توسيع خط أنابيب الغاز بين فرنسا وإسبانيا يتصدر أولويات شركات الطاقة

تعكف شركات الغاز الأوروبية للبحث عن حلول سريعة لضمان الإمدادات للقارة العجوز، من بينها خط أنابيب الغاز بين فرنسا وإسبانيا، قبل أن يحل موسم الشتاء، إذ تتنبأ التوقعات بعواقب وخيمة ستلحق بأوروبا بعد وقف روسيا خط أنابيب نورد ستريم 1، وموافقة الاتحاد الأوروبي على حظر النفط الروسي قبل نهاية العام الجاري (2022).

وفي ضوء ذلك، قالت شركة “إناغاز” -مشغل شبكة الغاز الإسبانية-، اليوم الخميس 15 سبتمبر/أيلول (2022)، إنها تعمل على قدم وساق مع نظيرتها الفرنسية تيريغا لزيادة قدرة خط الأنابيب العابر للحدود، حسب وكالة رويترز. وهناك خطان للأنابيب بين فرنسا وإسبانيا بقدرة إجمالية لنقل 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا، أي ما يعادل 7 ناقلات للغاز المسال شهريًا، ويُجرى البحث في تنفيذ ربط ثالث، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تعزيز إمدادات خط أنابيب الغاز
قالت شركة إناغاز إن سعة خط أنابيب الغاز الذي يبدأ من بلدة إرون في شمال إسبانيا عبر سلسلة جبال البرانس يمكن تعزيزه بمقدار 1.5 مليار متر مكعب أخرى بعد عام من التحسينات؛ لذا تُجري أعمالًا فنية طارئة لزيادة الاستفادة من ضاغطي المحرك. وتسعى أوروبا جاهدة لتنويع مصادر الطاقة بعدما تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في تفاقم أزمة الطاقة بالقارة.

كما تتعرض بعض الدول لمشكلات غير متوقعة، مثل فرنسا التي كانت تُعَد أكبر مصدر للكهرباء في القارة، إذ تواجه أزمة مع توقف محطات الطاقة النووية، وربما لا تستطيع مساعدة جيرانها الأوروبيين ومدهم بالكهرباء اللازمة خلال فصل الشتاء، بل إنها قد تضطر إلى تقنين استهلاك الكهرباء لتلبية احتياجاتها.

بينما تمتلك إسبانيا والبرتغال 7 محطات للغاز المسال، ويمكنهما المساعدة في تعزيز الإمدادات إلى أوروبا الوسطى في حالة بناء خطوط أنابيب إضافية. واستُؤنفت المحادثات المتعلقة بمشروع إسباني-فرنسي يُعرف بـ”ميدكات”، إلا أن فرنسا تعارض هذا المشروع، بحجة أن خطي الأنابيب الحاليين غير مستغلين بالقدر الكافي، إذ تتجه التدفقات بصورة رئيسة نحو إسبانيا.

وأُطلق مشروع ميدكات في عام 2013، وكان من المتوقع أن يتصل بخط أنابيب الغاز الإسباني بشمال برشلونة، لكن توقف المشروع في عام 2019 لأسباب تتعلق بالبيئة والتكلفة. ويُعتقد أن يسمح هذا المشروع بتعزيز استيراد الغاز الجزائري إلى شمال أوروبا.

خط أنابيب مقترح
في الوقت نفسه، ناقش الاتحاد الأوروبي خلال مباحثاته مطلع الشهر الجاري (سبتمبر/أيلول) مدى إمكان إنشاء خط أنابيب غاز بين إسبانيا وفرنسا. وقال مفوض شؤون السوق الداخلية تييري بريتون إن خط أنابيب الغاز المقترح الذي يربط بين إسبانيا وفرنسا قد لا يكون ذا جدوى اقتصادية.

وهو ما أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويرى أنه من غير الضروري إنشاء خط أنابيب جديد، ويتعيّن استخدام خطي الأنابيب الحاليين بكامل طاقتهما. وفي أغسطس/آب (2022)، ناقش المستشار الألماني أولاف شولتس فكرة تطوير خط أنابيب الغاز لربط البرتغال وإسبانيا وأوروبا الوسطى عبر فرنسا، موضحًا أنه يؤيّد المقترح.

ولا تعتمد إسبانيا على الغاز الروسي بدرجة كبيرة، لكنها تمتلك 6 محطات للغاز المسال، وتقع على طريق خطوط الأنابيب الذي يربط بين شمال أفريقيا وأوروبا. ومع ذلك، لا توجد هناك خطوط أنابيب تربط بين إسبانيا والدول الأوروبية الأخرى؛ ما يحدّ من حصول أوروبا على الغاز المسال. وصرّحت وزارة انتقال الطاقة الفرنسية بأن تطوير محطات الغاز المسال الجديدة في شمال وشرق أوروبا ستكون خيارًا أفضل لتهدئة أزمة الغاز الأوروبية بدلًا من تطوير خط أنابيب غاز جديد من إسبانيا إلى فرنسا.

وترى الوزارة أن خط أنابيب الغاز الجديد بين إسبانيا وفرنسا سيستغرق سنوات لتشغيله، وسيكلف 3 مليارات دولار على الأقل. على الجانب الآخر، تفاقمت أزمة الغاز الأوروبية منذ مطلع الشهر الجاري (سبتمبر/أيلول) بعدما قالت روسيا إن إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 إلى ألمانيا ستظل معلقة حتى ترفع الدول الغربية العقوبات عن موسكو، لا سيما أنها تعوق إصلاح التوربينات. وصعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حدة الأزمة عندما أعلن أن موسكو ستتوقف عن مدّ أوروبا بمختلف مصادر الطاقة إذا فرض الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه سقفًا سعريًا على النفط والغاز الروسيين.