أصدرت المحكمة الفيدرالية في أستراليا حكمًا لصالح السكان الأصليين لجزر تيوي، في دعوى موجهة ضد أكبر مشروع غاز تابع لشركة سانتوس، يهدف إلى مد محطة داروين للغاز المسال بالوقود. ويعني الحكم -الذي أصدرته المحكمة تعليق عمليات الحفر والتنقيب في مشروع غاز باروسا العملاق -الواقع قبالة الساحل الشمالي لأستراليا، وبتكلفة تصل إلى 3.6 مليار دولار-، حسبما نقل موقع إنرجي فويس.
ووصفت الشركة الأسترالية الحكم بأنه مخيب للآمال، وستضطر إلى مواصلة وقف عمليات الحفر في انتظار نتيجة الاستئناف أو الموافقة على خطة بيئية جديدة لتطوير المشروع. وقالت الشركة إن مشروع باروسا -الذي يتضمّن حفر 8 آبار- قد اكتمل بنحو 46%، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الخلاف مع السكان الأصليين
يُعد مشروع باروسا أكبر استثمار في قطاع النفط والغاز الأسترالي منذ عام 2012، ويتألف من سفينة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، وآبار إنتاج بحرية، وخط أنابيب لتصدير الغاز مرتبط بحقل بايو أودان وخط أنابيب الغاز المسال داروين. وصادقت شركة سانتوس الأسترالية على المشروع في مارس/آذار (2021)، وبدأت استثمارًا بقيمة 600 مليون دولار لتطوير خط أنابيب يربط المشروعات لإطالة عمر محطة داروين للغاز المسال لقرابة 20 عامًا.
وتقوم الشركة بأنشطة الحفر في بحر تيمور، على بعد قرابة 140 كيلومترًا شمال جزر تيوي، وكان من المتوقع بدء أول إنتاج للغاز في النصف الأول من عام 2025. وفي محاولة لمنع سانتوس من تطوير مشروع باروسا، طعن السكان الأصليون في قرار الهيئة التنظيمية للصناعة “إن أو بي إس إي إم إيه” بالموافقة على خطة سانتوس لحفر حقل الغاز باروسا. وطلب سكان جزر تيوي في يونيو/حزيران (2022) من المحكمة إلغاء الموافقة على تصاريح عمليات الحفر للمشروع، بدعوى عدم استشارتهم، حيث سيمر خط الأنابيب عبر موطنهم. وفي يوليو/تموز (2022)، كانت سانتوس تستعد لعمليات الحفر في الحقل، ومع ذلك وافقت في أواخر أغسطس/آب على وقف عملياتها في انتظار قرار المحكمة.
نتيجة مخيبة للآمال
في بيان صدر يوم الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول (2022)، أشارت سانتوس إلى قرار قاضي المحكمة إلغاء قبول الهيئة التنظيمية لخطة بيئية تغطي أنشطة الحفر، وفشل الهيئة في تقييم ما إذا كانت هذه الخطة قد أظهرت تشاور سانتوس مع كل شخص تتطلب اللوائح التشاور معه.
وقال القاضي: “إن التصريح الذي قدمته الهيئة التنظيمية غير صالح من الناحية القانونية، ويجب إبطاله”. وعقبت سانتوس على ذلك بأن النتيجة مخيبة للآمال، مؤكدة أنها ناقشت أنشطة الحفر المقترحة مع الهيئات الممثلة للسكان الأصليين، وقبلت الهيئة التنظيمية للصناعة جهود التشاور مع سكان جزر تيوي وفقًا للوائح، وقررت قبول الخطة البيئية لتلك الأنشطة. في الوقت نفسه، أعلنت سانتوس خططها للاستئناف، موضحة أنه يجب على المحكمة مراجعة القرار، نظرًا إلى أهميته للشركة ولشركائها العالميين والعملاء والصناعة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتسيطر شركة سانتوس على مشروع باروسا بنسبة 50%، وتمتلك شركة الطاقة الكورية الجنوبية “إس كيه إي آند إس” حصة بنسبة 37.5%، وشركة جيرا اليابانية النسبة المتبقية. وأضافت الشركة أن باروسا مشروع غاز مهم للبلاد، ويعزز الوظائف والصادرات والعلاقات مع المستثمرين وعملاء الغاز في آسيا الذين اعتمدوا على أستراليا لتحقيق أمن الطاقة على مدار عقود من الزمن. وأوضحت أن الشكوك حول الموافقة على المشروع باتت مسألة تتعلق بالسياسة العامة، ويجب على الحكومة الأسترالية تسريع حلها للحد من مخاطر التجارة والاستثمار في المشروعات بجميع أنحاء البلاد.
فوز السكان الأصليين
في غضون ذلك، استقبل السكان الأصليون قرار المحكمة بالأغاني والرقصات التقليدية. وقال المحامون الممثلون لزعيم عشيرة مونوبي دينيس تيباكاليبا إن الشركة لم تتشاور مع العشيرة، ولم تقدم معلومات كافية حول المشروع لمجلس تيوي للأراضي. وأعرب تيباكاليبا للمحكمة عن مخاوفه بشأن التداعيات المحتملة للمشروع على القيم الثقافية والروحية، بالإضافة إلى مصادر الغذاء والبيئة البحرية.
ووصفت المستشارة الخاصة لمكتب المدافعين عن البيئة ألينا ليكين الحكم بأنه انتصار كبير لعشيرة مونوبي، ودليل على قوتهم وتفانيهم في مواجهة واحدة من أكبر شركات التعدين في البلاد. وقالت إن القرار ستكون له تداعيات وطنية وعالمية بشأن التشاور مع الشعوب الأصلية فيما يتعلق بمشروعات التعدين.
خطر يلاحق المشروع
قال المحلل في بنك كريدي سويس سول كافونيك إن فشل سانتوس في الاستئناف واضطرارها إلى تقديم خطة بيئية جديدة قد يؤثران في التكلفة الإجمالية والجدول الزمني للمشروع. وتابع: “هناك خطر يتمثل في أن الهيئة التنظيمية قد توسع نطاق المراجعة لتشمل جوانب أخرى، مثل الانبعاثات، إذ تشدد البلاد على أهداف انبعاثات الكربون بقوة -حاليًا- مقارنة بالسابق عندما حصلت الشركة على التصاريح”. وأشار متحدث باسم شركة إس كيه إي آند إس الكورية إلى أن الحكم سيؤخر عمليات الحفر للمشروع بقدر ضئيل، ولن يشهد الجدول الزمني المتوقع للإنتاج التجاري للغاز المسال أي اضطرابات.