الاتحاد الأوروبي يتجه إلى التخلي عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي

يسعى الاتحاد الأوروبي لتصدر مشهد الإنجازات العالمية حيال الخطط المناخية المستهدفة، وكان حظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي الجديدة بدءًا من منتصف العقد المقبل (2035) أحدث الأدوات التي يعتمد عليها الاتحاد لاستعراض جهوده في مجال تحوّل الطاقة أمام قمة المناخ كوب 27 المرتقبة في مصر. وتُجرى في الآونة الحالية مشاورات على مستوى دول الاتحاد والبرلمان الأوروبي، تمهيدًا لإقرار الحظر رسميًا حال التوصل إلى اتفاق. ومن شأن تلك الخطوة الإسهام بنفي ما أُثير حول تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا في خط الاتحاد الخضراء، وفق ما أوردته وكالة بلومبرغ اليوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول. ويتوافق حظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي مع اتجاه الدول الأوروبية، لخفض اعتمادها على الغاز الروسي والتوجه بمعدلات أكبر ووتيرة أسرع تجاه الطاقة النظيفة وأبرز أدواتها “التنقل الكهربائي”، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

اتفاق حظر المبيعات
يشكّل اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على قرار حظر مبيعات سيارات محرك الاحتراق الداخلي -بدءًا من عام 2035- وإقرار البرلمان له انتصارًا للمقترح الذي طُرح قبل ما يزيد على عام ضمن خطة إصلاحات “خضراء” تبناها الاتحاد. ومن جانب آخر، يكشف القرار -الذي يعزّز الاتجاه نحو توسعات النقل النظيف- عن قدرة الاتحاد على تجاوز تعطيل الغزو الروسي لأوكرانيا لخطط تحول الطاقة وعودة بعض دوله إلى استخدام الوقود الأحفوري. وأكد عضو البرلمان الأوروبي بلجنة البيئة جان هويتيما، أن الاتفاق الذي يقر خفض الانبعاثات بنحو 55% نهاية العقد الجاري في (2030) وحظر مبيعات السيارات المسببة للانبعاثات بداية من (2035) يتجه إلى الحسم اليوم الخميس. وأوضح هويتيما أن التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في الاتحاد على حظر مبيعات تلك السيارات يعكس قابلية تنفيذ الحظر، وفق المدة الزمنية المستهدفة، ووصف تلك الخطوة بأنها بداية لتحول كبير للاتحاد نحو خططه المناخية. وقال إن التحول الكامل حيال النقل النظيف والسيارات العاملة بالكهرباء هو الخيار الأفضل للتخلص من الوقود الأحفوري بصورة نهائية.

خطوة مناخية قبل كوب 27
يُعَد قرار حظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي بين دول الاتحاد الأوروبي أداة قوية تعزّز خططه الخضراء وقيادته لانتقال الطاقة قبيل قمة المناخ كوب 27 المرتقبة في مصر. وأوضح عضو البرلمان الأوروبي في لجنة البيئة جان هويتيما، أن قرار حظر سيارات محرك الاحتراق الداخلي يُعد أولى خطوات الاتحاد تحت مظلة الخطط الخضراء المعلنة من قبل، وحملت اسم “فيت فور 55” بغرض خفض نسبة إطلاق غازات الاحتباس الحراري في دول الاتحاد -خلال العقد الجاري حتى عام (2030) – بمعدل يصل إلى 55%. وتشهد المشاورات بين الاتحاد الأوروبي من جهة والبرلمان من جهة أخرى خلافًا حول موقف السيارات العاملة بالوقود المحايد للكربون وتسجيلها بعد بدء تنفيذ الحظر عام 2035، إذ لقي المقترح ترحيبًا من الاتحاد والمفوضية -الذراع التنفيذية له- في حين يرفضه أعضاء البرلمان. ورغم الخلاف حول السيارات المحايدة للكربون (لم تُحدد نوع وقودها) كانت نقطتا حظر سيارات محرك الاحتراق الداخلي، وإمهال شركات تصنيع السيارات المُنتجة لعدد وحدات منخفض مدة إضافية قبل دخولها ضمن حيز تنفيذ القرار ومن ضمنها شركة أوتومبيلي لامبورغيني الإيطالية – محل اتفاق.

أزمة الوقود
يسمح تطبيق حظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي بإنقاذ دول الاتحاد من أزمة الوقود التي خلّفها الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 8 أشهر، وضربت عددًا من دول الاتحاد أبرزها فرنسا. وخلال الأشهر الأخيرة، وصل الطلب على البنزين ذروته جنبًا إلى جنب مع محاولات شركات تصنيع السيارات الكهربائية المضي قدمًا في خطط التحول بقطاع النقل. ومن زاوية أخرى، قالت مؤسسة وود ماكينزي للاستشارات إن قطاع النقل يُعَد مُسهمًا رئيسًا في غازات الاحتباس الحراري وأحد أبرز القطاعات المسببة له لا سيما السيارات والشاحنات صغيرة الحجم، وفق تقرير لها اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة ونشرته في وقت سابق. ورغم ذلك، قلّل التقرير من تأثير توسعات السيارات الكهربائية في تغير المناخ بالنظر إلى عقبة محطات الشحن. وأوضح أن عملية الاتجاه الأوروبي نحو تلك التوسعات تتسم بالبطء، إذ تُقدّر التسجيلات الجديدة من السيارات الكهربائية في دول القارة العجوز 8% من إجمالي التسجيلات.

انفراجة بأزمة الوقود في فرنسا.. ورئيس توتال يرد على زيادة راتبه 52%

شهدت أزمة الوقود في فرنسا انفراجة مهمة، فيما يتعلق بمواقع شركة توتال إنرجي، إذ قرر العمال في مصفاة دونج إنهاء إضرابهم، اليوم الأربعاء (19 أكتوبر/تشرين الأول). إلا أن عمالًا آخرين واصلوا إضرابهم في 3 مصافٍ فرنسية أخرى تابعة لشركة توتال إنرجي -لاميد وفيزين ونورماندي-، وكذلك في موقع تخزين الوقود في دونكيرك، بحسب ما نقلته وكالة رويترز. وفي هذا الإطار، أكد الوزراء في الحكومة الفرنسية أن عودة إمدادات الوقود إلى محطات الخدمة بصورة طبيعية باتت وشيكة، وفق التصريحات التي رصدّتها منصة الطاقة المتخصصة.

تحسُّن أزمة الوقود في فرنسا
تعرّضت مواقع توتال إنرجي في فرنسا للإضراب لمدّة شهر تقريبًا، إذ يسعى العمال إلى زيادات أعلى في الرواتب، يقولون إنها ستعكس بصورة أفضل ارتفاع التضخم. وعطّلت الاحتجاجات إمداد محطات الوقود بالبنزين، ما أدى إلى اصطفاف طوابير طويلة من سائقي السيارات لملء خزاناتهم، فضلًا عن إثارة غضب المواطنين، وفق مانقلته قناة “تي إف 1” الفرنسية (TF1). وشدد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير، على أن الحكومة تبذل “أقصى ما في وسعها لضمان انطلاق الإجازات في أفضل الظروف الممكنة”، وفق تصريحات لقناة “بي إف إم” الفرنسية. وقد انخفض عدد محطات الخدمة التي تواجه صعوبة في ضمان إمدادات الوقود إلى 20.3% بعد ظهر يوم الأربعاء في فرنسا، مقابل 24.8% يوم الثلاثاء، بحسب وزارة انتقال الطاقة. وتعليقًا على تطورات أزمة الوقود في فرنسا، أكدت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن -عقب هذه النتائج- أن الوضع “يستمر في التحسن بصفة ملحوظة”. وأضافت: “أعلم أن الوضع لا يزال صعبًا بالنسبة إلى العديد من مواطنينا.. أريد أن أدعو مرة أخرى الموظفين المضربين إلى العودة للعمل”.

جهود حكومية مستمرة
من جانبه، صرّح المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران -في وقت سابق- بأن عدد محطات البنزين التي تواجه مشكلات في الإمداد بسبب الإضراب انخفض الآن إلى 21%، مقابل 25% تقريبًا خلال نهاية الأسبوع. وقال فيران للصحفيين -بعد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء-: “نبذل قصارى جهدنا للعودة إلى الوضع الطبيعي. إن الطريقة التي تتطور بها الأمور في الأيام الماضية تشير إلى أن ذلك قد يحدث قريبًا”. كما أشارت وزيرة الطاقة أنييس بانييه-روناشيه إلى بوادر تحسّن عام في إمدادات البنزين لمحطات الخدمة في البلاد، لكنها قالت إن الوضع في منطقة باريس وإيل دو فرانس لا يزال صعبًا. وقالت -في تصريحات إلى الإذاعة الفرنسية-: “نبذل قصارى جهدنا لضمان تحسّن الوضع”، وفق ما نقلته رويترز. كما أكد المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران -في ختام اجتماع مجلس الوزراء- أن 10 موظفين عادوا إلى العمل قسريًا صباح اليوم، بالإضافة إلى 10 آخرين بعد ظهر اليوم. وقال: “نحن نراقب الوضع ساعة بساعة، للتأكد من أن إعادة التزود بالوقود في المحطات تجري بأسرع ما يمكن”. وتابع: “نبذل قصارى جهدنا لإعادة الوضع إلى طبيعته، والتطورات في الأيام القليلة الماضية تقودنا إلى الاعتقاد بأن هذا سيكون الحال قريبًا”، بحسب ما نقلته قناة “تي إف 1”.

رئيس توتال: راتبي ثابت منذ 2017
شدد المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران على أن الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، باتريك بويانيه، يجب أن يكون “منتبهًا للغاية” إلى “الرسالة” التي يبعث بها إلى الرأي العام بشأن راتبه، وحثه على العمل “بجد” لحل الصراع الاجتماعي في مجموعته. كان بويانيه قد كتب -في تغريدة على حسابه على “تويتر”-: “لقد سئمت من هذا الاتهام بأنني رفعت راتبي بنسبة 52%”. واستعرض بويانيه التطور الحقيقي لراتبه -الذي يصل إلى 6 ملايين يورو- منذ عام 2017، مؤكدًا أنه “ظل ثابتًا باستثناء عام 2020، لأنه قطع راتبه طواعيةً، وانخفض الجزء المتغير من راتبه عادةً مع نتائج توتال إنرجي”. وأضاف: “لست من يحدد راتبي، ولكن مجلس إدارة توتال إنرجي هو الذي حدده، والمساهمون وافقوا عليه.. إنه بالتأكيد مرتفع ولكنه أقل بكثير من نظرائي الأوروبيين والأميركيين”.

الإضراب يعطّل المفاعلات النووية
في سياقٍ متصل، تأثرت شركة كهرباء فرنسا “إي دي إف” -التي تعكف الحكومة الفرنسية على تأميمها بالكامل- جراء الإضراب في مفاعلاتها النووية. وقد حذّرت شركة “آر تي إي” المشغلة للشبكة الوطنية الفرنسية أمس الثلاثاء من أن تلك الإضرابات المطولة لدى “إي دي إف” قد تكون لها “عواقب وخيمة” على إمدادات الكهرباء في البلاد خلال الشتاء المقبل. وقالت وزيرة الطاقة بانييه-روناشيه إن “إي دي إف” تواصل محادثاتها مع نقابات العمال لمحاولة حل هذا الخلاف.ُ ذكر أن نحو ثلث المفاعلات النووية في فرنسا تضرّر بسبب الإضراب العمالي، ما أدى إلى تأخير الصيانة في العديد منها في الوقت الذي تسارع فيه “إي دي إف” لإعادة ما يكفي من أسطولها للعمل استعدادًا لفصل الشتاء. وأوضحت الشركة الفرنسية أن نحو 16.3% من إجمالي القوة العاملة انضموا إلى الإضراب الوطني، بحسب ما أوردته وكالة رويترز. كما صرّحت ممثلة الاتحاد العام للعمل، فيرجيني نيوماير، بأن 20 مفاعلًا من إجمالي 56 مفاعلًا تأثرت بالإضراب، ما أسفر عن تأخر جدول الصيانة الخاص بـ17 مفاعلًا.