سيمفونية الفعالية: فن توفير الطاقة

هناك لحن، على الرغم من صمته، يتردد صداه بقوة كبيرة في عالمنا المعاصر. إنها موسيقى كفاءة الطاقة، وهي إيقاع خفي، ولكنه قوي لديه القدرة على تغيير علاقتنا مع الكوكب ومساعدتنا على الانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة. كفاءة الطاقة، في أبسط أشكالها، هي فن فعل المزيد بموارد أقل. إنها القدرة على تعظيم الأداء وتقليل الاستهلاك وتقليل بصمتنا الكربونية في النهاية. ولكن إذا ألقينا نظرة فاحصة، فإن كفاءة الطاقة هي أكثر من ذلك بكثير. إنه طريق إلى الاستدامة، وأداة للتخفيف من آثار تغير المناخ، ومحفز للابتكار. في سيمفونية الكفاءة لدينا، تمثل كل ملاحظة بُعدًا مختلفًا لهذا المجال الشاسع والرائع. من الممارسات اليومية إلى التقدم التكنولوجي، يساهم كل عنصر في خلق تناغم من الحفظ والاستدامة.

النغمة الأولى لسمفونيتنا هي التعليم. إن فهم الآثار المترتبة على إجراءات الطاقة لدينا واتخاذ قرارات مستنيرة أمر بالغ الأهمية لتعزيز الكفاءة. من إطفاء الأنوار عندما لا تكون قيد الاستخدام إلى اختيار الأجهزة التي تحمل ملصقات كفاءة الطاقة، يمكن أن يساهم كل خيار نتخذه في اللحن العام.

الملاحظة الثانية لها صدى مع الابتكار. يقود التقدم التكنولوجي أساليب جديدة لتحسين كفاءة الطاقة في جميع مجالات حياتنا. من المباني “الخضراء” المصممة لتحسين الحفاظ على الطاقة إلى السيارات الكهربائية ومصادر الطاقة المتجددة، تقوم التكنولوجيا بتنسيق تحول كبير في طريقة استخدامنا للطاقة والحفاظ عليها.

المذكرة الثالثة تسلط الضوء على أهمية السياسات العامة. تلعب الحكومات دورًا رئيسيًا في إنشاء إطار تنظيمي يشجع كفاءة الطاقة. سواء من خلال معايير الكفاءة أو الحوافز الضريبية أو البرامج التعليمية، يمكن للسياسة العامة أن تكون محركًا قويًا للتنفيذ على نطاق واسع للممارسات الفعالة.

النغمة الرابعة لسمفونيتنا هي مسؤولية الشركات. تلعب الشركات دورًا مهمًا في تعزيز كفاءة الطاقة، سواء في عملياتها الخاصة أو في المنتجات والخدمات التي تقدمها. يمكن للشركات التي تلتزم بكفاءة الطاقة تحسين صورتها وتقليل تكاليف التشغيل والمساهمة بشكل كبير في الاستدامة البيئية.

النغمة الخامسة والأخيرة لسمفونيتنا هي التكيف. كفاءة الطاقة مجال ديناميكي ومتطور باستمرار. للمواكبة، يجب أن تكون على استعداد للتكيف والتعلم والابتكار. إنه طريق للتحسين المستمر، للتجربة والخطأ، للبحث الدؤوب عن طرق أفضل للقيام بالأشياء.

عندما يتم الجمع بين كل هذه الملاحظات، فإنها تخلق سمفونية من الكفاءة التي يتردد صداها مع الأمل والاحتمال. إنه لحن يدعو إلى العمل، ويدعونا للمشاركة في التحدي الكبير المتمثل في الاستدامة. إنها أغنية، إذا استمعنا إليها بعناية، يمكن أن ترشدنا إلى مستقبل حيث الطاقة ليست مصدرًا للصراع، ولكنها قوة من أجل الخير. في الختام، كفاءة الطاقة ليست مجرد مسألة اقتصادية أو تقنية. إنها مسألة عقلية ومسؤولية وطموح. إنه اللحن الذي يجب أن نتعلم العزف عليه إذا أردنا بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة. لأنه في نهاية اليوم، كل نغمة نلعبها في سيمفونية الكفاءة هذه مهمة. كل خيار نتخذه، كل ابتكار نقوم بتنفيذه، كل سياسة ندعمها تساهم في اللحن العام. لذلك دعونا نستمع إلى هذه السمفونية. دعونا نتعلم ملاحظاته، ونتدرب على حركاته، ونتقن إيقاعه. ودعونا نتذكر دائمًا أنه في كل ملاحظة كفاءة، هناك فرصة. الفرصة لإحداث فرق. فرصة لتغيير العالم. فرصة عزف موسيقى المستقبل. لأن كفاءة الطاقة في نهاية المطاف ليست مجرد طريق للاستدامة. إنها سيمفونية الأمل. ترنيمة للبراعة البشرية. لحن الاحتمال. ولدينا جميعًا القدرة على المساهمة في موسيقاه.

سويسرا تستعد لمواجهة أزمة الطاقة في الشتاء.. ترشيد الاستهلاك وتلميح بقطع الكهرباء

بدأت الدول الأوروبية إعلان خططها لمواجهة أزمة الطاقة المرتقبة ضمن استعدادات فصل الشتاء مع غياب الإمدادات الروسية عن القارة العجوز للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، ودعت سويسرا مواطنيها إلى ترشيد الاستهلاك والحفاظ على الإمدادات.

واستبعدت الدولة إمكان إجراء تخفيضات على أسعار الطاقة، لا سيما أنها في متناول الأسر، بحسب ما نقلته رويترز عن بيان لمجلس الوزراء اليوم الأربعاء 31 أغسطس/آب.

ويأتي هذا في حين تواجه إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا اضطرابًا كان أحدثها إعلان شركة غازبروم توقف ضخ التدفقات في خط نورد ستريم 1 بدءًا من اليوم حتى يوم 3 سبتمبر/أيلول المقبل لأعمال الصيانة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة ونشرته في وقت سابق.

خطة ترشيد الاستهلاك
تسعى الحكومة السويسرية لاستباق أزمة الطاقة بإجراءات تسمح بتخفيف حدة تداعياتها على الأسر والشركات، وهدفت الحملة -التي أطلقتها للحفاظ على الإمدادات- إلى إجراءات من شأنها منع نقص الغاز. وتتواصل حملة الحكومية السويسرية الطوعية حتى شهر أبريل/نيسان من العام المقبل (2023) حتى تضمن البلاد عبورًا آمنًا من أزمة الطاقة وقدرة على تلبية الطلب.

وتشمل الحملة استخدام وسائل متنوعة لتذكرة المواطنين بأهمية الحفاظ على الطاقة وخفض الطلب عبر خفض منظمات الحرارة “الثرموستات” وخفض معدل تدفئة المياه والتيقن من غلق الأجهزة ووسائل الإضاءة في حالة عدم الحاجة إلى تشغيلها. وتحت شعار “الطاقة محدودة فلا نهدرها” انضمت إلى الحملة السويسرية 40 جهة من القطاعين العام والخاص، وفق رويترز.

وكانت الحكومة على مدار الشهرين الماضيين قد أعلنت إجراءات تُسهم في احتواء أزمة الطاقة المحتملة في القارة العجوز خلال فصل الشتاء، ومن ضمن تلك الإجراءات قطع الكهرباء لمدة 4 ساعات حال نقص الإمدادات. وإلى جانب ذلك أكدت الحكومة أن “التقنين” سيكون إحدى أدواتها، إذ انخفضت مستويات الغاز خلال الشتاء حال عدم قدرة بقية الإجراءات على توفير غطاء آمن للطلب.

مستويات الأسعار
رأت الحكومة السويسرية أنها ستحتفظ بمستويات أسعار الطاقة في نطاقها الحالي، ولا داعي لإجراء أي تخفيضات رغم أزمة الطاقة، مشيرة إلى أن المواطنين يتعيّن عليهم التكيف مع نطاق الأسعار الحالي دون تكبد الحكومة أعباء دعم إضافية.

وأوضح مجلس الوزراء السويسري أن نطاق الأسعار بالآونة الحالية يقع في نطاق تحمل الأسر، وبالتوازي مع ذلك أبدى المجلس مرونة في متابعة تطورات الأسواق وانعكاسها على الأسر والشركات في ظل أزمة الطاقة.

ومن المقرر أن يُجري المجلس تقييمًا لنطاق التسعير في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وكانت مستويات تضخم أسعار المستهلك في شهر يوليو/تموز الماضي قد بلغت أعلى مستوياتها فيما يزيد على عقدين مسجلة 3.4%، غير أنها ما زالت محتفظة بمعدل ينخفض عن منطقة اليورو. وتعتزم سويسرا إدخال تعديلات على قواعد الكربون تحسبًا لاضطرار اللجوء إلى وقود التدفئة حال نقص إمدادات الغاز.

مستويات الغاز وبدائل مقترحة
كانت سويسرا قد أنجزت إعادة ملء احتياطياتها وأكملت مستويات تخزين الغاز بنجاح، نهاية يوليو/تموز الماضي، بالتزامن مع طرحها التزامًا طوعيًا بتوفير استهلاك الغاز بنسبة 15% خلال الشتاء. وحتى التاريخ المذكور تمكّنت سويسرا من رفع مستويات تخزين الغاز إلى ما يتراوح بين 75% و100%، خاصة أن اعتمادها على الغاز في مزيج الكهرباء منخفض للغاية، ولا يتجاوز 15%، وتؤول نسبة قدرها 42% منه لأغراض التدفئة المنزلية.

وبجانب إجراءات ترشيد الاستهلاك والحفاظ على مستويات الغاز في البلاد المعلنة لمواجهة أزمة الطاقة، وضعت سويسرا نصب أعينها التوسع في مشروعات الطاقة الكهرومائية، وأعلنت أنها تدرس 15 مشروعًا، لتمكّن السدود من دعم مزيج الكهرباء بإنتاج يصل إلى 5%.

وتحبس القارة العجوز أنفاسها ترقبًا لفصل شتاء تغيب عنه إمدادات الطاقة الروسية، خاصة الغاز، في حين يزداد الطلب الموسمي على الكهرباء والتدفئة.

ويبدو أن الغزو الروسي لأوكرانيا وما تبعه من عقوبات فُرضت على موسكو ستزيد تضييق الخناق على الإمدادات الأوروبية، وأعلن عملاق الغاز الروسي “غازبروم” اليوم تعليق التدفقات في خط نورد ستريم 1 -مصدر الإمدادات الأكبر في ألمانيا- حتى يوم 3 من شهر سبتمبر/أيول المقبل.