولار سنويًا، وفق نتائج توصلت إليها دراسة مُعدَّة من قبل ستاندرد بنك غروب. ووفق الدراسة، تشير التوقعات إلى أن المشروع الذي تُقدَّر استثماراته بنحو 40 مليار دولار يمضي باتجاه توقيع قرار الاستثمار النهائي بحلول عام 2025، والانطلاق بعدها في خطط التصدير وتوسعة الاستهلاك المحلي للوقود. وأكدت الدراسة أن الخطوات التي يشهدها المشروع تعكس الدور الحكومي لتطويره، والجهود المبذولة لتخطّي عقبات التعثر، وتيسير الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بالبلاد. ومن جانب آخر، يتزامن إعلان موعد قرار الاستثمار النهائي مع جهود عالمية تُسلِّط الضوء على خفض استعمالات الوقود الأحفوري في إطار خطط مكافحة تغير المناخ، وتوجيه نشطاء وبيئيين انتقادات واسعة لتلك المشروعات.
تفاصيل المشروع
وقّعت حكومة تنزانيا في يونيو/حزيران 2022 اتفاقًا مع شركتي إكوينور وشل حول إنشاء محطة للإسالة والتصدير، ضمن خطوات استفادة الدولة الواقعة شرق أفريقيا من المكامن البرية والبحرية لاحتياطيات الغاز المحلية، في توقيت عالمي بالغ الأهمية. وتناقلت وسائل الإعلام حينها تقديرًا لتكلفة المشروع في نطاق 30 مليار دولار، قبل أن تقدّرها ستاندرد بنك غروب بنحو 40 مليار دولار، ويسهم مشروع الغاز المسال التنزاني في استفادة الحكومة من حجم احتياطيات قابل للاستخراج يُقدَّر بما يصل إلى 57.54 تريليون قدم مكعبة، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ونشرته في وقت سابق. وعوّلت الحكومة على الاتفاق الموقّع قبل 4 أشهر، لتحديد الملامح التمهيدية لقرار الاستثمار النهائي للمشروع، بحلول عام 2025، بعدما عانى من تأخيرات؛ إثر تعطُّل الموافقات التنظيمية. وتشير التوقعات إلى استغراق عمليات البناء بمشروع الغاز المسال في تنزانيا، ومحطة الإسالة والتصدير -المعتزَم إنشاؤها قرب اكتشافات لمكامن الغاز الطبيعي بالمياه العميقة جنوب البلاد- ما يقارب 5 سنوات، لتستمر حتى نهاية العقد، بحلول عام 2030. مشروع الغاز المسال في تنزانيا يشهد تطورات جديدة
موقف الشركات المشاركة
ترددت شركة إكوينور النرويجية في اتخاذ خطوات حاسمة بمشروع الغاز المسال في تنزانيا، وقررت العام الماضي (2021) خفض حجم استثماراتها به بنحو 982 مليون دولار، لتشكّكها في حجم الأرباح المتوقعة. ويبدو أن التطورات الجيوسياسية، وانعكاسها على أسعار الغاز بالأسواق العالمية، وارتفاع أسعار الغاز المسال لمستويات قياسية، دفع الشركة نحو استكمال المشروع؛ للاستفادة من فارق الأسعار ومكامن تنزانيا. وعقب التطورات الأخيرة بعد الحرب الأوكرانية -قبل 8 أشهر من الآن-، حظي المشروع بإقبال من شركات شل وإكوينور النرويجية وإكسون موبيل الأميركية وغيرها لبناء محطة الإسالة والتصدير بمدينة ليندي الساحلية في تنزانيا. ومن جانب آخر، يسهم المشروع بتعزيز الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي -الذي شهدت البلاد أولى اكتشافاته عام 1974-، إذ تعتمد عليه تنزانيا في توليد الكهرباء وتشغيل الصناعات ومصانع الأسمدة.