النوافذ الشمسية.. ثورة صناعية جديدة لتوفير الكهرباء في المباني الزجاجية

السعي لتطوير النوافذ الشمسية ليس أمرًا مستحدثًا، لكن تحسين كفاءتها وإطالة عمرها هو الشغل الشاغل للكثير من العلماء والباحثين. ويبدو أن حلم تحويل النوافذ إلى مولدات كهرباء فاعلة بات قريبًا من تحقيقه، مع ابتكار مجموعة من الباحثين الأستراليين بجامعة موناش بولاية فيكتوريا وهيئة البحوث الأسترالية، خلية شمسية شبه شفافة تسمح بمرور المزيد من الضوء المرئي، حسبما نشر موقع إنترستينغ إنجينيرينغ.

وطوّر الفريق خلايا بيروفسكايت شمسية بكفاءة تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء تبلغ 15.5%، مع السماح بمرور أكثر من 20% من الضوء المرئي. وشهدت الخلايا الشمسية شبه الشفافة -التي يمكن أن تحلّ محلّ زجاج النوافذ وتصبح مولدات للكهرباء- تقدمًا سريعًا في السنوات الأخيرة، ويزيد ذلك من قدرة العديد من المباني، وخاصة ذات الوجهات الزجاجية، على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تطوير النوافذ الشمسية
سبق أن طوّر الفريق خلايا شمسية شبه شفافة من البيروفسكايت تتمتع بكفاءة تحويل بنسبة 17%، ويمكنها السماح بمرور 10% من الضوء المرئي. مع العلم أن خلايا السليكون غير الشفافة الموجودة على الأسطح تعمل بكفاءة تقارب 20%.

وعكف الفريق، بقيادة الأستاذ جاسيك جاسينياك من قسم علوم وهندسة المواد بجامعة موناش، على تطوير تركيبات جديدة للخلايا باستخدام مزيج من السيزيوم والفورماميدينيوم في تكوين خلايا البيروفسكايت الأولية، وبلغت كفاءة التحويل 15.5% و4.1%، في حين بلغت نسبة النفاذية المرئية 20.7% و52.4% على التوالي. ورغم ان كفاءة تحويل الكهرباء كانت أقلّ من النتائج السابقة، فإن هذه المواد الجديدة تسمح بمرور الضوء المرئي بنسبة كبيرة؛ ما يزيد من إمكان استخدامها وتطبيقها عمليًا.

زيادة الكفاءة
قال الأستاذ الجامعي جاسيك جاسينياك، إن النتائج الجديدة ستكون بمثابة خطوة مهمة تضمن زيادة كفاءة هذه الخلايا وانتشارها بصفتها نوافذ شمسية. كما وجد الباحثون أن مزيج السيزيوم والفورمامدينيوم في التركيبة الأولية للبيروفسكايت قدَّم أداءً أفضل خلال فجوات النطاق المختلفة. وفي الخلايا الشمسية، فجوة النطاق هي الحدّ الأدنى من الطاقة المستغلة لتوفير الكهرباء من الشمس، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

كما أظهرت الخلايا الشمسية من السيزيوم والفورماميدينيوم ثباتًا فائقًا على المدى الطويل، عند تعرّضها للإضاءة والتدفئة باستمرار، والتي تحاكي الظروف التي قد تواجهها عند الاستخدام الفعلي. ووفقًا للنتائج، احتفظت الخلايا الشمسية من السيزيوم والفورماميدينيوم بـ85% من كفاءة تحويل الكهرباء بعد 1000 ساعة تحت الإضاءة المستمرة، وهذا يجعلها مرشحة لتصنيع تقنيات قابلة للتطوير.

ثورة في المباني
رغم أن تطبيق التزجيج الشمسي في الواقع ما يزال في مراحله المبكرة، لكن يتزايد إقبال الكثير من المطورين على دراسته. وأعلنت شركة الهندسة المعمارية “كينون” -مؤخرًا- خططًا لتغطية مبنى مكون من 8 طوابق في غرب ملبورن بمواد مرنة شفافة قادرة على توليد الكهرباء اللازمة للمبنى عند تعرّضها لأشعة الشمس. كما وقّع مطوّر الزجاج الشمسي بغرب أستراليا “كليرفو” صفقة لتثبيت الزجاج الشمسي الشفاف في مبنى مكتبي بمدينة أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا الأميركية.

وسيستخدم المشروع 250 مترًا مربعًا من الزجاج الشمسي، ومن المتوقع بدء البناء خلال الربع الرابع من العام الجاري (2022). وترى الشركة الأسترالية أن الزجاج لم يعد مجرد عنصر للبناء، لكنه أصبح مصدرًا للطاقة المتجددة وعنصرًا فعالًا في جهود إزالة الكربون من أعمال البناء.

الطاقة الشمسية الشفافة
يمكن تحويل أيّ سطح شفاف إلى لوحة شمسية، ويمكن تركيب الألواح الشمسية الشفافة في أيّ مكان، سواء على النوافذ أو الهواتف الذكية. وتستطيع الخلايا الشمسية الشفافة تجميع واستخدام الطاقة الضوئية من خلال النوافذ أو أيّ سطح زجاجي، ولديها القدرة على تغيير قواعد اللعبة وتوسيع نطاق استخدام الطاقة الشمسية.

وسبق للباحثين تطوير طرق عديدة لتقنيات الطاقة الشمسية الشفافة، ومع ذلك، يعمل أغلبها مركزات شمسية شفافة، أي إنها مصممة لالتقاط أطوال موجية محددة من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء غير المرئية بالعين المجردة، وتحويلها إلى طاقة قادره على تشغيل الإلكترونيات.

وتُعرف هذه التقنية -أيضًا- باسم الزجاج الكهروضوئي، الذي اكتُشِف خلال البحث عن بدائل للألواح الشمسية الحالية، ويتخذ أشكالًا مختلفة، بداية من نوافذ المكاتب والمنازل وفتحة سقف السيارة، إلى الهواتف الذكية وبلاط الأسقف. وتتميز به مدرسة كوبنهاغن الدولية، التي يتكون هيكلها من 12 ألف لوحة شمسية ملونة قادرة على توليد 200 ميغاواط/الساعة/سنة، أي أكثر من نصف الكهرباء التي تستهلكها.