الأسد في طهران.. رسائل ودلالات في التوقيت والملفات

كشف مصدر إيراني غیر رسمي مقرب من الحرس الثوري عن أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى طهران، جاءت لترتيب الأوراق والتنسيق عقب انسحاب بعض الوحدات الروسية من الأراضي السورية للمشاركة في الحرب على أوكرانيا. وأضاف المصدر -الذي اشترط عدم الكشف عن هويته- أن موسكو بدأت بسحب قواتها من نحو 30 نقطة عسكرية، منذ بداية الشهر الثاني من حربها على أوكرانيا، وأن القوات الإيرانية وقوات من حزب الله حلت بالفعل محل الوحدات الروسية على الأراضي السورية.

 

إعادة تموضع الحرس الثوري
أكثر ما يزعج الكيان الإسرائيلي من إعادة تموضع قوات الحرس الثوري في سوريا -وفق المصدر- اقتراب القوات الإيرانية من الحدود المشتركة واستقرارها في درعا والقنيطرة جنوبي سوريا، مما دفع الرئيس السوري إلى زيارة طهران للتنسيق مع رأس هرم السلطة في إيران بشأن التحديات المحتملة. وللمرة الثانية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، التقى الرئيس السوري بشار الأسد -أمس الأحد- المرشد الإيراني علي خامنئي، وبحث -في زيارته التي لم يعلن عنها مسبقا- تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين دمشق وطهران مع الرئيس إبراهيم رئيسي.

وفي السياق، وصف المحلل السياسي مهدي شكيبائي تقليل عدد القوات الروسية في سوريا بأنه أمر متوقع على ضوء الأزمة الأوكرانية، وأضاف أن الجانب الروسي قرر عدم الخروج من أوكرانيا إلا في حالة انتصار حتى إذا استدعى الوضع استخدامه أسلحة غير تقليدية، على حد قوله.

وقرأ شكيبائي زيارة الأسد إلى طهران بعد أيام فقط من زيارة قام بها وزير الدفاع الروسي إلى العاصمة الإيرانية، في إطار التنسيق بين الحلفاء لتدارك تحديات المرحلة المقبلة، وكشف عن زيارة وشيكة أخرى سيقوم بها ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي للقاء المسؤولين الإيرانيين.

ويعتقد الباحث الإيراني أن تعزيز القوات الإيرانية في سوريا ينسجم مع نبوءة مؤسس الثورة الإيرانية روح الله الخميني بشأن زوال الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن رياح الخلاف الدبلوماسي الأخير بين موسكو وتل أبيت تجري بما تشتهي سفن المقاومة في المنطقة.

وشهدت العلاقات الروسية الإسرائيلية خلافا بعد أن قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الأصول اليهودية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا تضمن عدم وجود النازية في بلاده، مضيفا -في تصريح صحفي- أن أشد المعادين للسامية كانوا عادة من اليهود أنفسهم، ورجح أن هتلر من أصول يهودية.

 

تقابل روسي غربي
من جانبه، أوضح القيادي السابق في الحرس الثوري، حسين كنعاني مقدم، أن ما أقدمت عليه موسكو لا يعني انسحابا كليا من سوريا، وإنما إعادة تموضع ونقل القوات المحنكة من الجبهة الهادئة في سوريا إلى الجبهة الساخنة في أوكرانيا، مؤكدا أن روسيا سترفد قواعدها في سوريا بقوات أخرى.

ووصف كنعاني مقدم التعاون العسكري الإيراني الروسي على الأراضي السورية بأنه إستراتيجي، مشيرا إلى تفاهم روسي إيراني مسبق لمساندة الآخر في حال حصول عجز في قواتهما ببعض الجبهات في سوريا.

ورأى أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بدأت تنعكس إيجابيا على الوضع الأمني في الشرق الأوسط، وتوقع بتحرك موسكو مستقبلا لوضع حد للتدخلات الغربية في المنطقة ردا على الدعم الأميركي والأوروبي لكييف، على حد قوله.

وعما إذا كان تموضع القوات الإيرانية وحزب الله في بعض المناطق السورية -لا سيما في المناطق التي انسحبت القوات الروسية منها- سيزيد من الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، قال القيادي السابق في الحرس الثوري إن الجانب الروسي نظرا إلى علاقاته المتوترة مع الكيان الإسرائيلي سيعمل على ردع الصهاينة في المرحلة المقبلة.

 

دلالات زيارة الأسد
تحمل زيارة الأسد إلى طهران دلالات في التوقيت والملفات التي تناولها في مباحثاته مع المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي؛ لعل أبرزها دعم النضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفق المحلل السياسي حسن هاني زاده.

وأوضح هاني زاده أن مباحثات الأسد في طهران ركزت على 4 محاور، أهمها تدشين مرحلة جديدة في العلاقات الإيرانية السورية والعمل المشترك على إعادة إعمار ما دمرته الحرب الكونية على سورية طيلة أكثر من 11 عاما.

ومع احتدام الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية المحتلة واحتمالات نشوب حرب جديدة بين فصائل المقاومة والكيان المحتل، احتل التنسيق بين طهران ودمشق حيزا كبيرا من المباحثات في طهران -والكلام لهاني زاده- إلى جانب التنسيق الثنائي عقب إطالة أمد الحرب الروسية على أوكرانيا. وختم هاني زاده بأن المحور الرابع من المباحثات الإيرانية السورية تناول رغبة بعض الدول العربية المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي في تعزيز علاقاتها مع دمشق.

تعزيزات لقوات الاحتلال في الضفة وداخل الخط الأخضر وتنديد فلسطيني بجولة لبيد في باب العامود

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية شابا فلسطينيا بذريعة محاولته تنفيذ عملية مسلحة في مدينة بتاح تكفا شمال شرق تل أبيب، وذلك في ظل تعزيزات عسكرية وأمنية للاحتلال في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر وعلى الحدود مع قطاع غزة. وقالت الشرطة الإسرائيلية -في بيان- إنها ألقت القبض على الشاب بالقرب من الخط الأخضر على الحدود مع الضفة الغربية.

وفي القدس المحتلة، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه عالجت ميدانيا 11 مواطنا فلسطينيا أصيبوا جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمواطنين في منطقة باب العامود. كما اعتقلت قوات الاحتلال 9 فلسطينيين بعد مناوشات عقب انتهاء صلاة التراويح في المسجد الأقصى. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن عنصرين من قواتها أصيبا بعد إلقاء بعض الشباب زجاجات فارغة عليها. من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن حركة (المقاومة الإسلامية) حماس لا تريد التصعيد لكن إذا عملت على تفجير الموقف فإن إسرائيل جاهزة للرد بقوة. وأكد غانتس -في مقابلة مع موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الإلكتروني- أن القوات الإسرائيلية منتشرة على طول الحدود ومستعدة لأي تصعيد محتمل. وأضاف أن إسرائيل معنية بتقديم تسهيلات مدنية واسعة للفلسطينيين في شهر رمضان لكن مع وضع المعايير الأمنية أولا في الاعتبار، مشيرا إلى أن أياما حاسمة ما زالت بانتظار الأجهزة الأمنية خلال شهر رمضان. وقال غانتس إنه من الممكن أن تقع عمليات أخرى في هذه الفترة التي وصفها بالحساسة، لكنه دعا الإسرائيليين للحفاظ على روتين حياتهم الطبيعية، واصفا ذلك بأنه رسالة قوة للآخرين.

 

حالة تأهب

من جانبه، أوعز رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي لقواته بالتأهب لاحتمال القيام بعملية عسكرية جديدة إذا اقتضت الضرورة ذلك. وأفادت قناة 13 الإسرائيلية بأن كوخافي أدلى بذلك أثناء وجوده في وحدة ناحال العسكرية حيث أوضح أن حالة التأهب القصوى قد تمتد شهرا أو أكثر. وفسرت القناة قول كوخافي بأنه يلمح إلى احتمال القيام بعملية عسكرية على غرار تلك التي شنها على غزة في مايو/أيار الماضي. وكانت السلطات الإسرائيلية عززت قواتها في الضفة الغربية وداخل مدن الخط الأخضر، إذ أعلنت نشر قوات إضافية على طول جدار العزل ومناطق التماس، كما دفعت بـ15 كتيبة عسكرية إلى الضفة الغربية والحدود مع قطاع غزة. وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد تفقد قوات الاحتلال المنتشرة في منطقة باب العامود في القدس المحتلة وأثنى على عمل عناصر قوات الشرطة والجيش الموجودين هناك، ودعاهم إلى حماية أنفسهم وحماية إسرائيل، مشيرا الى أن الظرف غاية في الصعوبة، وفق تعبيره.

ونددت وزارة الخارجية الفلسطينية بجولة لبيد في منطقة باب العامود، واعتبرت تصريحه بنشر مزيد من التعزيزات في القدس المحتلة تصعيدا خطيرا. من جانبها، قالت حركة حماس إن اقتحام لبيد منطقة باب العامود وما أعقبه من إطلاق جيش الاحتلال الرصاص دليل على إصرار الاحتلال على تنفيذ ما وصفتها بمخططاته الخبيثة في حق القدس والمسجد الأقصى. واعتبرت حماس هذه الخطوة تصعيدا خطيرا، واستفزازا لمشاعر الفلسطينيين. كما حملت الحركة قادة الاحتلال مسؤولية تداعيات التصرفات التي وصفتها بالاستفزازية. من جهتها، نظمت سرايا القدس -الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- عرضا عسكريا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ20 لمعركة جنين. وقالت سرايا القدس إن العرض يأتي أيضا لما سمتها نصرة الضفة الغربية في وجه عمليات الاغتيال والاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة. كما أكدت سرايا القدس أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن تترك الاحتلال الإسرائيلي يستفرد بالضفة.