محطة أكويو النووية.. تركيا وروسيا تحددان موعد تشغيل المفاعل الأول

احتلت محطة أكويو النووية في تركيا مساحة مهمة من المباحثات على المستوى الرئاسي بين أنقرة وروسيا، والتي تحددت خلالها ملامح الخريطة الزمنية لموعد التشغيل وخطط الدعم.

واتفق الطرفان على دخول المشروع حيز التشغيل، العام المقبل؛ ما يعد دلالة على أن قطاع الطاقة مجال تعاون خصب بين البلدين في ظل مرحلة مهمة تمر بها الأسواق العالمية تعيد تشكيل التحالفات من جديد.

وجاء تحديد موعد التشغيل بالاتفاق بين البلدين عقب أيام قليلة من تلقي المحطة دعمًا ماليًا من الشركة الروسية القائمة على المشروع في ظل مخاوف تأثر عمليات البناء بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

موعد التشغيل
شدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على أن محطة أكويو النووية تكتسب أهمية خاصة ضمن إستراتيجية بلاده المتعلقة بالطاقة، كاشفًا عن أن تشغيل أول مفاعلاتها مُرجح له العام المقبل (2023).

وقال -في تصريحات صحفية عقب انتهاء المحادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي الروسية، الجمعة الماضي- إنه يعتزم زيارة موقع المحطة في مدينة مرسين الواقعة جنوب تركيا، الأسبوع المقبل؛ للوقوف على آخر تطورات المشروع، وفق صحيفة “ديلي صباح” التركية. وفي السياق ذاته، أكد نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أن ثمة اتفاقًا مع الجانب على دخول المشروع حيز التشغيل العام المقبل (2023)، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الروسية “تاس”.

واعتبر أن قطاع الطاقة يُعَد مجالًا رئيسًا للتعاون بين روسيا وتركيا، مشيرًا إلى أن محطة أكويو خير دليل على ذلك. وتُعَد المحطة الأولى من نوعها في تركيا وتصل استثمارات المشروع إلى 20 مليار دولار، بينما تعكف على بنائها شركة روساتوم الروسية الحكومية.

دعم روسي
واجهت محطة أكويو النووية في تركيا تهديدات مالية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، غير أنها تلقت دعمًا روسيًا من شركة روساتوم قُدِّرَ بنحو 15 مليار دولار، حسبما أُعلن قبل أسبوع. ومن المقرر أن يُقسَّم الدعم على 3 دفعات خُصِّصَت لكل منها 5 مليارات دولار، في إطار إنقاذ أبرز المشروعات التركية الذي يمكنه تلبية الطلب على الكهرباء محليًا بنسبة 10%.

واعتبر مسؤولون أتراك أن الدعم المالي الروسي للمحطة جاء من منطلق تقدير روسيا لما بذلته أنقرة من جهود، لإتمام صفقة الحبوب والأسمدة الأوكرانية لاحتواء أزمة الغذاء العالمية. واتخذت تركيا موقفًا محايدًا حيال الحرب في أوكرانيا؛ فمن جهة رفضت الانضمام لجبهة العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على موسكو، ومن جهة أخرى لم تُخفِ أنقرة دعمها لكييف.

وخلال لقاء الرئيسين الروسي والتركي -الذي شهد تحديد موعد إطلاق أول مفاعلات المحطة ودخوله حيز التشغيل- اتفق الطرفان على إمكان تغيير أنقرة لعملة الدفع مقابل الغاز الروسي إلى “الروبل” بدلًا من الدولار الأميركي. وتعزز تلك الخطوة موقف البلدين؛ إذ إنها تتوافق مع سعي موسكو لتوسعة نطاق الرد على العقوبات الأميركية والأوروبية وتقوية عملتها، كما أنها تشكل دعمًا للاقتصاد التركي والعملة المحلية “الليرة” التي تعاني ضعفًا أمام العملة الأميركية منذ مدة.

تطورات المشروع
لا تُعَد المحطة النووية المشروع الأول من نوعه في تركيا فقط، وإنما يحتل موقع المحطة المساحة الكبرى ضمن المشروعات النووية على مستوى العالم، ومن شأنها تزويد الشبكة بما يقرب من 35 ألف غيغاواط/ساعة من الكهرباء. وبدأ المشروع باتفاقية موقّعة بين حكومتي الدولتين في 12 مايو/أيار عام 2010 ووُصف حينها بأنه أكبر المشروعات الاستثمارية المشتركة بينهما.

ومنذ ذلك الحين، شهد المشروع تطورات مهمة، في خطط البناء؛ إذ بدأ بناء المفاعل الأول عام 2018، تلاه المفاعل الثاني عام 2020. وشهدت محطة أكويو النووية تطورًا مهمًا، يوم 21 مارس/آذار الماضي، ببدء عمليات لحام خط أنابيب التدوير الرئيس ضمن إجراءات تجميع تتعلق بمبنى الوحدة الأولى لمفاعل المحطة، وعقب تلك الخطوة بيومين، تسلمت المحطة المكونات الرئيسة لتوربينات الوحدة الأولى.

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة محطة أكويو النووية، أناستاسيا زوتيفا، إن أعمال البناء المتعلقة بالوحدات الـ4 بالمحطة تتواصل في آن واحد، تمهيدًا لتشغيل أكبر مراكز الأبنية النووية في العالم. وأكدت زوتيفا، في تصريحات سابقة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن محطة أكويو النووية “أحد أكبر مواقع البناء النووي على هذا الكوكب” بحسب وصفها، مشيرة إلى أن تعاون فريق العمل الروسي-التركي أسفر عن تطورات هائلة.