أثار بيان حديث حول زيادة واردات إسبانيا من الغاز الروسي بما يتجاوز الضعف خلال شهر أغسطس/آب الماضي، الجدل حول هوية الغاز المصدر من مدريد باتجاه الرباط.
ففي الوقت الذي تراجعت فيه صادرات الغاز الجزائري إلى إسبانيا بصورة كبيرة خلال الشهر الماضي -في ظل الخلاف بين البلدين على ضوء التقارب المغربي الإسباني- سجلت صادرات الطاقة الروسية إلى مدريد قفزة كبيرة. وأظهرت بيانات مشغل شبكة الغاز الإسبانية “إيناغاز” يوم الإثنين 12 سبتمبر/أيلول، تغيرات كبيرة في تركيبة موردي الغاز الطبيعي في إسبانيا خلال الفترة الأخيرة.
صادرات الغاز الروسي لإسبانيا
على الرغم من الحرب في أوكرانيا، زادت واردات إسبانيا من الغاز الروسي بنسبة 23% هذا العام مقارنة بالعام الماضي (2021)، إذ اشترت مدريد نحو 32770 غيغاواط/ساعة من موسكو في أول 8 شهور من 2022. وخلال أغسطس/آب من هذا العام (2022)، ضاعفت إسبانيا حجم وارداتها من الغاز الروسي مقارنة بأرقام أغسطس/آب 2021.
في المقابل، صدرت الجزائر التي تعد المورد الرئيس للغاز، أقل من ربع الواردات التي استقبلها إسبانيا، وجاءت الولايات المتحدة بصفتها المصدر الرئيس. وأشارت بيانات إيناغاز إلى أن واردات إسبانيا خلال الشهر الماضي من روسيا بلغت 4505 غيغاواط/ساعة مقارنة بـ 2228 غيغاواط في نفس الفترة من العام الماضي، مستحوذة على نسبة 11.8% من إجمالي الواردات مقارنة بـ8-10% المعتادة.
صادرات الغاز الجزائري
انخفضت صادرات الغاز الجزائري من 12.432 ألف غيغاواط/ساعة إلى 9.127 ألف غيغاواط/ساعة، فيما شهدت صادرات الولايات المتحدة أكبر زيادة خلال أغسطس/آب، إذ ارتفعت من 5241 غيغاواط/ساعة إلى 10074 غيغاواط/ساعة.
وأوضحت بيانات إيناغاز أنه حتى الآن هذا العام، اشترت إسبانيا ما يقرب من 97 ألف غيغاواط/ ساعة من الولايات المتحدة- بزيادة 269% عن نفس الوقت في عام 2021. وعادةً ما تستخدم العديد من الدول الأوروبية وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).
التصدير في الاتجاه العكسي
تأتي الزيادة الكبيرة من روسيا والولايات المتحدة لتعويض انخفاض الواردات من الجزائر، والتي تراجعت بنحو 40% في عام 2022 مقارنة بالعام الماضي. يعد خط الأنابيب المغاربي-الأوروبي الخط الرئيس لنقل الغاز الطبيعي عبر المغرب إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، ومع توقف الإمدادات عمدت الجزائر إلى تصدير الغاز إلى إسبانيا عبر خط “ميدغاز”، ووقعت اتفاقية مع الرباط لاستخدام الأنبوب في الاتجاه العكسي.
كانت الجزائر قد أوقفت الصادرات عبر خط أنابيب المغرب العربي الأوروبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بعد انهيار العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، في ضربة كبيرة لإمدادات الغاز الإسبانية. هددت الجزائر بوقف جميع صادراتها إلى إسبانيا في حالة تحويل الخط إلى الاتجاه العكسي، إذ تشترط على مدريد عدم بيغ الغاز لطرف ثالث.
من جانبها، أعلنت إسبانيا أن الغاز المصدر باتجاه المغرب لن يكون جزائريًا، ما دفع العديد إلى التساؤل حول هوية الغاز إذ تستحوذ 5 دول (الولايات المتحدة، الجزائر ونيجيريا وفرنسا وروسيا)، على الحصة الأكبر من حجم واردات الغاز التي تستقبلها مدريد.
الصادرات الإسبانية
حرصت إسبانيا على تزويد المغرب باحتياجاته من الغاز، عبر خط الأنابيب الذي كان مخصصًا لتصدير الغاز الجزائري، إذ بدأت الضخ العكسي مع نهاية يونيو/حزيران الماضي. وحافظت إسبانيا على شحنات مستمرة إلى المغرب خلال أغسطس/آب، على الرغم من أنها توقفت عن تصدير الغاز إلى شمال أوروبا.
كان المغرب قد وقّع، مؤخرًا، اتفاقية مع إسبانيا تقضي باستعمال خط أنابيب غاز المغرب العربي وأوروبا في الاتجاه العكسي، من أجل الاستفادة من البنية التحتية التي يوفرها خط الأنابيب في تأمين احتياجاته المتزايدة من الغاز لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع.
ووفقًا لبيانات إيناغاز، سجلت الصادرات الإسبانية إلى المغرب متوسط 18.7 غيغاواط/ساعة (59.84 مليون قدم مكعّبة) يوميًا التي سُلّمت في 15 أغسطس/آب، و11.4 غيغاواط/ساعة (36.48 مليون قدم مكعّبة) يوميًا في 19 أغسطس/آب.
وكانت مدريد قد زودت الرباط بنحو 0.5 غيغاواط/ساعة (1.6 مليون قدم مكعّبة) من الغاز الطبيعي في 1 أغسطس/آب، وزادت الشحنات إلى 1 غيغاواط/ساعة (3.2 مليون قدم مكعّبة) يوميًا في 2 أغسطس/آب. وفي 5 أغسطس/آب، انتقلت إسبانيا مباشرةً إلى ذروة بلغت 31.5 غيغاواط/ساعة (100.8 مليون قدم مكعّبة) يوميًا.