أزمة الديزل في أوروبا تدفع لزيادة الواردات من آسيا والشرق الأوسط

رغم أن القارة العجوز لم تطبّق بعد قرار حظر المشتقات النفطية الروسية، فإن أزمة الديزل تفاقمت في أوروبا، ومن المتوقع أن تزداد سوءًا خلال الشهور المقبلة. فقد أدت العديد من العوامل إلى زيادة الأزمة، أهمهما إضراب العمال في المصافي الفرنسية، وبدء عمليات الصيانة لمنشآت معالجة النفط في جميع أنحاء أوروبا. وفي ظل التطورات الحاصلة، تستغل المصافي في آسيا والشرق الأوسط معاناة المنطقة من أزمة غير مسبوقة لتكثيف شحنات الديزل إلى أوروبا، حسب وكالة بلومبرغ. واقتربت الصادرات من آسيا إلى أوروبا لأعلى مستوياتها في 3 سنوات خلال شهر سبتمبر/أيلول (2022)، عند 306 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات شركة تتبّع الشحنات فورتكسا -واطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة-.

الاعتماد على الواردات من آسيا والشرق الأوسط
قالت كبيرة المحللين في شركة فورتكسا بآسيا سيرينا هوانغ، إنه من المرجح استمرار اعتماد المنطقة على إمدادات آسيا والشرق الأوسط مع استمرار انخفاض المخزونات واقتراب فصل الشتاء. ومن المتوقع -أيضًا- أن تزداد تدفقات الديزل من المصنّعين في الشرق الأوسط خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022) الجاري. وتتفاقم أزمة الديزل في أوروبا مع استمرار الإضرابات وانقطاع الإمدادات وانخفاض المخزونات، بالإضافة إلى استعداد الاتحاد الأوروبي لوقف التدفقات من روسيا بعد غزوها لأوكرانيا. في الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة نقصًا في الإمدادات، مما يعزز الطلب العالمي. كما أدت المنافسة القوية إلى زيادة العلاوة التي تفرضها أسعار الديزل في أوروبا على أسعار آسيا، وحثّ ذلك المصافي الآسيوية على شحن المزيد من الوقود للاستفادة من الفارق.

مزيد من التقلبات
ترى المحللة في شركة فاكتس غلوبال إنرجي، ياون لو، أن أسواق الديزل العالمية ستواجه المزيد من التقلبات، حتى مع تهدئة إضرابات المصافي في فرنسا. وسلّطت الضوء على عدم اليقين المحيط بالأحجام من الصين، على الرغم من تسليم المصنّعين حصص تصدير إضافية. وقالت، إنه من المرجح أن تظل الأرباح من إنتاج الوقود قوية، مع استمرار تدفّق الإمدادات من آسيا إلى حوض المحيط الأطلسي. ومن المحتمل -أيضًا- أن تتفاقم أزمة الديزل في أوروبا مع اقتراب حظر واردات الوقود الروسي في مطلع فبراير/شباط (2022)، وقد تتقلص المخزونات في شمال غرب أوروبا، لتسجل أدنى مستوياتها، وفقًا لشركة وود ماكنزي للاستشارات. واتّسعت المقايضات للشهر الأمامي بين الشرق والغرب إلى 60.50 دولارًا للطن اليوم الخميس 20 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، وفقًا لبيانات شركة بي في إم أويل غلوبال. ووصل الفارق، الذي بلغ متوسطه 7.40 دولارًا للطن في عام 2021، قرابة 100 دولار خلال شهر مارس/آذار (2022)، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وقف الإمدادات
أدى العديد من العوامل إلى تفاقم أزمة الديزل في أوروبا، كان في مقدّمتها خضوع مصافي التكرير الرئيسة في جميع أنحاء أوروبا لأعمال الصيانة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022)، لرفع إجمالي طاقتها الإنتاجية إلى 1.5 مليون برميل يوميًا. كما أدت إضرابات العمال في فرنسا -بسبب خلاف حول الأجور- إلى توقّف الإمدادات، وأدى ذلك إلى فَقْد المصافي أكثر من 50% من طاقتها التكريرية. وأثارت هذه التطورات قلق تجّار الديزل والمشتقات الأخرى في أوروبا، إذ يرون أن عدم وجود توقيت محدد لعودة هذه الكميات سيزيد من تفاقم الأوضاع في السوق قبل حظر الاتحاد الأوروبي المشتقات الروسية في مطلع العام المقبل (2023). وتوقّع المحلل في وود ماكنزي مارك ويليامز ارتفاع الأسعار بدءًا من منتصف يناير/كانون الثاني، وربما فبراير/شباط (2023)، لكن قد تشهد ارتفاعًا في وقت مبكر، مع انتشار حالة من الذعر في الأسواق. وما تزال أوروبا تستورد الكثير من الديزل الروسي، وتدفع مبالغ طائلة أكثر مما دفعته مقابل الإمدادات في مايو/أيار (2022)، لكنها تتطلع إلى استيراد المزيد من آسيا والشرق الأوسط.

باكستان ستريم.. مسار جديد لدعم صادرات الغاز الروسي إلى آسيا

يعدّ خط أنابيب “باكستان ستريم” أحد المشروعات الهادفة إلى دعم صادرات الغاز الروسي باتجاه الدول الآسيوية. وفي هذا الإطار، أعرب سفير باكستان في روسيا، شوكت علي خان، عن أمل بلاده أن يبدأ بناء خط أنابيب الغاز الذي يربط إسلام آباد بموسكو خلال العام المقبل (2023). بدأ الغاز الروسي خلال المدة الأخيرة البحث عن جهات جديدة في أعقاب عزم دول الاتحاد الأوروبي تنويع الإمدادات بعيدًا عن موسكو في أعقاب عزو أوكرانيا، وعدم السماح بالضخ في نورد ستريم 2 الذي تمّ قبل نحو عام.

إمدادات الغاز الروسي
أكد الدبلوماسي الباكستاني اهتمام بلاده بإمدادات الغاز الطبيعي المسال من روسيا، متوقعًا أن يربط خط أنابيب الغاز “لباكستان ستريم” البنية التحتية لمحطات الغاز المسال في مواني كراتشي وغوادار في جنوب باكستان بالمحطات الكهربائية والمنشآت الصناعية في منطقة البنغاب شمال البلاد.

ومن المتوقع أن يتجاوز طول خط الأنابيب “باكستان ستريم” للمشروع نحو 1.1 ألف كيلومتر، وستبلغ قدرته ما يصل إلى 12.3 مليار متر مكعب سنويًا. وتمتلك روسيا عدّة خطوط لتصدير الغاز إلى أوروبا، من بينها نورد ستريم 1، و2، وشبكة خطوط أنابيب عبر أوكرانيا، إضافة إلى خط يامال أوروبا، وترك ستريم وبلو ستريم، إذ كانت تزوّد القارة العجوز بنحو 40% من احتياجاتها.

وأعادت روسيا خلال المدة الماضية إحياء عدد من مشروعات خطوط الغاز مع دول آسيا، وفي مقدّمتها الصين، التي وقّعت معها اتفاقية طويلة الأجل في فبراير/شباط الماضي، لمدة 30 عامًا، تتضمن إنشاء خط جديد للغاز. كان عملاق الغاز الروسي غازبروم قد بدأ دراسة للجدوى في 2020 لمشروع خط الأنابيب “باور أوف سيبريا-2″، الذي سيضخ ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا إلى الصين عبر منغوليا.

الاتفاق مع باكستان
وُقِّعَت الاتفاقية بين حكومتي روسيا وباكستان بشأن تنفيذ مشروع بناء خط أنابيب الغاز “باكستان ستريم” في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، وتقضي الوثيقة باستخدام المواد والتكنولوجيات والخدمات الروسية، إلّا أن الإطار الزمني لتنفيذ المشروع مُدِّدَ عدّة مرات. وفي 28 مايو/أيار 2021، وقّع وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف، وسفير باكستان في روسيا، وثيقة تتيح بدء تنفيذ مشروع إنشاء خط أنابيب “باكستان ستريم” في المستقبل القريب.

شدد السفير الباكستاني على أن بلاده تَعُدّ المشروع إستراتيجيًا، ومن حيث الإرادة السياسية للأحزاب لا توجد عقبات أمام تنفيذه، حسبما ذكرت وكالة تاس الروسية. وأوضح أن العقبات التي قد تواجه المشروع مسائل إجرائية وقانونية ومالية وليست حرجة، إذ إن الأساس هو كون مشروع “باكستان ستريم” لا يزال على المسار الصحيح من حيث الإرادة السياسية للحكومتين.

بناء أطول إطار للمياه العميقة في آسيا لدعم إنتاج النفط والغاز

تستعد الصين لتشغيل “هايجي وان”، وهو أطول إطار للمياه العميقة في آسيا، خلال النصف الثاني من العام الجاري (2022)، بهدف دعم إنتاج النفط والغاز في البلاد.

وتسعى أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، إلى تعزيز إنتاجها المحلي من الخام لتقليص الاعتماد على الواردات الخارجية في ظل ضيق إمدادات سوق الطاقة العالمية، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ودخل أطول إطار للمياه العميقة في آسيا، بطول 300 متر في المياه العميقة التي تقع في مصب نهر اللؤلؤ مرحلة ما قبل الإنتاج، بعد الانتهاء من تركيب وتشغيل جميع الأجهزة فوق الماء وتحته يوم الجمعة 15 يوليو/تموز (2022)، بحسب منصة غلوبال تايمز.

أطول إطار للمياه العميقة في آسيا
يعمل هذا الإطار باعتباره أساسًا لدعم الوزن الضخم لمنصات النفط والغاز البحرية، وهي التقنية الأكثر استخدامًا على مستوى العالم في معدات التنقيب البحرية. ويمثل الانتهاء من “هايجي وان”، إنجازًا كبيرًا في تكنولوجيا معدات منصات رفع القنوات الكبيرة جدًا في المياه العميقة بالصين، حسبما ذكر تلفزيون الصين المركزي.

وبلغ طول إطار المياه العميقة -الذي صُمِّمَ وصُنِّعَ بشكل مستقل من قِبل فريق صيني في الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري (سينوك)- 340.5 مترًا، ويزن أكثر من 40 ألف طن، ويأتي في قائمة الـ10 الأوائل من نوعها في جميع أنحاء العالم.

ونشرت الصين أطول إطار للمياه العميقة في آسيا بنجاح في الماء؛ حيث تمركز بدقة في الجزء الشرقي من بحر الصين الجنوبي في أبريل/نيسان الماضي. ويعمل هايجي وان باعتباره قاعدة تمسك بمنصة حفر نفطية بحرية ضخمة، ومن المتوقع أن يساعد في زيادة إنتاج النفط والغاز البحري.

وارتفع إنتاج النفط الخام في بكين خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري بنسبة 4% مقارنة بالعام السابق إلى 102.88 مليون طن (4.15 مليون برميل يوميًا)، وقفز إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 4.9% منذ بداية العام الجاري (2022).

مراحل بناء هايجي وان
قال نائب المدير العام لشركة سينوك، يوان واي: “استغرقت عملية بناء أطول إطار في المياه العميقة في آسيا، أكثر من 28 شهرًا، لإكمال بناء وتركيب المرافق الأساسية مثل إطار قناة يبلغ وزنه 30 ألف طن، و8 هياكل فوقية، و25.6 كيلومترًا من خطوط الأنابيب تحت سطح البحر، مع مشاركة أكثر من ألف شخص في أوقات الذروة”.

ومن المتوقع تشغيل هايجي وان، في النصف الثاني من العام الجاري، لخدمة منصة حقل النفط (لوفينع 15-1)، الواقعة في بحر الصين الجنوبي، التي من المتوقع أن تصل ذروة إنتاجها اليومي من النفط إلى 6500 طن عندما تعمل بكامل طاقتها.

ويمثل هايجي وان زخمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة خليج قوانغدونغ، وهونغ كونغ. وباعتباره إنجازًا كبيرًا في تصميم السترات وعلامة فارقة في بناء منصة نفط وغاز بحرية كبيرة جدًا في الصين، ستعمل هايجي وان على تحسين إمدادات الوقود في البلاد وضمان أمن الطاقة.

وفي نهاية يونيو/حزيران الماضي، افتتحت الصين أول مصنع ذكي لإنتاج معدّات استخراج النفط والغاز في الحقول البحرية، يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتقنية “5 جي”، إضافة إلى مجموعة أخرى من التقنيات. وبحلول عام 2030، تتوقع شركة سينوك أن يبلغ الإنتاج المحلي من النفط الخام 60 مليون طن، بينما سيصل إنتاج الغاز الطبيعي إلى 40 مليار متر مكعب بحلول عام 2035.

ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال يضع المشترين الآسيويين في أزمة

توقف مستوردو الغاز الطبيعي المسال في آسيا عن شراء شحنات إضافية، بعد أن ارتفعت الأسعار الفورية نحو 40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر.

وأبدى بعض المشترين الآسيويين عدم رغبتهم أو عدم قدرتهم على شراء الغاز المسال بالأسعار الفورية الحالية، وبدلًا من ذلك يختارون الانتظار حتى تنخفض الأسعار قبل إعادة ملء المخزونات. ويخشى التجار أن تحل أوروبا محل الإمدادات المفقودة بشحنات الغاز الطبيعي المسال الفورية، ما يترك وقودًا أقل لآسيا، حسبما نقلت وكالة بلومبرغ.

يأتي ذلك في الوقت الذي تتوقع فيه دول أوروبا احتمالية توقف الغاز الروسي، فضلًا عن إغلاق محطة رئيسة للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة لعدة أشهر بعد اندلاع حريق، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

مشترو الغاز المسال في آسيا
من المؤكد أن هناك مستوردين آسيويين -مثل المرافق اليابانية أو البيوت التجارية- ليس لديهم خيار آخر سوى شراء شحنات الغاز المسال الفورية بالمعدلات الحالية، إذ لديهم محطات توليد الكهرباء أو العملاء المحليون الذين يحتاجون إلى الوقود، ولا توجد بدائل.

إلا أن احتدام المنافسة العالمية على كمية متضائلة من الغاز الطبيعي المسال المتاح خلال بقية العام، يُعد تهديدًا بدفع الأسعار إلى أعلى وزيادة فواتير الكهرباء. وقد يؤدي التوقف المؤقت في عمليات الشراء الفورية من المشترين ذوي الحساسية للسعر في آسيا -مثل الهند- إلى توفير بعض الراحة للسوق.

من جانبها، خفّضت الصين -أكبر مستورد للغاز المسال في العالم في عام 2021- عمليات الشراء الفورية هذا العام بعد خفض الاستخدام نتيجة القيود المفروضة بسبب جائحة فيروس كورونا. وبينما يتعافى الطلب بحلول الشتاء، لا يرغب مستوردو الغاز الطبيعي المسال في الصين في شراء شحنات فورية بالأسعار الحالية، لأنهم سيتكبدون خسارة عندما يُباع الوقود في سوق الغاز المحلية التي تُعد أرخص ثمنًا بكثير.

وفي الوقت نفسه، طرحت باكستان مناقصة لشراء 4 شحنات من الغاز الطبيعي المسال لتسليمها في يوليو/تموز للمساعدة في تخفيف نقص الوقود المحلي وانقطاع التيار الكهربائي. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت الدولة التي تعاني ضائقة مالية ستكون قادرة على شراء الشحنات بهذه الأسعار الفورية المرتفعة، حسبما صرح تجار.

أسعار الغاز الطبيعي المسال
ارتفع مؤشر اليابان وكوريا -المؤشر الفوري للغاز الطبيعي المسال لشمال آسيا- بنسبة 33% إلى 38.58 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية يوم الخميس، وهو أعلى مستوى منذ أوائل مارس/آذار، وفقًا لتقييم إس آند بي غلوبال اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

يعكس الارتفاع الأخير في الأسعار تأثير قطع إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية، ما يزيد من المخاوف من مزيد من تقليص الإمدادات في السوق، التي تُعد متقلبة للغاية وتتصارع مع تأثير انقطاع الغاز الطبيعي المسال في فريبورت. وقالت شركة غازبروم الروسية إن تدفقات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب نورد ستريم إلى ألمانيا ستقتصر على 67 مليون متر مكعب يوميًا حدًا أقصى بسبب مشكلات الصيانة، بعد انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا بنسبة 15%.

وعقب اندلاع حريق في 8 يونيو/حزيران، كان من المقرر أن يستمر توقف محطة فريبورت للغاز المسال في البداية 3 أسابيع على الأقل. إلا أن الشركة المشغلة قالت إن العودة إلى العمليات الكاملة غير متوقعة حتى أواخر عام 2022، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال.