أسعار الغاز الطبيعي المسال تهدد تايلاند بأزمة طاقة حادة

شكّلت أسعار الغاز الطبيعي المسال التي وصلت إلى مستويات قياسية مع اندلاع شرارة الحرب الروسية على أوكرانيا ضغطًا كبيرًا على اقتصادات الدول الآسيوية التي تعاني أزمات مالية واجتماعية طاحنة.

وأجبرت تلك الأسعار دول آسيا على إيجاد بدائل أخرى لتوليد الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري الضارة بالبيئة، بحسب بيانات رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة. وارتفعت الأسعار الفورية للغاز المسال بنحو 40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر.

أزمة وقود في تايلاند
في جنوب شرق آسيا، أجبر ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، تايلاند على تقليص وارداتها، ما يعرّض البلاد لخطر نقص الوقود، وفقًا لموقع إنرجي فويس. وأوقفت الشركات المستوردة الخاضعة لسلطة الدولة مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال من السوق الفورية بسبب الزيادات الهائلة في الأسعار ونقص الإمدادات.

ومن المتوقع أن تشهد أسعار الغاز المسال مزيدًا من الارتفاع مع قطع محتمل للإمدادات الروسية عن أوروبا، فضلًا عن إغلاق محطة رئيسة لإنتاجه في الولايات المتحدة لعدة أشهر بعد اندلاع حريق. وعلى الرغم من أن شركات الطاقة في تايلاند تخطّط لتعزيز مشترياتها من بدائل أرخص مثل الديزل وزيت الوقود فإن العجز الناجم عن خفض الغاز الطبيعي المسال قد يكون أكبر من أن يُعوض بمصادر أخرى.

وقالت النائبة المتحدثة باسم الحكومة التايلاندية، راتشادا دناديريك: “لن نُعرّض بلادنا لخطر نقص الوقود”، مضيفة أن “تايلاند لا تكافح من أجل الحصول على الإمدادات”. وتعاني بعض الدول الآسيوية الأكثر فقرًا المجاورة لتايلاند -بما في ذلك باكستان وسريلانكا- أزمة طاقة حادة بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز.

أسعار الغاز الطبيعي المسال
قفزت الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المسال في شمال آسيا بنحو 50% هذا الشهر، لأكثر من 3 أضعاف ما كانت عليه قبل عام، إذ عزّز تحرك روسيا للحدّ من الصادرات إلى أوروبا، المنافسة عالميًا، على الغاز الطبيعي المسال.

وبدأت روسيا التي تورد ما يقرب من نصف احتياجات أوروبا من الغاز، قطع إمداداتها عن بعض الدول التي رفضت الخضوع لقرار بوتين الدفع بالروبل مقابل الحصول على الغاز. ويهدد انتشار الغاز في مزيج توليد الكهرباء في تايلاند، بزيادة خطر انقطاع التيار الكهربائي في البلاد مع نقص المعروض. وتُظهر البيانات الحكومية أن ما يقرب من ثلثي الكهرباء في البلاد وُلدت من الغاز الطبيعي في الأشهر الـ4 الأولى من العام.

ويتفاقم الخطر أيضًا بسبب زيادة الطلب مع تعافي قطاعي السياحة والصناعة في تايلاند بعد جائحة كورونا. وشكّل الغاز الطبيعي المسال الذي يُستورد من الخارج، خُمس الغاز المستخدم في توليد الكهرباء في تايلاند خلال عام 2020، وفقًا لأرقام شركة الطاقة الحكومية “بي تي تي”.

ويرجع ارتفاع واردات تايلاند من الغاز الطبيعي المسال في الأشهر الـ5 الأولى من العام، إلى استبدال شحنات خطوط الأنابيب من ميانمار وانخفاض الإنتاج المحلي، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة. ومع ذلك انخفضت واردات تايلاند من الغاز الطبيعي المسال في يونيو/حزيران بنسبة 35% حتى الآن، مقارنة بالمدة نفسها في مايو/أيار، مع بدء تنفيذ خطة الحد من الاستيراد.

الاعتماد على الديزل والفحم
قال ممثل شركة الطاقة الحكومية “بي تي تي”، إن كبح واردات الغاز الطبيعي المسال بسبب ارتفاع الأسعار “قيد الدراسة”. وصرح نائب رئيس الوزراء، سوباتانابونج بونميشاو، للصحفيين أمس الأربعاء 22 يونيو/حزيران 2022، بأن الحكومة التايلاندية ستؤجل الإغلاق المزمع لوحدات الكهرباء العاملة بالفحم في مجمع مملوك للدولة بسبب ارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي المسال. وقال، إن 4 وحدات في محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في مقاطعة لامبانغ ستظل تعمل حتى عام 2025.

وفي الوقت ذاته، فإن استخدام المزيد من وقود الديزل وزيت الوقود، وهو مصدر طاقة شديد التلوث يستخدم بصفة أساسية لتشغيل السفن، من شأنه أن يجعل تايلاند تسير على درب بنغلاديش، إذ تعمل الدولة الواقعة في جنوب آسيا على تشغيل محطات توليد الكهرباء القديمة التي تعمل بزيت الوقود بأقصى طاقتها.

وسيؤدي استخدام المزيد من الفحم والنفط إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًا. وقررت تايلاند خفض الضرائب غير المباشرة على أنواع الوقود، لاستيراده بتكلفة أرخص. وتتزايد كمية الكهرباء المنتجة من أنواع الوقود الأكثر تلوثًا للبيئة منذ بداية عام 2022. وكان استخدام الديزل في توليد الكهرباء خلال الأشهر الـ4 الأولى من العام الجاري أعلى بـ14 مرة مقارنًة بالمدة نفسها من العام الماضي، وفقاً لوزارة الطاقة في البلاد.

وتخطّط تايلاند لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2065، وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج التوليد الإجمالي، لتصل إلى ما لا يقلّ عن 50% بحلول عام 2050، ارتفاعًا من نحو 20% في الوقت الحالي.