أكبر مشروعات الرياح في العالم تشهد إعلان موعد التدشين الرسمي

من شأن أكبر مشروعات الرياح في العالم -وهي مشروعات الرياح البحرية في بحر الشمال- لتغيير ملامح منطقة التنقيب التي اشتهرت بإنتاجها الغزير من الوقود الأحفوري على مدار السنوات الماضية.

وتُولي شركة إكوينور النرويجية في الآونة الحالية اهتمامًا بمشروعات الطاقة المتجددة في بحر الشمال؛ ما يوفر الدعم للسوق الأوروبية، ويسهم في ضمان أمن الطاقة بها، لا سيما أن القارة العجوز تمرّ بمرحلة حرجة تخلو من إمدادات الغاز الروسي، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتنظر الشركة النرويجية إلى مشروعيها في بحر الشمال “دوغر بنك” و”هايوايند تامبن” بصفتهما امتدادًا لخبرتها في قطاع الرياح البحرية، في حين تستعد تلك المشروعات لدخول حيز التشغيل خلال العام الجاري (2022) والمقبل (2023)، بحسب ما أعلنته الشركة اليوم الثلاثاء 30 أغسطس/آب في موقعها الإلكتروني.

مزرعتا الرياح البحرية
تقع مزرعتا الرياح البحرية في بحر الشمال، وتعكف شركة إكوينور النرويجية على نقل المشروعين من مرحلة البناء إلى استعدادات التشغيل خلال العامين المقبلين، وأعلنت تطورات كلٍّ منهما.

وتوصف مزرعة “دوغر بنك” بأنها أكبر مشروعات الرياح في العالم، وشهدت نقلة نوعية في شهر يوليو/تموز من العام الجاري (2022)، بعدما ثُبِّتَ أول أساساتها. وتُشير التوقعات إلى بدء تلقّي أول إمدادات الكهرباء من “دوغر بنك” خلال النصف الثاني من العام المقبل (2023)، بينما يمكن لمزرعة الرياح البحرية في بحر الشمال بدء عملياتها التجارية بصورة تدريجية.

ويقسم الإنتاج التجاري للمزرعة إلى 3 مراحل: “دوغر بنك إيه عام 2024″، و”دوغر بنك بي عام 2025″، و”دوغر بنك سي عام 2026”. أمّا مزرعة “هايوايند تامبن” الواقعة في بحر الشمال والتابعة لإكوينور أيضًا، فتعدّ أولى مزارع الرياح العائمة وأكبرها في العالم، التي تزوّد منصات النفط والغاز بالكهرباء النظيفة فور اكتمال البناء وبدء التشغيل.

ومن المقرر أن تعمل إنشاءات توربينات مزرعة “هاوايند تامبن” بمرحلتين: 7 توربينات العام الجاري (2022)، وتثبيت 4 توربينات العام المقبل (2023). وشهدت المزرعة تطوًرا مهمًا في الآونة الأخيرة، بعدما مُدَّت توصيلاتها البحرية الأولى ورُبِطَت بحقل “غولفيكس إيه” النفطي.

بحر الشمال وأمن الطاقة الأوروبي
قال نائب الرئيس التنفيذي للطاقة المتجددة في الشركة النرويجية بال إتريهيم، إن مشروعي الرياح البحرية في بحر الشمال على وشك الانطلاق؛ ما يسمح لشركته بتعزيز إمدادات السوق الأوروبية بالكهرباء النظيفة.

وأضاف أن منطقة بحر الشمال تؤدي دورًا رئيسًا في خطط انتقال الطاقة الأوروبية وضمان أمن الإمدادات، بها حتى منتصف القرن (2050). وأشار إلى أن تلك المنطقة تتحول إلى مركز موسّع للطاقة يعتمد على إمكانات الرياح البحرية ذات المستوى العالمي، بعدما اقتصرت لسنوات طويلة على إنتاج النفط والغاز.

وأوضح أن الموقع المتميز لبحر الشمال يضمن لأوروبا تحقيق أهداف الحصول على إمدادات موثوقة ومستدامة بأسعار ملائمة، مضيفًا أن شركة إكوينور يمكنها تعزيز إمدادات الطاقة المتجددة إلى دول القارة العجوز، لا سيما أن مشروعات ضخمة مثل مزرعتي الرياح البحرية في بحر الشمال تشهد تطورات مهمة.

ورغم تطلعات الشركة النرويجية بدعم الأسواق الأوروبية وتعزيزها بإمدادات الطاقة المتجددة، فإنها تولي اهتمامًا خاصًا بالصعيد المحلي، إذ منحت 60% من عقد مزرعة “هايوايند تامبن” لمورّدين نرويجيين.

مركز لتوليد الكهرباء
لم تقتصر مشروعات إكوينور النرويجية بقطاع الرياح البحرية في بحر الشمال على مزرعتي “دوغر بنك” و”هايوايند تامبن” فقط -وهما أكبر مشروعات الرياح في العالم- إذ تملك الشركة منشآت أخرى، مثل مزرعتي “ترولفيند” و”أوتسيرا نورد”.

وتبلغ قدرة مزرعة ترولفيند البحرية العائمة 1 غيغاواط، ويُحتمل دخولها حيز التشغيل عام 2027، ويُخطط لإسهامها في تزويدها منصات النفط والغاز في بحر الشمال بالكهرباء. وتسهم تلك المشروعات في إضفاء ميزة تنافسية لمشروعات الرياح البحرية النرويجية بالتوازي مع تمتّعها بأسعار ملائمة، كما تضمن تطوّر محفظة شركة إكوينور بما يضمن انتظام سلسلة التوريد.

وأوضح النائب الأول لرئيس قطاع الطاقة المتجددة في بحر الشمال بشركة إكوينور، ترين بوروم بوجسن، أن استثمارات بحر الشمال ركيزة أساسية لنشاط شركته في قطاع الرياح البحرية. وتعهّد بوجسن بتحويل مشروعات الرياح البحرية في بحر الشمال إلى “مركز” يمكنه توليد الكهرباء للقارة الأوروبية خلال سنوات عدّة مقبلة.

وقد تتضمن مشروعات الرياح البحرية في بحر الشمال سيناريو يرمي إلى ربط الكهرباء المنتجة من تلك المشروعات بمرافق برية، ما يزيد احتمالات مضاعفة حجم المشروع، وإمكان تطوير إمدادات الكهرباء مع المشروعات الكهرومائية.

تأميم شركة كهرباء فرنسا يثير قلق أكبر مشروعات الرياح البحرية في أيرلندا

امتد تأثير قرار تأميم شركة كهرباء فرنسا “إي دي إف” خارج حدود البلاد، إذ طال مشروعات الطاقة المتجددة في أيرلندا التي تشارك بها الشركة، وأبرزها أكبر مشروعات الرياح البحرية التابع للحكومة.

وأثارت تلك الخطوة القلق حول مصادر توليد الكهرباء الأيرلندية، لا سيما أنها تتزامن مع محاولات حثيثة للدول الأوروبية لتوفير إمدادات بديلة للغاز الروسي ومصادر تضمن الحصول على الكهرباء والتدفئة خلال فصل الشتاء، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ومن جانب آخر، أكد مطوّر مشروع مزرعة الرياح البحرية -الأكبر ضمن 6 مشروعات حكومية في الطاقة المتجددة- أن عملية التأميم لن تؤثّر في المشروع الذي أُطلق عليه “كودلينغ وايند بارك”، بحسب ما نُشر في صحيفة آيرش إكسامينر.

شركة الكهرباء الفرنسية في أيرلندا
سعت فرنسا إلى اتخاذ تدابير عدّة لضمان أمن الطاقة، بعدما توقفت إمدادات الغاز الروسي عن دول الاتحاد الأوروبي، وكثّفت من تلك الإجراءات في الآونة الأخيرة، بمحاولة لتوفير الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب خلال فصل الشتاء. ويشمل قرار تأميم الشركة الفرنسية، محطات الكهرباء والمولدات النووية المحلية، وكذلك المشروعات التي تملك الشركة حصصًا بها خارج البلاد.

وتملك الشركة نصف حصص المشروع الأكبر ضمن 6 مشروعات لطاقة الرياح البحرية التي تعوّل عليها أيرلندا لتوفير مستهدفات إمدادات الكهرباء المولدة عبر المصادر المتجددة بحلول نهاية العقد (2030). وفي محاولة لاحتواء مخاوف تأثّر تلك المشروعات، أكد المتحدث باسم شركة “إي دي إف رينيوبلز أيرلاند” أن تداعيات التأميم الشامل للشركة لصالح الحكومة الفرنسية لن تطال مشروع “كودلينغ” أو التوسعات المستقبلية للشركة في دبلن.

وأضاف أن شركته -بالتعاون مع شركائها- تُسهم في تطوير إمكانات أيرلندا في قطاع الرياح البحرية. وبخلاف مزرعة الرياح البحرية، تتوسع شركة “ووكسفورد سولار” التابعة لشركة “إي دي إف رينيوبلز أيرلاند” الفرنسية (ذراع شركة كهرباء فرنسا للطاقة المتجددة في أيرلندا) خطط تطوير 8 مواقع في الدولة الواقعة شمال غرب أوروبا، ومزرعة رياح برية.

مزرعة كودلينغ للرياح البحرية
بموجب قرار التأميم، تؤول نصف أصول أكبر مزارع الرياح البحرية التابعة للحكومة الأيرلندية “كودلينغ وايند بارك” بالإضافة إلى مشروعات أخرى للطاقة المتجددة، من بينها المشروعات الشمسية ومشروعات الرياح البرية لصالح شركة كهرباء فرنسا. وتشمل الخطط الحكومية في أيرلندا تطوير 6 مشروعات بحرية لتزويد الشبكة بإمدادات ضخمة من كهرباء الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد (2030)، وتأتي مزرعة “كولينغ” على رأس تلك المشروعات.

ويُتوقع أن يسهم المشروع في توليد ما يتراوح بين 900 ميغاواط و1.5 غيغاواط من الكهرباء، بما يعادل بناء 3 محطات كبرى تعمل بالغاز. ويبلغ إسهام مزرعة “كودلينغ” ضعف الإنتاج المتوقع من ثاني أكبر مشروعات الرياح البحرية في البحر الأيرلندي، وهي مزرعة تعود ملكيتها إلى الشركة الفرنسية بالتعاون مع شركة “فريد أولسن” النرويجية.

وتزداد حدة المخاوف من تداعيات تأميم شركة كهرباء فرنسا على المشروعات الأيرلندية باحتساب رفع الحكومة طموحاتها لمشروعات الرياح البحرية إلى ما يتراوح بين 5 و7 غيغاواط، حتى تتمكن من تحقيق هدفها الرامي إلى إسهام المصادر المتجددة بحصّة قدرها 80% ضمن مزيج الكهرباء في غضون السنوات الـ8 المقبلة.