صادرات الكهرباء السويدية إلى أوروبا وألمانيا ترفع الأسعار المحلية

تحتل إمدادات الكهرباء السويدية الصدارة في أوروبا، غير أن تلك الصدارة باتت مهددة بارتفاع أسعار الإمدادات المحلية، التي أثرت في الأسر والشركات.

وتشق إمدادات الكهرباء طريقها من السويد إلى ألمانيا -أكبر الاقتصادات الأوروبية- عبر خط نقل بحري تابع لشركة “بلطيق كابل” النرويجية بالكامل، بحسب صحيفة تيلر ريبورت. ورغم التأثير المحلي السلبي لارتفاع أسعار الكهرباء فإن زيادة الصادرات أنعشت خزينة الشركة النرويجية بعائدات ضخمة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

لماذا ترتفع الأسعار محليًا؟
تُعَد السويد أكبر مُصدِّر صافٍ للكهرباء إلى أوروبا خاصة ألمانيا، وتُنقل الإمدادات عبر خط النقل البحري التابع لشركة “بلطيق كابل” النرويجية. وبلغت عائدات صادرات الكهرباء السويدية إلى ألمانيا عبر الشركة النرويجية “بلطيق كابل” 3 ملايين كرونة العام الجاري (2022)، وحققت شركة النقل المملوكة بالكامل للنرويج أقصى استفادة من ارتفاع الأسعار.

وارتفعت أسعار الكهرباء السويدية على الصعيد المحلي، نظرًا إلى عوامل عدة، فمن جهة انخفض إنتاج الكهرباء من مناطق الجنوب ومن جهة أخرى واجهت سعة النقل من الشمال قيودًا. ومن ضمن العوامل الخارجية التي أدت إلى زيادة أسعار الكهرباء السويدية على الصعيد المحلي زيادة معدل الصادرات إلى أوروبا وبصفة خاصة ألمانيا. يأتي هذا، في حين تسجل أسعار الكهرباء في المنطقة الـ4 بجنوب السويد الأعلى بين المستهلكين الذي تضرروا بشدة سواء على مستوى الأسر أو الشركات.

زيادة العائدات
ارتفعت عائدات الشركة النرويجية “بلطيق كابل” بما يُسمى “عائدات الاختناقات”، وهو مصطلح عادة ما يشير إلى وجود فارق في أسعار الكهرباء بين المناطق المُصدّرة والمستوردة، ويتم ذلك عن طريق علاقة طردية، إذ تزيد العائدات كلما زاد الفارق بين أسعار الطرفين.

وزوّدت الكهرباء السويدية ألمانيا بنحو 2 تيراواط/ساعة خلال المدة من يناير/كانون الثاني مطلع العام الجاري (2022) حتى يوليو/تموز، ما يعادل إمدادات الكهرباء لتزويد المناطق السكنية في مدينة سكانيا السويدية خلال عام.

ودفعت الاختناقات نحو زيادة عائدات الشركة النرويجية “بلطيق كابل” المملوكة بالكامل لشركة الطاقة التابعة للحكومة النرويجية “ستيت كرافت” بنحو 800 مليون كرونة سويدية العام الماضي (2021).

وعلى الصعيد المحلي، دفعت أسعار الكهرباء السويدية المرتفعة والمتوقع ارتفاعها إلى مستويات أعلى خلال فصل الشتاء المقبل نحو إقدام الحكومة على إعلان خطة لدعم الشركات التي تسمح لعملائها بسداد الفواتير في صورة أقساط.

وتسمح تلك الخطة للمرافق بالاقتراض والسماح للمستهلكين بمدد سداد أطول، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة ونشرته في وقت سابق.

دعم حكومي
تسعى الحكومة السويدية لتقديم الدعم المتواصل إلى الشركات والأسر، واستبقت مقترحها الأخير باقتراح آخر يسمح بمنح تلك الكيانات ما مقداره 90 مليار كرونة سويدية، لتعويض فارق تكلفة الطاقة وأسعار الكهرباء المرتفعة.

وفي وقت سابق من شهر سبتمبر/أيلول الجاري أعلنت الحكومة عزمها تقديم حزمة دعم إلى شركات الطاقة في صورة ضمانات تُقدّر بنحو 250 مليار كرونة، وتستمر حتى مارس/آذار العام المقبل، لمواجهة نقص الإمدادات وارتفاع أسعارها.

وقدّرت شركة الكهرباء السويدية “غود إل” أن تكلفة أسعار الكهرباء قد ترتفع إلى 1581 دولارًا أميركيًا شهريًا لوحدة تستهلك 20 ألف كيلوواط/ساعة سنويًا، بما يزيد بنحو 1200 دولار عن الشهر ذاته العام الماضي (2021).

وبنظرة عامة، تشير توقعات المحللين إلى مواجهة الدول الأوروبية شتاء يشهد زيادة في الطلب على الكهرباء والتدفئة لا سيما مع خلوه من إمدادات الغاز الروسي. وزادت تلك التوقعات عقب المناوشات التي شهدها خط أنابيب نورد ستريم 1 (المسار الرئيس لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا)، التي بدأت بخفض التدفقات ثم تعليقها، وصولًا إلى إغلاق الخط لأجل غير مسمى.

تراجع صادرات الغاز الطبيعي النرويجي يضع أوروبا في أزمة قبل الشتاء

تتجه الأوضاع في أوروبا من سيئ إلى أسوأ، وأصبحت تقف على شفا الهاوية بعد إعلان النرويج انخفاض صادرات الغاز الطبيعي للقارة العجوز؛ استعدادًا لإجراء عمليات صيانة مكثفة. ومن المتوقع أن تسفر عمليات الصيانة عن انخفاض صادرات الغاز، في سبتمبر/أيلول (2022)؛ إذ حاولت أوسلو، في وقت سابق، تأجيل عمليات الصيانة لتعويض الدول الأوروبية عن الإمدادات الروسية، حسب وكالة رويترز.

في الوقت نفسه، سبق أن أعلنت روسيا توقف إمدادات الغاز الطبيعي بالكامل بواسطة خط أنابيب نورد ستريم 1 عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، لمدة 3 أيام بدءًا من 31 أغسطس/آب (2022)؛ حيث سيخضع خط الأنابيب للصيانة -أيضًا- وتتزايد المخاوف من مواصلة روسيا وقف الإمدادات بعد ذلك، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الغاز النرويجي
أصبحت النرويج المصدر الرئيس للغاز إلى أوروبا، وتزود بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا بالغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، وسط مساعٍ من دول القارة العجوز لزيادة سعة تخزين الغاز قبل الشتاء لتجنب أسوأ أزمة طاقة محتملة. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج الغاز النرويجي قرابة 122 مليار متر مكعب، خلال العام الجاري (2022)، وفقًا للتوقعات الرسمية الصادرة في مايو/أيار (2022)، بزيادة 8% عن عام 2021.

ويرجع ذلك إلى إعطاء البلاد الأولوية لبيع الغاز على إعادة الحقن لتعزيز إنتاج النفط الخام؛ إذ تعهدت بتوفير إمدادات مستقرة إلى أوروبا، خلال فصل الصيف، خاصة بعد تراجع تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية. وهذا يعني أن مشغل البنية التحتية للغاز “غاسكو” اضطر إلى تأجيل أعمال الصيانة المخطط لها سابقًا.

وأكد متحدث باسم غاسكو أن المشغل عدّل مواعيد عمليات الصيانة المقررة هذا العام (2022) لزيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا خلال أشهر الصيف. وستؤدي عمليات الصيانة المقررة وغير المقررة إلى انخفاض السعة الإنتاجية لـ13 حقلًا، ومحطة معالجة طوال شهر سبتمبر/أيلول (2022)، وستبلغ الأحجام المفقودة ذروتها عند 154.68 مليون قدم مكعبة يوميًا في 7 سبتمبر/أيلول (2022)، وفقًا لبيانات غاسكو.

في الوقت نفسه، ستشهد نقاط الخروج في أوروبا وبريطانيا أعمال صيانة، وسيؤدي ذلك دورًا في تحديد إلى أين سيتدفق الغاز النرويجي، خلال سبتمبر/أيلول (2022). بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تحد عمليات الصيانة من إجمالي إنتاج الغاز، الذي سينخفض إلى 323.9 مليون متر مكعب يوميًا، وهو أدنى مستوى له خلال العام الجاري (2022)، وفقًا لتوقعات مديرية النفط النرويجية.

ارتفاع أسعار الغاز
أدى انخفاض مستويات الطاقة الكهرومائية وإيقاف بعض محطات الطاقة النووية في فرنسا إلى ارتفاع أسعار الغاز والطاقة في أوروبا عند مستويات قياسية. وأشارت معطيات التداول الأخيرة إلى تجاوز عقود الغاز القياسي للسوق الأوروبية 330 دولارًا/ميغاواط/ساعة، يوم الخميس 25 أغسطس/آب (2022)، وهو أعلى مستوى منذ 7 مارس/آذار (2022).

وأظهرت بيانات البنية التحتية للغاز الأوروبية أن مستودعات تخزين الغاز في القارة كانت ممتلئة بنسبة تزيد قليلًا على 78%، واقتربت من هدف المفوضية الأوروبية البالغ 80% بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول (2022). أما عن تأثير تراجع الإمدادات النرويجية؛ فقد قال أحد التجار إن هناك تدفقات كافية لتغطية الطلب اليومي، ولا يمثل انخفاض الإمدادات مصدر قلق حقيقيًا، حسب وكالة رويترز.

وأوضح أن شهر سبتمبر/أيلول عمومًا ليس من الأشهر التي يزداد فيها الطلب على الغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. أما بريطانيا؛ فقد ارتفعت عقود التسليم الفورية بمقدار 10 بنسات (0.1182 دولارًا أميركيًا)، عند 540 بنسًا لكل وحدة حرارية، لكن عقود التسليم في عطلة نهاية الأسبوع انخفضت بمقدار 27 نقطة إلى 510 بنسات لكل وحدة حرارية.

تأجيل أعمال الصيانة
كانت شركة إكوينور النرويجية قد أعلنت، في مارس/آذار (2022)، زيادة إنتاج الغاز الطبيعي؛ لتزويد أوروبا بالإمدادات اللازمة، ومساعدتها في التصدي لنقص الوقود وارتفاع الأسعار. فقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز، وتدافع الدول الأوروبية لملء المخزونات التي استهلكتها خلال فصل الشتاء، فضلًا عن البحث عن بدائل للإمدادات الروسية.

وقالت شركة إكوينور إنها ستؤجل عمليات الصيانة، وستجري تعديلات أخرى بالتعاون مع مشغل خطوط الأنابيب “غاسكو”. وكشفت عن أن التعديلات ستسمح لحقل أوسبيرغ بزيادة الصادرات بنحو مليار متر مكعب حتى 30 سبتمبر/أيلول (2022)، بينما يمكن أن تزيد صادرات حقل هايدرون من الغاز الطبيعي بمقدار 0.4 مليار متر مكعب خلال العام الجاري (2022).

ويمكن لهذه الكمية (1.4 مليار متر مكعب) أن تلبي الطلب على الغاز الطبيعي لنحو 1.4 مليون منزل أوروبي خلال عام. في عام 2021، بلغ إنتاج الغاز الطبيعي النرويجي 113 مليار متر مكعب، وتصدر النرويج قرابة 95% من الغاز عبر شبكة من خطوط الأنابيب تحت البحر مرتبطة بمحطات في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا. ومن المتوقع الانتهاء من تطوير خط أنابيب جديد إلى بولندا هذا العام (2022).

دعم قطاع الطاقة الروسي يضع 3 دول أوروبية أمام اتهامات بجرائم حرب

واجهت 3 دول أوروبية اتهامات بتمويل قطاع الطاقة الروسي الذي وفّر الجانب الأكبر من ميزانية الحرب على أوكرانيا، رغم أن القارة العجوز كانت أكثر المتضررين من تداعيات الخطوة التي اتخذتها موسكو قبل 6 أشهر.

وفي مفارقة مثيرة للجدل انصب الجانب الأكبر من التمويلات الأوروبية على مشروعات الغاز الروسية طوال السنوات الـ7 الماضية، في حين قلبت الحرب توجهات الدول رأسًا على عقب وباتت أوروبا تبحث عن كل قدم مكعبة من الغاز قبيل فصل الشتاء بعدما كانت تموّل الجانب الأكبر منه لدى موسكو، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وعكفت وكالات ائتمان الصادرات في: (ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا)، منذ عام 2014 وحتى العام الماضي (2021) على أداء دور الوسيط الائتماني وضمان مشروعات قطاع الطاقة الروسي. غير أن تلك الوكالات عدلت عن موقفها وأعلنت -عقب حرب أوكرانيا- الالتزام بالعقوبات المفروضة على موسكو، بحسب ما نشرته بلومبرغ.

دور وكالات الائتمان
وفّرت وكالات ائتمان الصادرات في الدول الأوروبية الـ3 منافذ تمويل في صورة “ضامن” للمشروعات الروسية في قطاع النفط والغاز منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم قبل 7 سنوات. وبذلك، واصلت 3 من كبار الاقتصادات الأوروبية على رأسها ألمانيا -عبر وكالات الائتمان الخاصة بها- توفير الدعم اللازم لتطوير مشروعات النفط والغاز والبتروكيماويات في موسكو، لمدة تزيد على 7 سنوات.

ويُنظر إلى الدول الأوروبية الـ3 بعين الاتهام؛ إذ أسهمت مشروعات قطاع الطاقة الروسي في تعزيز خزائن موسكو وانتعاشها، بما أهلها لحجم الإنفاق الذي تطلبه الحرب على أوكرانيا بجانب الاستعداد لمواجهة تداعيات العقوبات المفروضة عليها منذ الغزو. وفي مفاجأة من العيار الثقيل، بلغ حجم التمويل المباشر وغير المباشر -بوساطة ضمانات وكالات ائتمان الصادرات في الدول الأوروبية الـ3- لصالح المشروعات الروسية خلال السنوات الـ7 الماضية، ما قُدّر بنحو 13 مليار دولار. وبالإضافة إلى ذلك، قدّمت المصارف المملوكة للدولة في كل من ألمانيا وإيطاليا قروضًا إلى مشروعات قطاع الطاقة الروسي بما يصل إلى 425 مليون دولار إضافية، بحسب بيانات حصرية رصدها المجلس العالمي للاتصالات الإستراتيجية.

الضمانات والعقوبات
اللافت للنظر أن مشروعات روسية عدة تلقت تمويلات -بوساطة أوروبية بوصفها ضامنًا- رغم أن من بين المشاركين بها كيانات وأشخاصًا خاضعين للعقوبات ومقربين من الرئيس فلاديمير بوتين. وعلى سبيل المثال، باشرت ألمانيا وإيطاليا العمل على توفير ضمانات لتمويل أكبر محطات معالجة الغاز الطبيعي في روسيا تُشغلها شركة غازبروم، ورغم أن المحطة وقعت تحت نطاق دائرة العقوبات الأميركية والأوروبية بعد حرب أوكرانيا العام الجاري (2022) فإن رئيسها التنفيذي يخضع للعقوبات منذ عام 2018.

وفسّر مسؤول تأمينات مؤسسات التمويل العالمية في وكالة “دي آر بي إس مورنينغ ستار”، ماركوس ألفاريز، أن وكالات ائتمان التصدير في البلدان الأوروبية الـ3 لا تخضع للمتابعة والإشراف. وأشار إلى أن تمويل مشروعات قطاع الطاقة الروسي كان بمثابة بوابة دخول للبلدان الـ3 إلى موسكو.

وحسمت مؤسسات التمويل ووكالات ائتمان الصادرات الأوروبية -محل الاتهام- موقفها، إذ أعلنت امتثالها للعقوبات ووقف توفير التمويل أو القروض لأي طلبات جديدة للمشروعات الروسية بعد حرب أوكرانيا. والوكالات الـ5 هي: (أويلر هرمس الفرنسية، و”ساك” لخدمات تأمين التجارة الخارجية الإيطالية، وبي بي أي فرانس لتأمينات الصادرات، ومصرف “كيه إف دبليو-آيبكس” الألماني، ومصرف كاسا ديبوست اي بريستيتي الإيطالي).

جرائم حرب
فتح كبير مستشاري الاقتصاد الأوكراني، أوليغ أوستينكو، النار على وكالات ائتمان الصادرات الأوروبية التي واصلت العمل مع روسيا حتى نهاية العام الماضي (2021).

ورغم أن تلك الوكالات أعلنت توقفها عن تمويل مشروعات تطوير قطاع الطاقة الروسي عقب حرب أوكرانيا، فإن أوستينكو وجّه إليها اتهامات بالإسهام في تمويل الحرب على بلاده. ولم يكتفِ المستشار الاقتصادي الأوكراني بتوجيه الاتهام إلى وكالات ائتمانات الصادرات، وإنما امتدت تصريحاته الحادة لتشمل اتهام حكومات الدول الأوروبية الممثلة لها (ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا) بالتواطؤ مع بوتين في جرائم الحرب ضد كييف. وقال إن تلك الاستثمارات أنعشت خزائن موسكو وموّلت الحرب وفتحت منافذ جديدة للكرملين لتصدير النفط والغاز الملوثين بالدم، وفق قوله.

ويسعى أوستينكو للاستفادة من إعلان تلك المؤسسات امتثالها للعقوبات الأميركية والأوروبية ضد موسكو بالضغط حيال استمرارية وقف تمويل مشروعات قطاع الطاقة الروسي حتى بعد انتهاء الحرب. وربما يخطط المستشار الاقتصادي الأوكراني للضغط نحو تطبيق النهج الأميركي على تلك المؤسسات، إذ أوقفت واشنطن -منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014- تعامل مؤسسات الائتمان الأميركية مع الكيانات الروسية.

ديون روسيا
في خضم تلك الاضطرابات يُطرح التساؤل حول كيفية سداد موسكو مستحقاتها التمويلية وقروض المؤسسات التمويلية، لا سيما أنه لا يمكن التنبؤ بمعطيات الأسواق المتقلبة في الآونة الحالية. وفي حال بدء تلقي موسكو تمويلات وقروض مشروعات قطاع الطاقة الروسي منذ عام 2017، فربما قد تكون دفعات السداد على وشك الاستحقاق.

وحمل شهر يونيو/حزيران الماضي مفاجأة قد تنذر بتوترات جديدة بين روسيا والدول الأوروبية، إذ تعثرت موسكو في سداد ديونها السيادية “العامة” للمرة الأولى منذ قرن كامل واتبعت الشركات النهج ذاته ما أسهم في تراكم ديون الدب الروسي بالمليارات، وفق بيانات بلومبرغ التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتباينت ردة فعل وكالات الائتمان تجاه أنباء تعثر قطاع الطاقة الروسي في سداد القروض أو مستحقات التمويل اللازمة، إذ أشار بعضها إلى وجود “مخاطر مالية محتملة” تتطلب دعم حكومة موسكو لشركاتها، في حين أكد البعض الآخر أن بعض المستحقات سُدّدت. وأكد مصرف “كيه إف دبليو” الألماني أن شركة “سوفكومفلوت” -التي تُعد أكبر شركات الشحن الروسية- تمكّنت من سداد قرضها البالغ 42 مليون دولار في شهر مايو/أيار الماضي.

صادرات بتمويل أوروبي
في الوقت الذي تعاني خلاله الدول الأوروبية عدم مخاطر تتعلق بأمن الطاقة وتوافر إمدادات الغاز لتلبية الطلب على الكهرباء والتدفئة قبيل فصل الشتاء، أظهرت صادرات قطاع الطاقة الروسي إلى آسيا أن حجم التمويل الأوروبي لمشروعاتها أتى بثماره.

ووفّرت وكالات الائتمان الأوروبية التمويل لمشروعين من شأنهما تطوير تقنيات التصدير إلى الدول الآسيوية التي ظهرت قيمتها لدى موسكو عقب مرحلة ما بعد العقوبات، إذ أنقذت خزائنها وخفّفت من آثار العزوف عن شراء شحناتها.

ومثالًا على ذلك، دخلت مؤسسة “أويلر هيرمس الفرنسية” العام الماضي -بوصفها ضامنًا- بنسبة تصل إلى 25% للديون المستحقة على مجمع آمور غاز للبتروكيماويات الواقع شرق روسيا، والمقدرة بنحو 9 مليارات دولار. ومن شأن المجمع أن يوفر الإمدادات للمشترين في بكين، وتملك -أيضًا- شركة سينوبك الصينية حصة جزئية منه.

كما أدت مؤسسة “ساك” الإيطالية، خلال العام ذاته، دور الوسيط الضامن لحجم اقتراض مشروعات قطاع الطاقة الروسي من المصارف الإيطالية بقيمة 560 مليون دولار. وتحديدًا وُجهت القروض للإنفاق على مشروع الغاز المسال في القطب الشمالي المعتزم بدء الإنتاج منه العام المقبل (2023)، ويوفر المشروع عقب تشغيله تدفقات تصل إلى 20 مليون طن سنويًا تصدرها موسكو إلى الأسواق الآسيوية.

تمويلات مضادة للمناخ
من زاوية أخرى، كثّف نشطاء المناخ في القارة العجوز من حملاتهم ضد عدد من وكالات الائتمان. وبدأت اعتراضات نشطاء المناخ والبيئة على تمويل مؤسسات مالية أوروبية لمشروعات الوقود الأحفوري في موسكو قبل حرب أوكرانيا بسنوات، ضمن مطالباتهم بخفض الانبعاثات والالتزام بالأهداف البيئية لمكافحة تغير المناخ.

ورصد النشطاء دعم الوكالات مشروعات الوقود الأحفوري بمعدل يفوق 11 ضعف دعمها مشروعات الطاقة المتجددة، خلال المدة بين عامي 2018 و2020، بحسب معلومات وردت في تقرير صدر عن مؤسسة “أول تشينج إنترناشيونال”.

وتُظهر تلك البيانات مفارقة لا سيما أن الدول الأوروبية الـ3 التي تواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب والمشاركة في تمويل غزو أوكرانيا بدعمها قطاع الطاقة الروسي كانت ضمن 34 دولة تعهدت بوقف تمويل مشروعات الوقود الأحفوري بحلول العام المقبل (2023).

أسعار الغاز تقفز إلى مستويات قياسية في هولندا وبريطانيا

قفزت أسعار الغاز في كل من بريطانيا وهولندا إلى مستويات قياسية، يوم الإثنين 22 أغسطس/آب، بسبب التوقف المنتظر لضخّ الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خط أنابيب نورد ستريم 1، نهاية الشهر الجاري، حسبما ذكرت وكالة رويترز. وأعلنت شركة غازبروم الروسية، الجمعة 19 أغسطس/آب (2022)، أن نورد ستريم 1، الذي يمدّ الغاز من روسيا إلى أوروبا تحت بحر البلطيق، سيغلق للصيانة ابتداءً من 31 أغسطس/آب إلى 2 سبتمبر/أيلول (2022).

وتشهد أسعار الغاز في أوروبا ارتفاعات متتالية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، وفرض الدول الغربية عقوبات على موسكو. وكانت القارة العجوز أكبر المتضررين من الحرب؛ بسبب اعتمادها على روسيا لتلبية أكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

أسعار الغاز اليوم
ارتفعت أسعار الغاز في العقود الآجلة الهولندية، بنحو 47 يورو (47 دولارًا أميركيًا)، ما يعادل نسبة الخمس، وبلغت 292 يورو لكل ميغاواط/ساعة، بحلول الساعة 01.21 مساء بتوقيت غرينتش (04.21 مساء بتوقيت مكة المكرمة).

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغاز في المعاملات الفورية في بريطانيا بنحو 1.39 جنيهًا إسترلينيًا، أو بنسبة 37%، وبلغت 5.03 جنيهًا إسترلينيًا لكل ثيرم (الثيرم يعادل 100 ألف وحدة حرارية بريطانية)، بينما زادت في العقود الآجلة بنحو 1.19 جنيهًا إسترلينيًا، ما يعادل الثلث، وبلغت 4.8 جنيهًا إسترلينيًا، وكلاهما وصلا إلى أعلى مستوى في 5 أشهر.

وقال المحلل في شركة التحليل “أونادا”، كريغ إيرلام: إن “قرار روسيا بتعليق صادرات الغاز إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1 لمدة 3 أيام نهاية الشهر، زاد من مخاوف دول القارة العجوز مجددًا من استخدام موسكو سلاحًا سياسيًا، ووقف الصادرات بحجة إجراء صيانة لخط الأنابيب”. ولم يكن إعلان شركة غازبروم، المملوكة للدولة، تعليق صادرات الغاز إلى أوروبا، أول محاولات روسيا للتضييق على القارة التي تعتمد بكثافة على نفطها وغازها.

خفض الصادرات
في يونيو/حزيران الماضي، خفضت روسيا ضخّ الغاز إلى أوروبا لإجراء صيانة، وقررت في الموعد المحدد لبدء التشغيل أواخر شهر يوليو/تموز الماضي خفضه بنسب إضافية ليصل إلى 20%، بحجة حاجتها إلى مراجعة أعمال صيانة توربين في خط الأنابيب. واستقرت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1، اليوم الإثنين 22 أغسطس/آب (2022)، بينما زادت الكميات العابرة من ألمانيا إلى بولندا في شرق القارة عبر خط “يامال-أوروبا”.

وواصلت تدفقات الغاز من النرويج إلى أوروبا نشاطها بصورة طبيعية، رغم توقعات سابقة بهبوط الكميات المخصصة للتصدير، بسبب توقّف العمل في بعض الحقول. وهبطت صادرات الغاز النرويجية إلى بريطانيا بنحو 15 مليون متر مكعب، لتبلغ 55 مليون متر مكعب فقط، مقارنة بأمس الأحد الموافق 21 أغسطس/آب.

وعلّق محلل سوق السلع في شركة “أورورا إنرجي ريسيرش”، كريستوس آناغنوستوبلوس، على ارتفاع أسعار الغاز، قائلًا: “استمرار أعمال الصيانة في محطة كوللسنز وحقول ترول في النرويج حتى نهاية الشهر الجاري، وزيادة طلب المنازل في أوروبا وبريطانيا على الغاز، أسهما في دفع الأسعار إلى أعلى”. وشهدت بريطانيا عجزًا في إمدادات الغاز بنحو 5 ملايين متر مكعب، بسبب أعمال الصيانة الواسعة في حقول الجرف القارّي، رغم امتلاء مستودعات التخزين تقريبًا، وفق بيانات الشبكة الوطنية.

تخزين الغاز
بلغ معدل ملء مستودعات تخزين الغاز في بريطانيا 76.9%، وهو يقترب من المستهدفات الأوروبية عند 80%، والمتوقع تحقيقها في أكتوبر/تشرين الأول (2022). وشهدت معدلات توليد الكهرباء من مزارع الرياح في بريطانيا انخفاضًا، اليوم الإثنين، وبلغت ذروتها عند 3.9 غيغاواط، ما يزيد الضغط على أسعار الغاز، نتيجة لارتفاع الطلب على حرقه لتوليد الكهرباء. وفي سوق الكربون الأوروبية، هبطت العقود الآجلة في تعاملات الجمعة 19 أغسطس/آب، بنسبة 5%، ما يعادل 4.88 يورو، وبلغت 93.13 يورو للطن.

مباحثات جديدة حول تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر

تترقب أوروبا زيادة صادرات الغاز الإسرائيلي، عبر مصر، مع مساعي القارة العجوز لتنويع مصادر الإمدادات بعيدًا عن روسيا. وتعمل مصر وإسرائيل على زيادة التعاون الثنائي بينهما، في إطار منتدى غاز شرق المتوسط، لتلبية جزء من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي.

وفي هذا الإطار، بحث وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، عبر اتصال هاتفي، مجالات التعاون بين الجانبين والتطورات الأخيرة التي يشهدها قطاع الغاز في المنطقة والتعاون الثنائي، من أجل الإسهام في تأمين جانب من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الطاقة.

وكانت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي قد وقعوا خلال يونيو/حزيران الماضي اتفاقية سيُصَدَّر بموجبها الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، بعد إعادة إسالته في مصر.

غاز شرق المتوسط
بحث الملا مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية مستجدات الخطة التنفيذية لمذكرة التفاهم الثلاثية الموقعة بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، التي تهدف إلى تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر، بالإضافة إلى الخطوات التالية المسندة إلى فريق العمل بالتنسيق مع أمانة منتدى غاز شرق المتوسط.

كما ناقش الوزيران مجالات التعاون المحتملة في قمة المناخ كوب 27 التي تستضيفها مصر خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وأشار الملا إلى أن التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع أعضاء دول منتدى غاز شرق المتوسط يأتي على رأس قائمة جدول أعمال الطرفين في ضوء ديناميكية سوق الطاقة التي تشهد متغيرات سريعة ومستمرة.

أمن الطاقة
من جانبها، قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار إن مصر شريك مهم لإسرائيل في القطاعات كافة، خاصة قطاع الطاقة، مضيفة: “نأمل أن يضمن التعاون المستمر مع مصر تعزيز التعاون المستقبلي بين البلدين وتحقيق أمن الطاقة للمنطقة”. وأوضحت الحرار أنه خلال عقد قمة المناخ كوب 27 في مصر ستظهر أهمية المنطقة في مواجهة أزمة تغير المناخ، بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون في المستقبل.

أرباح فيرتيغلوب الإماراتية تسجل قفزة كبيرة في الربع الثاني

سجلت شركة فيرتيغلوب الإماراتية قفزة كبيرة في الأرباح والإيرادات خلال الربع الأول من العام الجاري، مدعومة بارتفاع الطلب على منتجاتها التي سجلت مستويات تاريخية.

وأعلنت الشركة اليوم الثلاثاء، 2 أغسطس/آب، وهي مشروع مشترك بين شركتي بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” وشركة “أو سي آي”، المدعومة من رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس، أن صافي الربح خلال الربع الثاني ارتفع 270% إلى 438 مليون دولار، في حين بلغت الأرباح خلال النصف الأول نحو 799 مليون دولار.

تأسست “فيرتيغلوب”، ومقرّها أبوظبي، في 2019، بعد أن جمعت “أو سي آي” و”أدنوك” أصولهما في قطاع الأمونيا واليوريا، وتتوزع ملكيتها بنسبة 58% لشركة “أو سي آي”، و42% لشركة “أدنوك”، وتمتلك 4 منشآت للأسمدة والكيماويات في أبوظبي ومصر والجزائر.

نتائج أعمال قوية
أشارت الشركة المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية إلى أن إيراداتها للربع الثاني من عام 2022 ارتفعت بنسبة 105%، لتصل إلى 1.471 مليار دولار. كما ارتفعت الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بنسبة 155%، لتصل إلى 770 مليون دولار، مقارنة بالربع الثاني من عام 2021.

وارتفعت التدفقات النقدية الحرة للشركة من 328 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2021، لتصل إلى 789 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2022، مما يسهم في دعم توزيعات الأرباح للنصف الأول بقيمة 750 مليون دولار، بزيادة عن التوجيهات السابقة تُقدَّر بـ 700 مليون دولار، على الأقلّ.

أسعار الغاز في أوروبا
قال الرئيس التنفيذي لشركة “فيرتيغلوب”، أحمد الحوشي، إن الربع الثاني من عام 2022 يمثّل مرحلة أخرى من الأداء القوي، مدفوعًا بالأسعار المواتية المدعومة بالطلب المرتفع خلال الموسم، وتوازنات الأسواق المحكمة وارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، إلى جانب ارتفاع أحجام المبيعات بسبب ترحيل بعض الشحنات من الربع الأول من عام 2022 إلى الربع الحالي.

وأضاف: “يسعدنا أن نعلن توزيعات الأرباح للنصف الأول من عام 2022 بقيمة 750 مليون دولار، بما يتجاوز توجيهاتنا السابقة التي بلغت 700 مليون دولار على الأقلّ، مدفوعة بتحقيق أرباح وتدفقات نقدية قوية وهيكل رأس المال بالشركة”.

ولفت إلى حصول الشركة على تصنيفات ائتمانية من الدرجة الاستثمارية عن طريق 3 وكالات تصنيف، مدعومة بملف تدفقات نقدية جذابة وسياسة مالية قوية. كما أُدرِجَت الشركة ضمن مؤشر فوتسي للأسواق الناشئة في يونيو/حزيران 2022، وفي مارس/آذار 2022 أُدرِجَت في مؤشر فوتسي سوق أبوظبي للأوراق المالية 15 “فاداكس 15″، والذي يمثّل أكبر 15 شركة وأكثرها سيولة في سوق أبوظبي للأوراق المالية.

أسعار الأمونيا
أشار الحوشي إلى أن التوقعات لأساسيات أسواق الأسمدة النيتروجينية تظل مدعومة بانخفاض الكميات المنتجة واقتصادات المزارع القوية وانخفاض مخزون الحبوب عالميًا، مما يعمل على تحفيز استخدام الأسمدة النيتروجينية. وأوضح أن المنحنيات المستقبلية تشير إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا سوف تظل عند مستويات مرتفعة حتى عام 2023، على أقلّ تقدير، مما يدعم أسعار الأمونيا واليوريا فوق مستوياتها التاريخية.

وأكد الرئيس التنفيذي لـ “فيرتيغلوب” مواصلة الشركة التركيز على التميز التشغيلي، مستفيدةً من أصول الإنتاج القوية عالمية الطراز، مع الاستغلال الكامل لسلاسل الإمداد العالمية بالشراكة مع “أو سي آي”، لتحقيق أعلى أسعار، ومحاولة ضمان استدامة سلاسل الإمداد، والإسهام في الحدّ من المخاوف العالمية بشأن الأمن الغذائي، مدعومة بمكانتها مُنتِجًا رائدًا وأكبر مُصدِّر بحري على مستوى العالم لمنتجات الأسمدة النيتروجينية الأساسية.

وقال، إن هيكل “فيرتيغلوب” يتيح فرصًا عديدة للنمو من خلال تنفيذ مشروعات للتوسع بتكاليف أقلّ من تكاليفها الاستثمارية عالميًا، والاستفادة من فرص الطلب الناشئ على الأمونيا منخفضة الكربون حلًّا لإزالة الكربون من الصناعات التي تشكّل نحو 90% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية الحالية.

توزيع الأرباح
تنصّ سياسة توزيع الأرباح الخاصة بشركة “فيرتيغلوب” على أن توزع الجزء الأكبر من التدفقات النقدية الحرة القابلة للتوزيع بعد تخصيص ما يكفي لفرص النمو، مع الحفاظ على تصنيفات ائتمانية من الدرجة الاستثمارية.

ونظرًا إلى توليد الشركة لتدفقات نقدية حرة مرتفعة، أعلنت “فيرتيغلوب” توزيع أرباح نقدية بمبلغ 750 مليون دولار للنصف الأول من عام 2022، بما يتجاوز التوجيهات السابقة البالغة 700 مليون دولار، على الأقلّ.

وستُقَدَّم توزيعات الأرباح إلى المساهمين للموافقة عليها، بحيث تُدفَع في أكتوبر/تشرين الأول 2022. وتأتي إمكانات شركة “فيرتيغلوب” لإجراء توزيعات أرباح مستقبلية جذابة مدعومة بأداء تدفقاتها النقديات وموقعها التنافسي على منحنى التكلفة العالمي.

Neutrino Energy – خفض الإمدادات الروسية يسرع من ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية

نتيجة لتنفيذ روسيا لتهديدها بزيادة قطع الإمدادات عن المنطقة، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية، مما زاد من احتمال أن تعاني القارة من نقص في فصل الشتاء. ارتفعت أسعار الغاز بنسبة تصل إلى 13 في المائة نتيجة انخفاض التدفقات على خط أنابيب نورد ستريم 1، والتي تم تخفيضها إلى خمس طاقتها النموذجية فقط.

وجه سياسيون في أوروبا اتهامات لروسيا بتسليح إمدادات الغاز كشكل من أشكال الانتقام من العقوبات المفروضة على روسيا نتيجة صراعها مع أوكرانيا. وقد تم تخفيض سعته من خط أنابيب نورد ستريم 1 المهم، الذي يربط بين روسيا وألمانيا، إلى 40 في المائة في يونيو، وهددت موسكو بتخفيضه أكثر هذا الأسبوع. أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة وزيادة تكاليف الصناعة، مما يهدد بدفع المنطقة إلى الركود. لقد أجبرت بالفعل العواصم الأوروبية على بذل الجهود لحماية المستهلكين والشركات من الأسعار المتصاعدة.

أنفقت ألمانيا مليارات اليوروهات على إنقاذ مرافق الغاز لضمان إمدادات كافية لفصل الشتاء القادم. تعمل فرنسا على تأميم شركة الكهرباء المملوكة للدولة EDF للمساعدة في كبح تكاليف الأسرة، لكن المملكة المتحدة طورت حزمة بقيمة 15 مليار جنيه استرليني لمساعدة الناخبين في ارتفاع الفواتير. لكن في الأسابيع الأخيرة، تعمق وضع الغاز حيث شددت روسيا قبضتها على الإمدادات. وصل العقد القياسي الأوروبي TTF إلى مستوى مرتفع بلغ 222.5 يورو لكل ميغاواط ساعة يوم الأربعاء قبل أن ينخفض إلى 202.5 يورو.

زاد العقد بمقدار الربع تقريبًا هذا الأسبوع وزاد بأكثر من الضعف منذ بدء التداول في أوائل يونيو، مما أدى إلى توقع الحاجة إلى مساعدة حكومية إضافية. عند هذه المستويات، يتوافق سعر البنزين مع سعر نفط يبلغ 380 دولارًا للبرميل، وهو ما يزيد عن أربعة أضعاف السعر الحالي. صرح إيرا جوزيف، مستشار الطاقة الذي يمتلك عقودًا من الخبرة في هذا القطاع، “الأسعار مرتفعة جدًا لدرجة أنه ليس لدينا أي فكرة عن كيفية استجابة الاقتصاد أو الطلب؛ لم نر أبدًا أي شيء قريب حتى من مستويات الأسعار هذه عن بعد. لسنا متأكدين بعد من رد فعل جميع الحكومات. من الآمن أن نستنتج أنه سيتم القضاء على القليل من الاحتمالات في هذه المرحلة “.

اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات لتقليل اعتماده على الغاز الروسي، الذي كان يشكل أكثر من 40٪ من إمدادات الكتلة قبل الصراع بين روسيا وأوكرانيا. كما شجعت الأعضاء هذا الأسبوع على خفض الاستخدام طواعية بنسبة 15٪ للمساعدة في ملء مرافق التخزين استعدادًا لفصل الشتاء. ومع ذلك، تستمر المخاوف من أن الصناعة والمستهلكين قد يعانون من التقنين أو النقص هذا الشتاء، مع احتمال فرض مزيد من القيود على العرض من قبل روسيا. صرح المحللون في جولدمان ساكس هذا الأسبوع أن “تدمير الطلب المدفوع بالأسعار” أصبح أكثر أهمية “للمساعدة في تعويض مثل هذه الخسائر الكبيرة في العرض”.

قال تجار غاز إن قدرتهم على شراء وبيع العقود في السوق تضاءلت، مما أدى إلى زيادة التقلبات، مع انسحاب المستثمرين الماليين وتعامل المرافق بشكل أقل لتأمين الإمدادات. وعزت روسيا الانخفاض في تدفقات نورد ستريم 1 إلى مشاكل في التوربينات، زعمت أنها تفاقمت بسبب العقوبات الغربية. جازبروم ، الشركة المملوكة للدولة التي تحتكر صادرات الغاز، لم تسد الفجوة بأساليب بديلة. نفى ديمتري بيسكوف ، المتحدث باسم الكرملين، أن تكون غازبروم تخفض الإمدادات لدفع الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء العقوبات المفروضة على روسيا. وبدلاً من ذلك، ذكر أن العقوبات نفسها كانت تعيق تدفق الغاز.

“جازبروم تشحن أكبر قدر ممكن وبقدر ما هو مطلوب. نحن ندرك أن الفرص التكنولوجية لضخ الغاز قد تضاءلت. لقد تضاءلوا. لماذا ا؟ لأن الصيانة التكنولوجية أصبحت أكثر صعوبة بسبب القيود والعقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، قال بيسكوف للصحفيين، وفقًا لما أوردته وكالة إنترفاكس. أفادت شركة يونيبر الألمانية أن التدفقات انخفضت إلى 20٪ مما طلبته من شركة غازبروم.

أبلغت شركة إيني الإيطالية للطاقة من قبل شركة غازبروم أنها ستتلقى 27 مليون متر مكعب من الغاز يوم الأربعاء، بانخفاض 20 في المائة مقارنة بـ 34 مليون متر مكعب في الأيام الأخيرة. انخفض اعتماد إيطاليا على الغاز الروسي من حوالي 40 في المائة من إجمالي وارداتها من الغاز إلى ما يقرب من 25 في المائة، والجزائر – التي تعد الآن أكبر مورد لإيطاليا – هي التي تشكل الفارق. في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإيطالي قبل أسبوع من استقالته من منصب رئيس الوزراء، أرجع ماريو دراجي “اعتماد البلاد غير المستدام للطاقة” على روسيا إلى “عقود من القرارات الغبية والمحفوفة بالمخاطر”.

النقص في الغاز له تأثير مضاعف في جميع أنحاء العالم، ويشكل خطر حدوث كساد وموجة إضافية من التضخم. لكن لحسن الحظ، لا يزال هناك أمل لأوروبا لأن الوقت والجهد اللذين يبذلهما عدد كبير من المتخصصين والعلماء المتحمسين للغاية والمبدعين في مجال الطاقة من جميع أنحاء العالم لجعل مستقبل الطاقة المتجددة حقيقة واقعة لن يمر مرور الكرام. أشخاص مثل أولئك في مجموعة نيوترينو للطاقة، الذين عملوا بجد لتحسين تقنيتهم الكهروضوئية لمساعدة الطاقة التي تنتجها مزارع الرياح، والمصفوفات الشمسية، ومشاريع الطاقة المستدامة الأخرى. مصدر طاقة فريد من نوعه سيحدث ثورة في طريقة تفكيرنا في الطاقة المتجددة في السنوات القادمة.

 

طاقة النيوترينو: وقود المستقبل الذي لا نهاية له
لفترة طويلة، رفض الخبراء فكرة استخدام النيوترينو كمصدر للطاقة. ومع ذلك، قام عالمان مستقلان، هما آرثر ماكدونالد من كندا وتاكاكي كاجيتا من اليابان، بتحديد كتلة النيوترينو في عام 2015. وقد أقنع هذا الاكتشاف بعض العلماء والمهندسين بأن طاقة النيوترينو هي احتمال حقيقي. منذ ذلك الحين، كان الهدف العام لمجموعة نيوترينو للطاقة هو تسخير قوة النيوترينو بالإضافة إلى أنواع أخرى من الإشعاع غير المرئي. يشبه استخدامها استخدام الخلايا الشمسية الكهروضوئية في العديد من الجوانب. بدلاً من جمع النيوترينو وأنواع أخرى من الإشعاع غير المرئي، يتم امتصاص جزء من طاقتها الحركية وتحويلها لاحقًا إلى كهرباء.

طاقة النيوترينو لها إمكانات لا حصر لها؛ على سبيل المثال، لا تواجه خلايا النيوترينو فولتيك نفس عقبات الكفاءة والاعتمادية مثل مصادر الطاقة المتجددة الأخرى. يمكن للنيوترينو أن تنتقل عبر جميع المواد المعروفة تقريبًا، مما يعني أن خلايا النيوترينو فولتيك لا تحتاج إلى ضوء الشمس لتعمل. فهي متعددة الاستخدامات بما يكفي لاستخدامها في الداخل والخارج وحتى تحت الماء. نظرًا للبساطة التي يمكن بها عزل خلايا النيوترينو فولتيك مع استمرار توليد الطاقة، فإن هذه التقنية لا تتأثر بالثلج وأنواع الطقس العاصف الأخرى، مما يمكنها من توليد الكهرباء على مدار الساعة، 365 يومًا في السنة، بغض النظر عن موقعها في العالم.

ميزة أخرى رائعة حول طاقة النيوترينو هي أنها مصدر للطاقة لا تتطلب أنظمة تخزين الطاقة. حتى على نطاق متواضع، تتمتع تكنولوجيا الخلايا الكهروضوئية بالقدرة على تخفيف عبء مصادر الطاقة المتجددة التي تعتمد على التخزين. حتى إذا كانت طاقة النيوترينو تلبي 10 بالمائة فقط من احتياجات الطاقة لشبكة الطاقة المتجددة، فإنها تلغي الحاجة إلى تخزين 10 بالمائة من كهرباء هذا النظام في البطاريات.

اللامركزية هي جوهر جاذبية تكنولوجيا النيوترينو فولتيك. بينما لا يمكن إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري إلا في المناطق الحضرية ومعظم الأسر تفتقر إلى الألواح الشمسية أو توربينات الرياح، يمكن دمج أجهزة النيوترينو فولتيك مباشرة في الهواتف المحمولة والأجهزة والمركبات والقوارب، مما يجعل تخزينها أو تبديدها غير ضروري عن طريق نقلها حول المدينة.

ومع ذلك، فإن قطاع الطاقة ليس الوحيد الذي يستفيد من الإمكانات غير المحدودة للنيوترينو؛ تتمتع صناعة التنقل الكهربائي أيضًا بمزايا كبيرة. في حين أن غالبية مستخدمي السيارات الكهربائية لا يزالون يستمدون الطاقة من مقبس كهربائي، فإن أي شيء يتم تشغيله بواسطة تقنية خلايا النيوترينو فولتيك يستمد الطاقة من البيئة. نظرًا لأن محرك الاحتراق الداخلي لم يتم تصميمه لهذا النوع من الطاقة، فلم يهتم به أحد حتى الآن. ومع ذلك، بالنسبة للمركبة الكهربائية، فإن الطاقة المحيطة تشبه مضخة الوقود الثابتة، واندفاع الأشعة الكونية اللانهائي من الشمس والضوء والنيوترونات وغيرها من الإشعاعات غير المرئية.

حقق مشروع Car Pi نجاحًا باهرًا بفضل مجموعة نيوترينو للطاقة المرموقة في برلين، ألمانيا. تعمل الشركة جاهدة على تطوير وبناء وتصنيع Car Pi إلى سيارة فريدة من نوعها تستمد طاقتها ببساطة من البيئة – مستقلة تمامًا عن الكهرباء “غير الشريفة” التي تأتي من احتراق الوقود الأحفوري. جعل هذا الاختراع أحد أكثر المهام طموحًا التي قامت بها البشرية على الإطلاق، وهو يقترب من أن يصبح حقيقة.

تولد هذه السيارة الاستثنائية طاقتها الخاصة من خلال تسخير النيوترينو وغيرها من الإشعاعات غير المرئية، مما يجعلها أول سيارة في العالم لا تتطلب إعادة الشحن في محطة شحن عادية، وبدلاً من ذلك تسحب ما تحتاجه لتدور بشكل دائم، سواء كانت متحركة أم لا. اعتمادًا على الظروف، فإن مجرد ترك السيارة بالخارج لمدة ساعة واحدة يمكن أن يوفر ما يصل إلى 100 كيلومتر من المدى.

ليست السيارات الكهربائية هي الوحيدة التي ستستفيد بفضل النيوترينو وغيرها من الإشعاعات غير المرئية. بعد نجاح مشروع Car PI، ستنتقل مجموعة نيوترينو للطاقة إلى مشروع Nautic Pi كخطوتها التالية. لغرض تكييف التكنولوجيا مع اليخوت والقوارب الكهربائية، سيتم توظيف أكثر من ألف مهندس، وسيتم استثمار أكثر من مليار دولار. سيمكن ذلك هذه السفن من الإبحار في المحيطات دون استخدام قطرة واحدة من الوقود الأحفوري، ولن تكون مطلوبة لتخزين الطاقة في البطاريات.

تعد طاقة النيوترينو هي الطاقة الحقيقية للمستقبل، وذلك بفضل عمل مجموعة نيوترينو للطاقة وتقنيتها النيوترينو فولتيك الرائعة. تمتلك البشرية الآن حلاً موثوقًا طال انتظاره لمعضلة الطاقة الحالية. نأمل أن نعيش في عالم أفضل وأكثر صداقة للبيئة في السنوات القادمة نتيجة لجهودهم وجهود الآخرين الذين نأمل أن يسيروا على خطىهم.

النفط السعودي والعراقي يغذي المصافي الأوروبية

تواجه مصافي النفط الأوروبية صعوبات شديدة لمواكبة الطلب منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان النفط السعودي والعراقي في مقدمة الإمدادات لمساعدة القارة العجوز. وزادت المملكة العربية السعودية والعراق صادرات النفط الخام إلى أوروبا، وساعد ذلك مصافي النفط في أوروبا على تجاوز قرار الابتعاد عن الخام الروسي، حسب بلومبرغ.

ووفقًا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ -واطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة-، بلغت صادرات النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا أكثر من مليون برميل يوميًا خلال الأسابيع الـ3 الأولى من شهر يوليو/تموز (2022) عبر خط أنابيب يعبر مصر، وتضاعفت الكميات تقريبًا مقارنة بالعام الماضي (2021). وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، اتخذت الشركات الأوروبية موقفًا رادعًا، واختار أغلبها التوقف عن التعامل مع موسكو، لكن ذلك دفعها للبحث عن إمدادات بديلة.

هيمنة النفط السعودي
تهيمن شحنات النفط السعودي على التدفقات عبر الأنابيب، وتمكن العراق -أيضًا- من زيادة الشحنات في الشهور الأخيرة. ويمكن للشركات توصيل الشحنات إما عن طريق خط أنابيب سوميد الذي يعبر مصر، أو عبر قناة السويس إذا كانت السفن حجمها مناسب، وهو ما يلجأ إليه العراق. وارتفعت كميات النفط الخام المتدفقة من خط الأنابيب بنحو 800 ألف برميل يوميًا في شهر يونيو/حزيران (2022) إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل/نيسان (2020).

بالإضافة إلى ذلك، بلغت التدفقات التي تمر عبر قناة السويس من الخليج العربي إلى 1.2 مليون برميل يوميًا، خلال الأسابيع الـ3 الأولى من شهر يوليو/تموز (2022)، أغلبها من العراق. وبذلك يصل إجمالي تدفقات النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا عند 2.2 مليون برميل يوميًا، بزيادة تقارب 90% منذ يناير/كانون الثاني (2022)، قبل بدء الحرب، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

إمدادات النفط الروسي
في المقابل، زادت تدفقات النفط الخام الروسي من موانئ البلطيق والبحر الأسود إلى الهند والصين، وأسهمت الأسعار المنخفضة في تعزيز البلدين الإمدادات وسط ارتفاع الأسعار. وأكد محلل السلع في بنك يو بي إس في سويسرا، جيوفاني ستانوفو، هذا الأمر، وقال إن الشرق الأوسط يعيد توجيه بعض البراميل من آسيا إلى أوروبا، ويأتي ذلك في وقت تتجه فيه أوروبا إلى تقليص مشترياتها من النفط الروسي، في حين ترسل روسيا النفط إلى الأسواق الآسيوية.

ومن غير المؤكد ما إذا كان النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا سيستمر في التدفق، إذ يستعد الاتحاد الأوروبي لتنفيذ قرار حظر النفط الروسي بحلول نهاية العام، ويتضمن جزء من حزمة العقوبات حظرًا على تأمين السفن الحاملة للإمدادات الروسية لأي مشتري. وفي حال تأثير قرار حظر التأمين في إجمالي الصادرات -وهو ما تخشاه وزارة الخزانة الأميركية- فقد يسهم ذلك في احتدام المنافسة على الإمدادات من الشرق الأوسط مرة أخرى.

تحديات نقل النفط
في هذا الصدد، استأجرت شركة “البحري” السعودية، هذا الأسبوع، ناقلة عملاقة لنقل النفط الخام من البحر الأبيض المتوسط إلى روتردام، ويؤكد هذا العقد النادر التحول الذي طرأ على تدفقات الخام. ويعد تغير وجهة البراميل بمثابة تذكير آخر بالتحديات اللوجستية التي قد تبرز عند ابتعاد المشترين عن النفط الروسي، إذ سيتعين على الشحنات الإبحار لمسافات طويلة، وسيعزز ذلك الاستعانة بأسطول ناقلات النفط العالمي.

وفي غضون ذلك، ارتفع مؤشر الأرباح للناقلات العملاقة، التي تتمتع بسعة تصل إلى مليوني برميل من النفط الخام، إلى أعلى مستوياته هذا الأسبوع منذ أبريل/نيسان (2022). وقال الرئيس التنفيذي لشركة “فرونتلاين ماناجمنت”، لارس بارستاد، إن شهية أوروبا لخام الشرق الأوسط تعزز ما يُعرف بـ”طن/ميل”، وهو مقياس للطلب يُحسب من خلال ضرب وزن الحمولة بالأطنان في المسافة التي تقطعها السفينة بالأميال. ووفقًا لذلك، أوضح بارستاد أن واردات الاتحاد الأوروبي تضاعفت على الأقل، بينما النفط الروسي تضاعف 3 مرات إن لم يكن أكثر.

إيرادات روسيا من النفط والغاز قد تتراجع 85 مليار دولار في 2022

من المؤكد أن إيرادات روسيا من النفط والغاز ستتضرر جراء العقوبات الغربية، التي خفّضت سعر الخام الروسي، لكن تداعياتها لم تترك تأثيرًا كبيرًا في إنتاج الخام وصادراته حتى الآن.

وتتوقع شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي -في تقرير صادر يوم الثلاثاء، 12 يوليو/تموز- أن تفقد روسيا ما يصل إلى 85 مليار دولار من دخل ضرائب النفط والغاز هذا العام (2022)، بسبب الخصم الكبير على خام الأورال الروسي.

ومنذ أبريل/نيسان 2022، يُتداول خام الأورال الروسي عند نطاق يتراوح من 30 إلى 40 دولارًا للبرميل، وهو أقل من سعر خام برنت القياسي، الذي تجاوز 100 دولار للبرميل، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، وفق رصد وحدة أبحاث الطاقة.

تقديرات إيرادات روسيا من النفط والغاز
رغم المكاسب القوية لخام برنت وتجاوزه مستوى 100 دولار للبرميل، فإن جميع منتجي النفط لا يستفيدون بشكل متساوٍ من الارتفاع؛ إذ اتسعت فروق الأسعار بين خام برنت وأنواع النفوط الأخرى تقريبًا.

وبالنسبة إلى روسيا، تُقدر ريستاد إنرجي أن إجمالي إيرادات روسيا من النفط والغاز لعام 2022 قد يبلغ 295 مليار دولار، بناءً على سعر خام برنت. وبافتراض علاوة سعرية أعلى لخام برنت قدرها 40 دولارًا للبرميل، مقارنة مع الخام الروسي، فإن الإيرادات الضريبية قد تنخفض بمقدار 85 مليار دولار على مدار 2022 بأكمله، وهو ما يمثّل انخفاضًا بنسبة 30%، مقارنة مع حالة عدم وجود علاوة سعرية، بحسب التقرير.

ونتيجة لذلك، تقدّر شركة ريستاد إنرجي أن الحكومة الروسية ستربح 210 مليارات دولار من ضرائب النفط والغاز في 2022. ويعكس ذلك تأثير العقوبات الغربية في إيرادات روسيا من النفط والغاز، في حين يوفر إمدادات أرخص لبعض الدول الآسيوية، التي تستفيد من الخصم على خام الأورال مثل الهند والصين.

فروقات خام برنت والخامات الأخرى
خلال الأشهر الأولى من أزمة كورونا عام 2020، كان يُتداول العديد من الخامات الأخرى، مثل خام الشرق الأوسط بعلاوة على خام برنت، اقتربت في ذروتها من 15 دولارًا للبرميل. ومنذ صيف 2020 وحتى بداية 2022، كان الفارق بين الخامات المختلفة وسعر خام برنت يحوم حول 5 دولارات للبرميل أو أكثر، بحسب التقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.

ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بدأ مزيج الأورال الروسي في التداول بخصم كبير عن خام برنت؛ إذ ارتفع الفرق من 10إلى 40 دولارًا للبرميل من منتصف فبراير/شباط إلى بداية مارس/آذار 2022، وهو أكبر فارق حتى الآن، ما يؤثر في إيرادات روسيا من النفط والغاز.

ومنذ 1 مارس/آذار 2022، شهدت جميع أنواع النفط الروسي وبعض أنواع مزيج الرمال النفطية الكندية خصمًا يزيد على 20 دولارًا للبرميل، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر خامات الشرق الأوسط خصمًا يتراوح بين 5 و10 دولارات للبرميل.

مرونة إنتاج النفط الروسي
رغم توقعات تراجع إيرادات روسيا من النفط والغاز في 2022، فإن إنتاج الخام على المسار الصحيح ليكون أكثر قوة مما كان متوقعًا في السابق، إذ أثبتت الصناعة في البلاد أنها قادرة على مقاومة العقوبات الغربية. وعادت -مؤخرًا- صادرات النفط الروسي إلى مستويات ما قبل الصراع مع أوكرانيا، بعد انخفاض كبير في أبريل/نيسان الماضي.

وترى ريستاد إنرجي أن حظر النفط الروسي من قبل أوروبا سيكون تأثيره متوسطًا أكثر مما كان متوقعًا في السابق، إلى جانب توقعات ارتفاع الطلب المحلي والخارجي على المنتجات النفطية الروسية فوق التقديرات السابقة.

  • مفاجأة.. صادرات النفط الروسي إلى أوروبا تسجل 22 مليار دولار منذ بدء غزو أوكرانيا

ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يبلغ إنتاج الخام الروسي 9.4 مليون برميل يوميًا في 2022، ما يمثل تعديلًا بالرفع قدره 700 ألف برميل يوميًا عن التقديرات السابقة، بحسب التقرير. بينما واصلت صادرات النفط الخام الروسي نموها فوق 5 ملايين برميل يوميًا خلال مايو/أيار الماضي، كما أظهرت عمليات تشغيل المصافي نموًا غير مسبوق بواقع 700 ألف برميل يوميًا خلال يونيو/حزيران المنصرم، مع ارتفاع الطلب على المنتجات النفطية داخل البلاد.

توليد الهيدروجين من الميثانول.. مشروع أوروبي يكافح انبعاثات الشحن البحري

وجد القائمون على بناء السفن وتشغيلها ضالّتهم في مشروع “هاي-ميث-شيب” لتوليد الهيدروجين من الميثانول الذي عكف معهد الأبحاث التطبيقية الألمانية “فراونهوفر” على تطويره، في محاولة لكبح جماح انبعاثات قطاع النقل البحري.

ويسهم المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي في مكافحة أعمدة الدخان الناجم عن عمليات احتراق زيت الوقود في الهواء المرافق لرحلات النقل البحري والشحن، وذلك من خلال طرحه رحلات بحرية خضراء خالية من الانبعاثات.

وقُدِّرت انبعاثات قطاع النقل البحري بنحو 144 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون عام 2019، في حين تُشير بيانات الوكالة الأوروبية للبيئة إلى وقوف النقل البحري وراء 3% من إجمالي الانبعاثات الكربونية في الاتحاد، بحسب الموقع الإلكتروني لمعهد فراونهوفر الألماني.

بديل لانبعاثات النقل البحري
نظرًا لكون انبعاثات النقل البحري هي الأسرع نموًا في العالم، فقد كان السعي إلى خفضها هو الدافع وراء محاولات البحث عن أنظمة تشغيل تكون صديقة للبيئة، وهو التقنية الرئيسة التي يقوم عليها مشروع “هاي-ميث-شيب” بتوليد الهيدروجين من الميثانول، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ولتقنية توليد الهيدروجين من الميثانول مزايا عدّة، أبرزها أنها لا تشترط حمل السفينة خزان هيدروجين ضخمًا؛ ما يُكسب الرحلات حالةً من الأمان، وفي الوقت ذاته يرى القائمون على المشروع أنه سيجذب اهتمام السفن السياحية أيضًا. وفي ظل نمو حجم التبادل التجاري ونقل الصادرات، يتعين على القائمين على صناعة النقل البحري التوسع ببدائل صديقة للبيئة توفر وقودًا آمنًا للسفن العاملة بزيت الوقود أو الديزل.

ودفع ذلك نحو مطالبة البرلمان الأوروبي لشركات الشحن البحري -عام 2020- إلى خفض انبعاثاتها بمعدلات متسارعة؛ استجابة للضغوط المفروضة على صناعة النقل البحري التي تهدد مسيرة انتقال الطاقة والصفقة الخضراء في أوروبا.

مشروع توليد الهيدروجين من الميثانول
برز مشروع “هاي-ميث-شيب” لتوليد الهيدروجين من الميثانول حلًا أمثل لإنقاذ عمليات الشحن البحري خلال رحلة انتقال الطاقة، لا سيما مع وجود خطط لتطبيق تقنية المشروع على صناعات كيميائية أخرى.

وأجرت شركة “شيب سوليوشنز إيميشن” لتطوير تقنيات تشغيل السفن اختبارًا تشغيليًا بنطاق محدود في مدينة إنسبروك النمساوية بإشراف من مركز كفاءة المحركات، لاختبار جدوى تقنية المشروع الأوروبي.

وكشف الرئيس التنفيذي للشركة أن الاختبار أكد إمكان توليد الهيدروجين من الميثانول، بما يوفر وقودًا نظيفًا للسفن. وجاء انطلاق فكرة توليد الهيدروجين من الميثانول لتوفير وقود سفن الشحن البحري بعدما حاول باحثو معهد فراونهوفر الألماني ابتكار مصدر وقود يخفض الانبعاثات، ويكون مصدرًا آمنًا في الوقت ذاته.

وحول تقنية عمل المشروع بصورة تفصيلية، يستخدم مشروع “هاي-ميث-شيب” الميثانول حاملًا للهيدروجين السائل، وتُزوّد السفن بالميثانول قبيل الانطلاق من الموانئ. وقبل بدء عملية الإبحار، تجري عملية معالجة لتوليد الهيدروجين من الميثانول اعتمادًا على البخار، وينتج عن تلك التفاعلات وقود نظيف خالٍ من الانبعاثات.

مزايا مزدوجة
بإتمام تلك التقنية بالصورة التي توصّل الباحثون إليها، وأثبتت الاختبارات جدواها، يحمل المشروع الأوروبي فائدة مزدوجة؛ إذ يعمل على خفض انبعاثات الشحن البحري، ويطرح تطويرًا لفكرة مرافقة خزّان هيدروجيني مضغوط كبير الحجم على متن السفن لتوفير وقود نظيف لها؛ لكنه قد يعرّضها لأخطار.

ويعدّ المفاعل حجر الزاوية الرئيس لنظام المشروع؛ إذ إن الخطوات الأولى تبدأ بمزج الميثانول بالماء، ثم تبخيره بالحرارة والاحتفاظ به بالمفاعل سابق التسخين، وخلال تلك المرحلة يُحول مزيج الميثانول والماء إلى هيدروجين وثاني أكسيد الكربون.

وهنا يأتي دور التقنيات المتقدمة لمعهد فراونهوفر بتطوير غشاء مغطى بالكربون، يمكن أن تستقر بمسامه الدقيقة جزئيات الهيدروجين، حتى تتمكن من فصل جزيئات غاز ثاني أكسيد الكربون. وبتلك التقنية، يمكن الحصول على هيدروجين بمستوى نقاء يتجاوز 90% ويمكن ضخّه بالمحرك لتشغيل السفن دون انبعاثات.

تحديات تقنية
يعتمد مشروع توليد الهيدروجين من الميثانول على جانبين يحققان الاستفادة القصوى من إمكاناته، أولهما: استخدام حرارة المحرك لتسخين المفاعل، وثانيهما: الاستفادة في الوقت ذاته من ثاني أكسيد الكربون بعد فصله عن جزئيات الهيدروجين وإعادته للحالة السائلة، لاستخدامه في تصنيع الميثانول وإعادة العملية بتقنياتها مرة أخرى.

وتبلغ كثافة توليد الهيدروجين من الميثانول ضعف كثافة الهيدروجين السائل الذي كان يرافق رحلات الشحن البحري بخزّانات ضمن محاولات خفض الانبعاثات. ويمكن للمشروع الجديد التمتع بمستوى أمان أكبر من التجارب السابقة لانخفاض حجم خزانات الميثانول إلى نصف خزّانات الهيدروجين السابقة؛ ما يجعله أكثر تجنبًا للمخاطر البيئية، حتى إذا واجهت تلك الخزّانات تسريبًا.

ولم يخلُ المشروع الأوروبي لتوليد الهيدروجين من الميثانول من التحديات؛ إذ عكف باحثو المعهد الألماني على توسعة الأغشية المحتضنة لجزئيات الهيدروجين من طولها المتعارف عليه من 105 ميلليمترات إلى 500 ميلليمتر. وأتاح توسعة الغشاء لهذه المستويات قدرة دفع للمحرك تصل إلى 1 ميغاواط، ويهدف الباحثون لتطويرها إلى ما يزيد عن 20 ميغاواط.