تصفية شركة خط أنابيب نورد ستريم 2 في ألمانيا رسميًا

تستعد ألمانيا لإعلان التصفية الرسمية للشركة الفرعية المشاركة في تحالف خط أنابيب نورد ستريم 2، في إشارة قد تقضي على ما تبقى من آمال ضعيفة باستئناف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر هذا الخط. وأظهرت وثائق السجل التجاري شروع شركة “نورد ستريم 2” الألمانية التابعة للتحالف الذي يدير خط الأنابيب المعطل، في إجراءات تصفية أعمالها رسميًا، وفقًا لوكالة رويترز. وتشير الوثائق إلى أن أعمال تصفية الشركة الفرعية في ألمانيا ستسري بأثر رجعي بداية من مطلع يناير/كانون الثاني 2023، لكن هيئة تنظيم الطاقة الألمانية لم ترد على طلبات التعليق حتى الآن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تأسيس الشركة أوائل 2022
أُسست الشركة الألمانية -تحت التصفية- أوائل العام الماضي، للمشاركة في تسريع اعتماد البنية التحتية لخط أنابيب نورد ستريم 2 الذي كان من المفترض أن ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وأكملت شركة غازبروم الروسية مشروع خط أنابيب نورد ستريم 2 عام 2021، في إطار خطط توسعية لمضاعفة تدفق الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا. وأدت العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا الممتدة منذ فبراير/شباط 2022، إلى لجوء موسكو للرد المضاد عبر خفض إمدادات الغاز الروسي تدريجيًا في خط أنابيب نورد ستريم الرئيس.

انفجارات الخطوط ما زالت مجهولة
تعرّض خط أنابيب نورد ستريم 1 الرئيس، وأحد المسارات المزدوجة من خط الأنابيب 2، لانفجارات غامضة المصدر في المياه الدولية السويدية والدنماركية نهاية سبتمبر/أيلول 2022. ووجهت أوروبا أصابع الاتهام إلى موسكو التي تنفي ضلوعها في التفجير، وتصف تلك الاتهامات بالغبية، لكن ما زال الفاعل مجهولًا رغم مرور 4 أشهر على التحقيقات الأوروبية. وأعلنت الشركة المالكة لخط أنابيب نورد ستريم 2 دراستها تقديم طلب إفلاس بعد شهر واحد من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية (مارس/آذار 2022)، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على الخط. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة “نورد ستريم 2 إيه جي”، ردًا على اعتراف روسيا بمنطقتين منفصلتين في شرق أوكرانيا قبيل عداونها العسكري على كييف بأيام قليلة.

الشركة المالكة تعلن إفلاسها
تُعد شركة نورد ستريم 2، إحدى الشركات التابعة لشركة الغاز الروسية الكبرى غازبروم، وتتخد من سويسرا مقرًا لها، وهي التي بنت خط أنابيب الغاز الثاني من موسكو إلى ألمانيا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. ويبلغ طول خط أنابيب نورد ستريم 2 قرابة 1233 كليومترًا، وبلغت تكلفته قرابة 11 مليار دولار، وكان على وشك بدء التشغيل التجاري قبيل الحرب الأوكرانية بأسابيع قليلة. واضطرت الحكومة الألمانية إلى تجميد المشروع في 22 فبراير/شباط 2022، في أول رد فعل على اعتراف موسكو بمنطقتين منفصلتين شرق أوكرانيا، ثم رفض التصديق عليه نهائيًا في وقت لاحق.

11 مليار دولار تكلفة نورد ستريم 2
وتكبّدت شركة غازبروم قرابة 5.5 مليار دولار في إنشاء هذا الخط المعطل، في حين أسهمت شركات نفط وغاز عالمية في تحمل النصف الآخر من التكلفة المهدرة حتى الآن. وتشمل قائمة الشركات المساهمة في تمويل خط أنابيب نورد ستريم 2، كلا من شل الأنغلو هولندية، وأوم إم في النمساوية، وإنجي الفرنسية، ويونبير الألمانية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. وتُجري موسكو إصلاحات مكلفة لخط الأنابيب المنفجر، في الوقت الذي يحاول فيه المحققون الأوروبيون من ألمانيا والسويد والدنمارك والنرويج وفرنسا الوصول إلى خيوط ملموسة لتحديد الفاعل المجهول حتى الآن. ويرجح خبراء صعوبة تحديد الفاعل لأي عمليات تخربيية تحت سطح الماء بأعماق كبيرة، خاصة في بحر البلطيق الذي يُعد مسرحًا مثاليًا للجريمة على حد تعبير مقال نشره الكابتن البحري ريبيكا رويز وجاستن في صحيفة نيويورك تايمز (26 ديسمبر/كانون الأول 2022).

نورد ستريم 2 يثير الفزع في الدنمارك بحادث تسرب قبل يوم من افتتاح “خط البلطيق”

شهد بحر البلطيق تسربًا من خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2، اليوم الإثنين 26 سبتمبر/أيلول (2022)، أعلنت على إثره السلطات الدنماركية ضرورة ابتعاد السفن عن المنطقة في دائرة نصف قطرها 5 أميال بحرية.

وطالبت السلطات في الدنمارك السفنَ الموجودة في محيط خط الأنابيب قبالة جزيرة بونهولم، بالابتعاد لمسافة 5 كيلو مترات حول المنطقة، بعد تسرب الغاز من خط الأنابيب المملوك لروسيا، والذي تمّ تجفيفه في بحر البلطيق، وفق ما نشرت وكالة رويترز.

بدورها، أعلنت الحكومة الألمانية أنها على تواصل مع السلطات في الدنمارك؛ لمعرفة سبب انخفاض الضغط بخطّ نورد ستريم 2 بشكل مفاجئ، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

تسرب خطير على الملاحة
فسّرت وكالة الطاقة الدنماركية أسباب طلبها إخلاء المنطقة من السفن بأن التسرب الذي حدث في خط الأنابيب المملوك لروسيا يعدّ خطيرًا بالنسبة لحركة السفن، إذ إن التحذير من الملاحة وإنشاء منطقة أمان حول الخط “من أهم وأول الخطوات الضرورية لمنع حدوث كارثة”.

في الوقت نفسه، أعلن مشغّل خط أنابيب الغاز الروسي “نورد ستريم 2” أن الضغط انخفض في الخط الممتليء بالغاز، على الرغم من أنه لم يُشَغّل بعد، موضحًا أن الضغط انخفض من 105 بارات إلى 7 بارات بين عشية وضحاها.

يشار إلى أن خط الأنابيب الروسي “نورد ستريم” كان أحد أسباب تصاعد التوتر بين موسكو وأوروبا، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، لا سيما مع إعلان ألمانيا اتخاذ إجراءات صارمة بوقف التشغيل ووضع عراقيل أمام تأسيس الشركة المشغّلة، ردًا على التحركات العسكرية الروسية.

وتسبَّب تعطيل تشغيل الخط، بالإضافة إلى مجموعة من العقوبات الغربية الأخرى ضد موسكو، في ضرب كثير من اقتصادات قارة أوروبا، وفي مقدّمتها ألمانيا التي تعدّ أكبر اقتصاد في القارة العجوز، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الغاز.

وكان الخط يهدف إلى مضاعفة كميات الغاز التي ستتدفق من سان بطرسبرغ في روسيا، تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا، وكان قد امتلأ بنحو 300 متر مكعب من الغاز، عندما اتخذت برلين قرار وقفه، قبل أيام من غزو أوكرانيا.

تحقيقات جارية دون أدلة
أعلنت السلطات الألمانية أن التحقيقات جارية حاليًا بشأن حادث تسرب الغاز من خط الأنابيب المملوك لروسيا، إلّا أنها قالت في الوقت نفسه، إنها لا تملك أدلة ملموسة على أيّ شيء، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال بيان صادر عن وزارة الاقتصاد الألمانية: “نحن على اتصال حاليًا مع السلطات المعنية لتوضيح الوضع، وما زلنا لا نملك أيّ وضوح بشأن الأسباب والحقائق الدقيقة التي أدت إلى تسرب الغاز من خط نورد ستريم 2”.

بدورها، أحالت شركة غازبروم الروسية التساؤلات حول حادث تسرب الغاز إلى مشغّل الخط، لا سيما أن الحادث وقع قبل يوم واحد من الاحتفال بإطلاق خط أنبوب البلطيق، الذي يحمل الغاز من النرويج إلى بولندا، والذي يعدّ ثمرة جهود وارسو لتنويع مصادر الغاز، بدلًا من الاعتماد الكامل على الغاز الروسي.

تهديد روسي برفع أسعار الغاز إلى مستويات قياسية تتجاوز 5 آلاف دولار

تسعى موسكو إلى استخدام أسعار الغاز بوصفها سلاحًا في مواجهة محاولات فرض عقوبات عليها، أو مقاطعة النفط والغاز الروسيين، وهو الإجراء الذي أعلن الاتحاد الأوروبي تطبيقه بحلول نهاية العام الجاري 2022.

وردّ نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، على الخطوة الأوروبية، بالتلميح إلى أن الأسعار سترتفع إلى أعلى مستوياتها، وبشكل قياسي، بحلول نهاية العام الجاري، وهو ما عدّته وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية تهديدًا مباشرًا.

وكتب ميدفيديف، في حسابه بموقع “تليغرام”، رسالة إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، قال فيها: “نظرًا لزيادة أسعار الغاز إلى 3 آلاف و500 يورو (3 آلاف و488 دولارًا أميركيًا) لكل 1000 متر مكعب، سنضطر إلى زيادة السعر إلى 5 آلاف يورو (4 آلاف و982 دولارًا) بحلول نهاية عام 2022”.

تزويد أوروبا بالغاز الروسي
تزامنت تلميحات ديمتري ميدفيديف، بزيادة أسعار الغاز، مع تصريحه بأن بلاده مستعدة لإمداد أوروبا بكميات الغاز التي تنص عليها العقود معها.

إلّا أن المسؤول الروسي، الذي شغل سابقًا منصب الرئيس، ربط بين تنفيذ بنود العقود، وتراجع الاتحاد الأوروبي عن تهديداته، موضحًا أنه إذا لم تَعُد التوربينات التي تمّت صيانتها لخطّ أنابيب “نورد ستريم 1″، فإن الأوروبيين لن يحصلوا على ما يحتاجونه من غاز.

وكان ميدفيديف قد صرّح لقناة “إل سي آي” الفرنسية، بأن موسكو لم ترفض أبدًا توريد الغاز إلى أوروبا، إّ إنها بَنت خط أنابيب “نورد ستريم 2″، وأوفت بالتزاماتها كافة، لكن أوروبا هي التي رفضت، وقالت، إنها لا تحتاج إلى الغاز الروسي.

وعن دفع أسعار الغاز الروسي باليورو أو الدولار، أوضح ميدفيديف، أن دول أوروبا قالت، إنها لن تستطيع الدفع بهذه العملات، بعد وقف نظام المدفوعات العالمي “سويفت” مع البنوك الروسية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف: “عندها قررنا أن الطريق الوحيد لنا هو استخدام الروبل في دفع أسعار الغاز الروسي، وهذه نتيجة طبيعية لحرب العقوبات التي يشنّها الغرب ضد روسيا”.

أسعار الغاز عالميًا
تسبّبت أزمة خط أنابيب نورد ستريم 1 في أزمة كبيرة بالنسبة لأوروبا، التي تواجه ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الغاز، أثارت القلق مع قرب دخول الشتاء، الذي تسعى معظم دول أوروبا إلى استباقه بملء المخزونات، وفق ما نشرت وكالة بلومبرغ.

وفي 19 أغسطس/آب 2022 الجاري، أعلنت شركة غازبروم الروسية، أن خط الأنابيب الذي يوصّل الغاز إلى أوروبا تحت بحر البلطيق، سيُغلَق للصيانة ابتداءً من 31 أغسطس/آب حتى 2 سبتمبر/أيلول المقبل (2022).

وتزامن هذا الإعلان مع ارتفاع أسعار الغاز، إذ ارتفعت العقود الأوروبية الآجلة إلى مستويات قياسية، لا سيما بعد خفض روسيا صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، في شهر يونيو/حزيران الماضي.

أسعار الغاز تقفز إلى مستويات قياسية في هولندا وبريطانيا

قفزت أسعار الغاز في كل من بريطانيا وهولندا إلى مستويات قياسية، يوم الإثنين 22 أغسطس/آب، بسبب التوقف المنتظر لضخّ الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خط أنابيب نورد ستريم 1، نهاية الشهر الجاري، حسبما ذكرت وكالة رويترز. وأعلنت شركة غازبروم الروسية، الجمعة 19 أغسطس/آب (2022)، أن نورد ستريم 1، الذي يمدّ الغاز من روسيا إلى أوروبا تحت بحر البلطيق، سيغلق للصيانة ابتداءً من 31 أغسطس/آب إلى 2 سبتمبر/أيلول (2022).

وتشهد أسعار الغاز في أوروبا ارتفاعات متتالية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، وفرض الدول الغربية عقوبات على موسكو. وكانت القارة العجوز أكبر المتضررين من الحرب؛ بسبب اعتمادها على روسيا لتلبية أكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

أسعار الغاز اليوم
ارتفعت أسعار الغاز في العقود الآجلة الهولندية، بنحو 47 يورو (47 دولارًا أميركيًا)، ما يعادل نسبة الخمس، وبلغت 292 يورو لكل ميغاواط/ساعة، بحلول الساعة 01.21 مساء بتوقيت غرينتش (04.21 مساء بتوقيت مكة المكرمة).

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغاز في المعاملات الفورية في بريطانيا بنحو 1.39 جنيهًا إسترلينيًا، أو بنسبة 37%، وبلغت 5.03 جنيهًا إسترلينيًا لكل ثيرم (الثيرم يعادل 100 ألف وحدة حرارية بريطانية)، بينما زادت في العقود الآجلة بنحو 1.19 جنيهًا إسترلينيًا، ما يعادل الثلث، وبلغت 4.8 جنيهًا إسترلينيًا، وكلاهما وصلا إلى أعلى مستوى في 5 أشهر.

وقال المحلل في شركة التحليل “أونادا”، كريغ إيرلام: إن “قرار روسيا بتعليق صادرات الغاز إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1 لمدة 3 أيام نهاية الشهر، زاد من مخاوف دول القارة العجوز مجددًا من استخدام موسكو سلاحًا سياسيًا، ووقف الصادرات بحجة إجراء صيانة لخط الأنابيب”. ولم يكن إعلان شركة غازبروم، المملوكة للدولة، تعليق صادرات الغاز إلى أوروبا، أول محاولات روسيا للتضييق على القارة التي تعتمد بكثافة على نفطها وغازها.

خفض الصادرات
في يونيو/حزيران الماضي، خفضت روسيا ضخّ الغاز إلى أوروبا لإجراء صيانة، وقررت في الموعد المحدد لبدء التشغيل أواخر شهر يوليو/تموز الماضي خفضه بنسب إضافية ليصل إلى 20%، بحجة حاجتها إلى مراجعة أعمال صيانة توربين في خط الأنابيب. واستقرت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1، اليوم الإثنين 22 أغسطس/آب (2022)، بينما زادت الكميات العابرة من ألمانيا إلى بولندا في شرق القارة عبر خط “يامال-أوروبا”.

وواصلت تدفقات الغاز من النرويج إلى أوروبا نشاطها بصورة طبيعية، رغم توقعات سابقة بهبوط الكميات المخصصة للتصدير، بسبب توقّف العمل في بعض الحقول. وهبطت صادرات الغاز النرويجية إلى بريطانيا بنحو 15 مليون متر مكعب، لتبلغ 55 مليون متر مكعب فقط، مقارنة بأمس الأحد الموافق 21 أغسطس/آب.

وعلّق محلل سوق السلع في شركة “أورورا إنرجي ريسيرش”، كريستوس آناغنوستوبلوس، على ارتفاع أسعار الغاز، قائلًا: “استمرار أعمال الصيانة في محطة كوللسنز وحقول ترول في النرويج حتى نهاية الشهر الجاري، وزيادة طلب المنازل في أوروبا وبريطانيا على الغاز، أسهما في دفع الأسعار إلى أعلى”. وشهدت بريطانيا عجزًا في إمدادات الغاز بنحو 5 ملايين متر مكعب، بسبب أعمال الصيانة الواسعة في حقول الجرف القارّي، رغم امتلاء مستودعات التخزين تقريبًا، وفق بيانات الشبكة الوطنية.

تخزين الغاز
بلغ معدل ملء مستودعات تخزين الغاز في بريطانيا 76.9%، وهو يقترب من المستهدفات الأوروبية عند 80%، والمتوقع تحقيقها في أكتوبر/تشرين الأول (2022). وشهدت معدلات توليد الكهرباء من مزارع الرياح في بريطانيا انخفاضًا، اليوم الإثنين، وبلغت ذروتها عند 3.9 غيغاواط، ما يزيد الضغط على أسعار الغاز، نتيجة لارتفاع الطلب على حرقه لتوليد الكهرباء. وفي سوق الكربون الأوروبية، هبطت العقود الآجلة في تعاملات الجمعة 19 أغسطس/آب، بنسبة 5%، ما يعادل 4.88 يورو، وبلغت 93.13 يورو للطن.

تقنين استهلاك الغاز في ألمانيا يضاعف أعباء صناعة الصلب

بات شبح الإغلاق يخيم على صناعة الصلب في ألمانيا بعد الإعلان عن احتمال تقنين استهلاك الغاز جراء تراجع الإمدادات الروسية عبر خط أنابيب نورد ستريم 1. ويحاول مصنعو الصلب الأوروبيون -وتحديدًا في ألمانيا- الاستعداد لجولة أخرى من الأزمات التي تواجه القارة بأكلمها، ولا سيما أنهم يواجهون معضلة ضخمة تتمثل في انخفاض أسعار منتجات الصلب وتكاليف الإنتاج الباهظة؛ إذ يمكن أن يهدد تقنين استهلاك الغاز المحتمل مستقبل صناعة الصلب.

وفي هذا الصدد، قالت شركة تيسين كروب الألمانية إن مطحنة “دويسبورغ” الرئيسة مكتفية ذاتيًا من إمدادات الغاز نوعًا ما، لكن لا غنى عن توفير الحد الأدنى من الإمدادات لاستمرار عمليات الإنتاج، ولا سيما أن التوقف الكلي قد يؤدي إلى خفض الإنتاج وحدوث أضرار فنية، حسبما نشر موقع آرغوس ميديا. وأضافت أن مصنع “هوش هونلمبورغ” التابع لها، وتبلغ طاقته قرابة 1.3 مليون طن سنويًا، يمكن أن يتوقف عن العمل في حال حدوث أي انقطاع للغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تداعيات تقنين الغاز
قالت تيسين كروب -أكبر شركة لصناعة الصلب في ألمانيا- إن معدلات إنتاج المصنع تراجعت نتيجة بطء عمليات الشراء من قطاع السيارات، الذي يمثل قرابة 80% من إجمالي الإنتاج. وأشارت إلى عدم قدرتها على تحويل عمليات الإنتاج من الغاز الطبيعي إلى النفط الخام أو الفحم، وقد تواجه عمليات إغلاق وأضرار فنية في حال تقنين استهلاك الغاز.

في الوقت نفسه، طلبت شركة صناعة الصلب الألمانية “سالزغيتر” الحصول على استثناء من سياسات تقنين استهلاك الغاز، مشيرة إلى مدى أهميتها في مساعي البلاد لزيادة الاكتفاء الذاتي من الطاقة. وتتخصص الشركة في صناعة الأنابيب التي تربط محطات الغاز المسال بالشبكة الوطنية، وتغذي الحرارة من عمليات الإنتاج نظام التدفئة المحلي.

أما شركة “آرسيلورميتال”، أكبر شركة لتصنيع الصلب في أوروبا، فلا تتوقع أي أعطال بسبب أزمة الطاقة، رغم أنها قد تضطر إلى نقل أطنان من المصانع الألمانية إلى مواقع أخرى. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، أديتيا ميتال، للمحللين إن ما يحدث في طلب المستهلكين وما يحدث داخل المنشآت أمر مختلف تمامًا؛ لأن من الواضح أنه قد تكون هناك آثار ممتدة إلى سلاسل التوريد.

وتابع: “من وجهة نظري، أعتقد أن أزمة الطاقة أكثر خطورة من حيث ما سيحل بالطلب، لكن تأثيرها أقل فيما يخص قدرتنا على التوريد”. كما أن بعض المحللين يرون أن المصانع قد تضطر لإنتاج كميات أقل من الصفائح والأسطوانات في حال تقنين استهلاك الغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

خفض الإمدادات
على الجانب الآخر، دخلت ألمانيا في المرحلة الثانية من خطة طوارئ مكونة من 3 مراحل، وقد يؤدي ذلك إلى تقنين استهلاك الغاز؛ نظرًا إلى انخفاض الإمدادات الروسية عبر خط أنابيب نورد ستريم 1. ويعمل خط الأنابيب -حاليًا- بسعة تصل إلى 20% فقط من طاقته.

لذا، أعلنت الحكومة الألمانية أنها ستعطي الأولوية للمواطنين، على حساب الصناعات، إذا لزم الأمر. وتعتمد مصانع الصلب على الغاز الطبيعي في صناعة الحديد داخل أفران الصهر، وكذلك لصناعة الفولاذ في أفران القوس الكهربائي.

ويتمثل أحد خيارات توفير الغاز لبعض مصانع الصلب في التقاط الغاز خلال عملية صناعة الحديد والصلب وإعادة استخدامه بواسطة أفران فحم الكوك، لكن غالبية المصانع ليست مجهزة بالمعدات اللازمة. وفي عام 2021، استورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي، وهذا يمثل قرابة 45% من إجمالي الواردات، وقرابة 40% من إجمالي استهلاك الغاز.

“نورد ستريم 1” مغلق للصيانة نهاية أغسطس.. وأسعار الغاز تقفز لمستويات قياسية

تستمر روسيا في توجيه ضربات متتالية وموجعة إلى الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن قلق القارة العجوز في محلّه؛ إذ تستعد موسكو لوقف إمدادات نورد ستريم 1. وفي هذا الإطار، أعلنت شركة غازبروم الروسية، يوم الجمعة 19 أغسطس/آب (2022)، أن خط الأنابيب، الذي يمد الغاز من روسيا إلى أوروبا تحت بحر البلطيق، سيغلق للصيانة من 31 أغسطس/آب إلى 2 سبتمبر/أيلول (2022)، حسب وكالة بلومبرغ.

وقالت شركة الطاقة الروسية، المملوكة للدولة، في بيان -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إنه من الضروري إجراء عمليات صيانة كل 1000 ساعة من التشغيل. وجاءت هذه الصفعة مع ارتفاع العقود الآجلة الأوروبية إلى مستويات قياسية، والتي استمرت تتفاقم منذ أن بدأت روسيا في خفض الصادرات إلى أوروبا في يونيو/حزيران (2022).

صيانة نورد ستريم 1
أوضحت شركة غازبروم أن التوربين الوحيد الذي يعمل في محطة الضغط “بورتوفايا” بحاجة إلى الصيانة الدورية، وسيستغرق ذلك 3 أيام، بدءًا من 31 أغسطس/آب حتى يوم 2 سبتمبر/أيلول (2022). ووفقًا للبيان، ستجري غازبروم أعمال الصيانة في المحطة مع متخصصين من شركة سيمنس الألمانية؛ بما يتماشى مع عقود الخدمة. وأفادت بأنه فور انتهاء عمليات الصيانة وفي ظل عدم وجود أعطال فنية بالوحدة، ستستأنف التدفقات البالغة 33 مليون متر مكعب يوميًا.

ويأتي هذا الإعلان في وقت أدانت فيه الدول الغربية موسكو باستخدام الطاقة “ورقة ابتزاز”، وزادت فيه مخاوف أوروبا من نقص الطاقة في جميع أنحاء القارة. وكانت روسيا قد قطعت إمدادات الغاز عن أوروبا مرارًا، بعدما فرضت الدول الغربية عقوبات على موسكو؛ ردًا على الحرب الأوكرانية.

أزمة التوربينات
بررت روسيا خفض الإمدادات بصعوبة إعادة توربين تابع لشركة سيمنس الألمانية بعد إجراء صيانته في كندا. وتتهم الدول الأوروبية موسكو بالضغط عليها من خلال تأخير عودة التوربين بهدف استخدام الطاقة سلاحًا.

وأثار إغلاق الخط لإجراء عمليات الصيانة لمدة 10 أيام في يوليو/حزيران (2022) مخاوف في الدول الأوروبية، التي تحاول تنويع الإمدادات منذ الأشهر الماضية. ويمكن لخط أنابيب نورد ستريم 1 -عادةً- نقل قرابة 167 مليون متر مكعب يوميًا.

محطة بورتوفايا
صُممت محطة ضغط بورتوفايا في روسيا، التي يبدأ من عندها خط أنابيب نورد ستريم 1، لتشغيل 6 توربينات رئيسة وتوربينين أصغر حجمًا. وفي الوقت الذي علق فيه أحد التوربينات بألمانيا، ما زالت التوربينات الأخرى في روسيا تحتاج إلى الصيانة سواء في كندا أو في الموقع.

ومن المتوقع أن يزيد الإغلاق من أزمة إمدادات الغاز في أوروبا، ولا سيما أن خط أنابيب نورد ستريم 1 يعمل بنسبة 20% فقط من طاقته. ويأتي ذلك بعدما أشارت شركة غازبروم في وقت سابق إلى الحاجة لصيانة محطات الضغط الأخرى، وتخشى القارة العجوز أن تقطع روسيا الإمدادات نهائيًا في موسم الشتاء.

أسعار الغاز
بعد إعلان شركة غازبروم، قفزت أسعار الغاز الأوروبية إلى مستوى قياسي جديد عند إغلاق التداول، اليوم الجمعة، 19 أغسطس/آب (2022)، وقفزت العقود الآجلة الأوروبية إلى قرابة 9%. وارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في مركز “تي تي إف” الهولندي (المرجع الرئيس لأسعار الغاز في أوروبا) إلى أعلى مستوى إغلاق عند 257.49 يورو (258.30 دولارًا أميركيًا)، وسط مخاوف من شح الإمدادات في فصل الشتاء.

وتجاوز سعر الغاز الفوري في أوروبا 2700 دولار لكل ألف متر مكعب، بعد انتشار تقارير إيقاف نورد ستريم 1. ووفقًا لوكالة تاس الروسية؛ فقد ارتفع سعر الغاز في أوروبا فوق 2500 دولار لكل ألف متر مكعب خلال تعاملات يوم 16 أغسطس/آب (2022) للمرة الأولى منذ 5 أشهر.

في حين ارتفعت أسعار العقود الآجلة لتسليم سبتمبر/أيلول في مركز “تي تي إف” الهولندي (المرجع الرئيس لأسعار الغاز في أوروبا) إلى 2501 دولار لكل ألف متر مكعب. ووصل سعر الغاز الفوري إلى قرابة 3 آلاف و900 دولار في 7 مارس/آذار (2022) لكل ألف متر مكعب، لأول مرة في التاريخ. وتوقعت شركة غازبروم الروسية ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى 4 آلاف دولار لكل ألف متر مكعب خلال فصل الشتاء.