الذهب ملاذ المستثمرين.. كيف تنقذ مدخراتك في ظل الاضطرابات العالمية؟

يعتبر توجه المستثمرين إلى الذهب أوقات الاضطرابات أمرا معروفا منذ القدم. وأدى غزو أوكرانيا، وما تلاه من انقطاع في إمدادات السلع، إلى زيادة التضخم بشكل حاد ونتج عنه ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية.

وصل سعر الذهب إلى ألفي دولار للأونصة هذا الشهر، مما دفع المحللين إلى توقع أنه سيحطم الأرقام القياسية ويصل إلى 2500 دولار بحلول نهاية العام. ومع ذلك، شهد الذهب أسوأ انخفاض أسبوعي له لما يقرب من 4 أشهر.

نشرت مجلة تايمز البريطانية مقالا ذكرت فيه أنه غالبًا ما ينظر المستثمرون إلى الذهب على أنه الملاذ الآمن والتحوط الطبيعي ضد التضخم، حيث يحتفظ بقيمته أوقات الاضطراب الاقتصادي، لذلك يتكالبون على المعدن الأصفر الفترات الأخيرة.

ويشير المقال إلى أنه يجب على المستثمرين -الذين يتوقعون أن يستمر الارتفاع- ألا يسارعوا إلى وضع أموالهم في الذهب المادي الذي لا يدفع أي فائدة أو أية أرباح. فهناك طرق أخرى للتعرض لارتفاع الذهب. واحدة من الطرق الأكثر شعبية هي الاستثمار بالصناديق المتداولة في البورصة، والمصممة لتتبع سعر الذهب.

تشمل صناديق الاستثمار المتداولة في المعدن الأصفر تلك التي تستثمر مباشرة في الذهب المادي، أو تتبع سلة من أسهم مناجم هذا المعدن النفيس. وقد بلغ صافي التدفقات الداخلة لصناديق الذهب المتداولة في فبراير/شباط الماضي 2.1 مليار دولار، وفقا لمجلس الذهب العالمي، مقارنة بصافي التدفقات الخارجة البالغ 9 مليارات دولار العام الماضي.

وتوفر صناديق الاستثمار المتداولة سيولة ورسوم إدارة أقل من الصناديق المدارة بنشاط، ويمكن القول إنها تستهلك وقتا أقل للمستثمرين مقارنة بتقييم مزايا وضع أموالهم خلف شركة واحدة فقط متداولة علنا.

ومع ذلك، فقد ارتفعت الأسهم المتداولة في المعدن الأصفر مثل سهم “يامانا غولد” الكندي، وكذلك أسهم شركة التعدين المكسيكية “فريزنيلو” ، وتفوقا على مؤشر “فوتسي” لجميع الأسهم. ومن المتوقع أن يؤدي الزيادة في أسعار الذهب إلى ارتفاع أسعار أسهم يامانا غولد وفريزنيلو، الأمر الذي سيفيد التدفقات النقدية، وذلك وفقا لبيتر مارون الرئيس التنفيذي لشركة “يامانا” التي لديها مناجم في أميركا الشمالية والجنوبية. وفي نفس الوقت، ارتفعت أسهم منتجي المعادن الصناعية الكبيرة والمتنوعة، مثل “ريو تينتو”و”أنجلو أميركان” و”غلينكور”.

العامان الماضيان، تفوق مؤشر “فوتسي 350” للمعادن الصناعية والتعدين على مؤشر فوتسي لمناجم الذهب. وقد أفسح الهروب إلى الذهب، خلال الأشهر الأولى من الوباء، المجال أمام تحول حاد نحو مخزونات التعدين الصناعي خلال النصف الثاني من عام 2020، حيث انتعش الطلب بوتيرة أسرع من العرض.

وقد يؤدي ضيق مخزونات السلع الأساسية مثل خام الحديد والنحاس إلى ارتفاع طويل الأجل بالأسعار لهؤلاء المنتجين مقابل الذهب. وقد يكون الطلب المتزايد على المعادن (مثل النيكل والنحاس) -في التحول نحو التقنيات الجديدة في توليد الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية- أكثر دعما للأسهم في شركات التعدين الكبيرة المتنوعة، مقارنة بنظرائهم المعنيين بالذهب.

إن ارتفاع أسعار المواد الخام والعمالة والطاقة يعني أن مالكي الأسهم المتداولة في المعدن الأصفر قد لا يشعرون بالفائدة الكاملة من الارتفاع الحاد في سعر الذهب. فقد خذلت شركات الذهب نفسها على مدى السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك، في حين أن سعر الذهب يرتفع وترتفع تكاليف الإنتاج أكثر.