توتال إنرجي تفتتح ثاني محطة في ألمانيا لتزويد الشاحنات بالغاز المسال

عززت توتال إنرجي الفرنسية (أحد أكبر شركات الطاقة في العالم) من حضورها بقطاع محطات تزويد الشاحنات بالغاز الطبيعي المسال في ألمانيا، ضمن خطة للتوسع في هذه المحطات على مستوى أوروبا. وأعلنت الشركة افتتاح ثاني محطة لتزويد الشاحنات بالغاز المسال في ألمانيا، ضمن خطة معلنة لافتتاح 3 محطات قبل نهاية عام 2022، وفقًا لمنصة إل إن جي برايم المتخصصة. تقع محطة توتال إنرجي الجديدة في بلدة لبيتال بمدينة زوست، وهى محطة متخصصة في تزويد شاحنات النقل التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

محطات توتال
تتميز محطة توتال إنرجي بمسارين لتزويد الشاحانات على جانبي الطريق السريع، ما يتيح قدرة استيعابية أعلى مقارنة بالمحطات ذي الاتجاه الواحد. أُطلقت هذه المحطة عبر إحدى الشركات التابعة لمجموعة توتال إنرجي في ألمانيا، وتحمل اسم “بت بوينت إل إن جي”، وهى شركة مشتركة مع برايم غاز التابعة لشركة إس إتش في إنرجي الألمانية. وتمتلك توتال إنرجي بالفعل عددًا من محطات تزويد الشحنات بالغاز الطبيعي المسال في عدد من المدن والبلديات الألمانية، أبرزها: غايسلفيند، وهيرشبرغ، وآلسفد. وأعلنت توتال إنرجي خطة في بداية العام الجاري (2022) لإنشاء 3 محطات لتزويد الشاحنات بالغاز المسال، بالتعاون مع شركة التكنولوجيا الهولندية “لكال” وشركة بت بوينت. كما تخطط الشركة الفرنسية لافتتاح محطات مشابهة في عدة دول أوروبية، لا سيما ألمانيا قبل نهاية العام الجاري، حيث افتتحت “بت بوينت” محطة في بلجيكا -مؤخرًا- بمدينة أنتويرب البلجيكية.

128 محطة في ألمانيا
افتتحت توتال إنرجي في 8 يوليو/تموز (2022)، أول محطة وقود لتزويد الشاحانات بالغاز المسال في بافاريا، إحدى الولايات الـ16 المكونة لجمهورية ألمانيا الإتحادية. وتظهر بيانات حديثة صادرة عن الاتحاد الأوروبي، بلوغ عدد محطات الوقود التي تزود الشاحنات والمركبات بـ”الغاز الطبيعي المسال” في أوروبا إلى 568 محطة، بينما يبلغ عدد محطات الغاز الطبيعي المضغوط قرابة 4 آلاف و171 محطة. وتعد ألمانيا أكبر بلد أوروبي تنتشر فيه محطات تزويد الشاحنات بالغاز الطبيعي المسال بعدد 128 محطة، تليها إيطاليا بـ126 محطة. كما تأتي أسبانيا في المركز الثالث بـ88 محطة، تليها فرنسا في المركز الرابع بـ65 محطة، ثم هولندا 31 محطة، والسويد 28 محطة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

إعفاء الشاحنات من رسوم الطرق
تعتمد ألمانيا خططًا للتوسع في محطات تزويد الشاحنات بالغاز الطبيعي المسال في مجال النقل، عبر حزمة حوافز تشمل دعم شراء هذا النوع من الشاحنات مع إعفائها من رسوم المرور على الطرق السريعة. ويُنظر للشاحنات التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال بوصفها أقل تلويثًا للبيئة من حيث معدل الابنعاثات الناتجة من تشغيلها مقارنة بنظيرتها التي تعمل بالبنزين أو الديزل. وأشارت دراسة صادرة عن مؤسسة مركبات الغاز الطبيعي في أميركا إلى أهمية الاستثمار الإنتقالي في تطوير شاحنات الغاز المسال إلى جانب الاستثمار في الشاحنات الكهربائية. ركزت الدراسة على تحليل البيانات المجمعة في قطاع النقل بولاية نيوجيرسي، لتنتهى إلى رصد 4 مزايا لانتقال شاحنات النفايات العاملة بالديزل إلى الغاز المسال وليس البطاريات الكهربائية. انتهت الدراسة إلى ترجيح كفة شاحنات النفايات التي تعمل بالغاز على الشاحنات الكهربائية من حيث قدرتها على تخفيض انبعاثات أكسيد النيتروجين، وفقا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

مقارنة بين الغاز والكهرباء
اكتشفت الدراسة أن شاحنات الغاز المسال يمكنها المساهمة في الحد من إجمالي انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون (أحد غازات الاحتباس الحراري) بمعدل أكبر من الشاحنات الكهربائية. وقدرت الدراسة حجم الانبعاثات التى تصدر من شاحنات الغاز بولاية نيوجيرسي -التى تضم 10 آلاف شاحنة- بنحو 14 ألف طن من انبعاثات أكسيد النيرتروجين، مقابل 9700 طن للشاحنات الكهربائية. كذلك تخفض الشاحنات التي تعمب بالغاز المسال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (الغاز الرئيس المسبب للاحتباس الحراري) بمعدل 10.6 مليون طن مقارنة بمعدل 9.2 مليون طن للشاحنات الكهربائية. أما من حيث التكلفة، فقد لاحظت الدراسة ارتفاع تكلفة تحويل الشاحنات من الديز إلى الغاز بنسبة صغيرة، مقارنة بمعدل مرتين إلى 3 مرات في حالة تحويلها إلى الكهرباء. تستثمر ولاية نيوجيرسي في دعم البنية التحتية لشبكات الوقود لدعم كلا النوعين من الشاحنات العاملة بالغاز والكهرباء، حيث يتواجد بها 550 شاحنة تعمل بالغاز الطبيعي تخدم 16 من أصل 21 مقاطعة في الولاية.

محطات مماثلة للسفن
تولي عملاق الطاقة الفرنسية توتال إنرجي اهتمامًا ملحوظًا بتعزيز حضورها في قطاع محطات الغاز الطبيعي المسال، ليس لتزويد الشاحنات البرية فحسب، بل لتزويد السفن العاملة بالبحر أيضًا. فقد أعلنت الشركة في يناير/كانون الثاني (2022)، افتتاح أول محطة لتزويد السفن بالغاز الطبيعي المسال بميناء مرسيليا جنوب فرنسا. وقالت الشركة، إن هذه المحطة تأتي في إطار خططها للتحول إلى وقود منخفض الكربون، أملًا في الوصول إلى مرحلة الحياد الكربوني بحلول 2050. ومن المقرر أن تزود الشركة الفرنسية السفن والناقلات البحرية بالوقود من خلال سفينتها “غاز فيتاليتي”،التي تصل سعة خزانها من الوقود إلى 6 آلاف متر مكعبة من الغاز الطبيعي المسال.

شحنات الغاز المسال في حوض الأطلسي تغيّر مسارها إلى آسيا

أظهرت بيانات تتبع السفن أن بعض شحنات الغاز المسال في حوض المحيط الأطلسي غيّرت وجهتها إلى آسيا، بسبب مستويات التخزين العالية في المحطات الأوروبية، فضلًا عن السقف المحتمل لأسعار الغاز. فقد حُوّل عدد قليل من شحنات التسليم الفوري في حوض المحيط الأطلسي إلى حوض المحيط الهادئ قبل ذروة الشتاء في شمال شرق آسيا، وفق ما نقلته منصة “إس آند بي غلوبال”. إلا أن العديد من المشاركين في السوق أكدوا أنه من السابق لأوانه القول إن آسيا ستستعيد مكانتها المميزة في سوق الغاز الطبيعي المسال، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

عوامل تغيير مسار شحنات الغاز المسال
يبدو أن الاتجاه السائد يشير إلى عودة محتملة للطلب الآسيوي على الغاز المسال، إذ تحيط الشكوك بالمحيط الأطلسي بسبب الشتاء المتأخر ومناقشات الاتحاد الأوروبي لوضع سقف للأسعار وفائض التخزين. وقال تاجر مقيم في سنغافورة: “بعض المشغلين يعيدون توجيه شحناتهم في حوض المحيط الأطلسي إلى اليابان وكوريا وتايوان والصين”. وأضاف أن البائعين قد يرغبون في الاستفادة من بعض شحناتهم العائمة في أوروبا والولايات المتحدة بسبب شتاء أكثر دفئًا من المتوقع، بدلًا من تحمُّل التكاليف المرتفعة للغاز المتبخر في أثناء الشحن. لذلك، يُطرح التساؤل التالي: “إذا جاء الشتاء في أوروبا متأخرًا، ولم تتمكن السفن من تفريغ الشحنات للوصول في الوقت المحدد للتحميل التالي، فمن سيدفع ثمن الغاز المتبخر في أثناء الشحن؟”.

عدم اليقين في المحيط الأطلسي
وافقت مصادر أخرى في السوق على هذا الرأي، قائلة: “تفضّل الشركات الكبرى الإفراج عن السفينة مبكرًا للتحميل التالي، بدلًا من الانتظار في المحطات في حوض المحيط الأطلسي”. بالإضافة إلى ذلك، قد تسعى بعض الشركات إلى وضع اللمسات الأخيرة على الأرباح والخسائر في نتائج أعمالها قبل نهاية العام، عن طريق بيع كميات من الغاز المسال في آسيا. وقد تستمر معظم السفن في البقاء عائمة في أوروبا، لأنها لا تملك طول شحن كافٍ لنقل الشحنات إلى آسيا بسبب ارتفاع تكاليف الشحن. وقالت عدة مصادر في السوق إن معظم البائعين الذين يُرجح أن يظلوا عائمين في حوض المحيط الأطلسي في أعقاب ارتفاع أسعار الشحن، ينتظرون شتاءً أكثر برودة. ومع ذلك، قد يرغب بعض البائعين -الذين يتمتعون بقدرة مرنة على الشحن- في تحويل شحناتهم إلى آسيا، لتجنّب عدم اليقين بشأن السفن العائمة التي انتظرت لمدّة طويلة.

تداعيات سقف أسعار الغاز الأوروبي
في سياقٍ متصل، قد يدفع وضع سقف محتمل لأسعار الغاز في حوض الأطلسي، العديد من البائعين إلى تحويل الغاز المسال من الاتحاد الأوروبي إلى آسيا، بحسب مصدر آخر بالسوق في أوروبا. إذ يسعى زعماء الاتحاد الأوروبي إلى وضع حد أقصى لسعر الغاز المستورد، بما في ذلك الغاز الروسي، لكبح أسعار الطاقة والتضخم القياسي في أسعار المستهلكين. إلا أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي -بما في ذلك ألمانيا- متشككة حول جدوى سقف أسعار الغاز، وتخشى أن يؤدي وضع حد أقصى للسعر إلى تشويه إشارات الأسعار من السوق، وزيادة الاستهلاك. وقد وصف وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي الاقتراح الأوروبي بشأن تحديد أسعار الغاز المسال بأنه “نفاق”، وفق تقارير إعلامية. وأكد الوزير الكعبي أنه على الرغم من تعهد قطر بعدم تحويل شحنات الغاز المسال بعيدًا عن أوروبا، فلا شيء دائم. وقال تجار إن ذلك يُمكن أن يُترجم إلى تحويل محتمل للشحنات إلى آسيا من حوض المحيط الأطلسي.

أوروبا ستظل أقوى من آسيا
تأثرت تدفقات الشحنات بسبب الطلب الفاتر على الغاز الطبيعي المسال من الدول المشترية الرئيسة، بما في ذلك الصين واليابان وكوريا الجنوبية، بسبب مستويات التخزين المرتفعة وإمدادات الغاز المحلية المرتفعة في الصين. وقد يجعل تباطؤ الطلب على استيراد الغاز الطبيعي المسال في الهند بسبب التحول السريع للوقود وزيادة إمدادات الغاز المحلية، شحنات البضائع عبر الأطلسي صعبة. فقد أُعيد توجيه العديد من الشحنات من حوض الأطلسي بصورة متكررة إلى الهند، بدلًا من اليابان وكوريا وتايوان والصين في الماضي، وذلك بفضل أسعار الشحن الأرخص. وبالتالي، من المتوقع أن تظل أوروبا سوقًا أقوى من آسيا، بفضل الزيادة المتوقعة في الطلب على الغاز المسال مع دخول المزيد من سعة تغويز الغاز قيد الخدمة، إلى جانب الانخفاض المستمر في إمدادات الغاز الطبيعي في خطوط الأنابيب. وقال أحد المتعاملين في مجال الغاز المسال في أوروبا: “الطلب الأوروبي الثابت على الغاز المسال وإمدادات خطوط الأنابيب المنخفضة هيكليًا، يبقيان أوروبا في وضع متميز بالنسبة إلى مؤشر اليابان-كوريا”. قال التاجر إن أوروبا قد تستمر في كونها سوقًا متميزة حتى منتصف عام 2024، مدفوعة بالأساسيات.

محور الغاز المسال في ترينيداد وتوباغو يعزّز الإمدادات بحلول 2025

تسعى ترينيداد وتوباغو إلى تأمين احتياجات منطقة البحر الكاريبي من الغاز المسال، بعد أن عزّزت البلاد إمداداتها إلى أوروبا خلال العام الجاري (2022)، وسط زيادة الطلب وارتفاع الأسعار. فقد بدأت شركة الغاز المملوكة للدولة العمل على تصميم محور صغير للغاز المسال يُمكن أن يساعد منطقة البحر الكاريبي على الابتعاد عن توليد الكهرباء القائمة على النفط، وفق ما نقلته وكالة رويترز. إذ تعتمد معظم منطقة البحر الكاريبي على المنتجات المكررة، بما في ذلك زيت الوقود والديزل لتوليد الكهرباء. وتُعَد ترينيداد وتوباغو وبيرو المصدّرتين الوحيدتين للغاز المسال في أميركا اللاتينية، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

الغاز المسال في ترينيداد وتوباغو
أوضحت شركة الغاز الوطنية أنه من المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع بحلول عام 2025، وستبلغ طاقته الاستيعابية 500 ألف طن سنويًا. ومن المفترض أن تكون المنشأة -القادرة على تخزين الغاز المسال وتداوله وشحنه في المنطقة- قابلة للتوسع مع زيادة الطلب. وقالت شركة الغاز -في بيان-: “يهدف المشروع إلى دعم التحول الإقليمي في مزيج الطاقة إلى سلسلة جزيئات منخفضة الكربون والانبعاثات”، حسب وكالة رويترز. وتوجد في ترينيداد 3 خطوط لتسييل الغاز في الخدمة، و11 محطة للأمونيا، بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 5.2 مليون طن متري سنويًا.

مشروع رائد للغاز المسال
تمتلك شركة الغاز الوطنية 11% من خط التسييل الرابع لمشروع “أتلانتيك للغاز المسال” الرائد في ترينيداد، و10% من الخط الأول، الذي توقف عن العمل منذ أواخر عام 2020 بسبب نقص إمدادات الغاز. والغاز الطبيعي المسال الذي سيُتداول في المنشأة الجديدة، سيزوّد مشروع “أتلانتيك الغاز المسال” بالوقود. وقالت شركة الغاز الوطنية إنها ستواصل بيع الوقود للعملاء في مناطق أخرى، وستقيّم جدوى شحنات الغاز المسال عبر حاويات متعددة الوسائط التي يمكن تحميلها على سفن التغذية، أو عبر ناقلات الغاز المسال الصغيرة إذا كانت اقتصادية. وستكون محطات إعادة تغويز الغاز مطلوبة في الأماكن المتوجهة إليها الشحنات عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

نقص إمدادات الغاز
في سياقٍ متصل، قال وزير الطاقة في ترينيداد، ستيوارت يونغ، الأسبوع الماضي، إن بلاده تستكشف طرقًا لتعزيز شحنات الغاز والمنتجات البتروكيماوية للمساعدة في تخفيف النقص العالمي. إلا أنه سلّط الضوء على أن هناك حاجة إلى مزيد من الغاز الطبيعي من أجل الإسهام بصورة كبيرة في الإمدادات العالمية. وقال يونغ -في مؤتمر افتراضي نظّمه المجلس الأطلسي-، إن الدولة يمكن أن تعزّز صادراتها من الغاز المسال إلى جيرانها المتعطشين للغاز في منطقة البحر الكاريبي وأميركا الجنوبية، لتوليد الكهرباء بمجرد اكتمال إعادة هيكلة مشروع “أتلانتيك للغاز المسال”. وقد عُلّق أول خط تسييل للغاز المسال لمشروع “أتلانتيك” في أواخر عام 2020، بسبب نقص إمدادات الغاز. وعزّزت الدولة الإنتاج في الخطوط الثلاثة الأخرى، ولكن يجب إكمال تجديد الملكية قبل استئناف السعة الكاملة وإعادة توجيه الصادرات. ويجري تشغيل المشروع من قبل شركة تشمل شل وبي بي والحكومة.

مشروعات جديدة في ترينيداد
أوضح وزير الطاقة -في تصريحاته- أنه “في الوقت الحالي، لدينا قدرة كبيرة في محطاتنا -الغاز المسال والميثانول واليوريا والأمونيا- كل منها يمكن أن تنتج أكثر مما نحتاج، بمجرد أن نتمكن من الوصول إلى الغاز الطبيعي”. وتعتمد ترينيداد على الإنتاج البحري المكلف لتزويد مجمعات الغاز المسال والبتروكيماويات بالغاز. ويسارع المنتجون من القطاع الخاص إلى المشروعات لجلب إنتاج جديد إلى السوق في السنوات المقبلة، في حين تُجري الحكومة محادثات مع فنزويلا. قال يونغ إنه يناقش مع المنتجين في ترينيداد مشروعات الأمونيا الخضراء، التي تُعد أكثر صداقة للبيئة. ويمكن أن يكون المنتج النهائي بمثابة سماد أو وقود كثيف الطاقة. وقد أحيا اقتراح الأمم المتحدة بضخ غاز الأمونيا الروسي إلى الحدود الأوكرانية، الآمال في إمكان تخفيف النقص العالمي في الأسمدة، وبالتالي التخفيف من نقص الغذاء العالمي الذي تفاقم بسبب الصراع في أوكرانيا.

مشروع الغاز المسال في تنزانيا يشهد إعلان موعد الاستثمار النهائي

يواصل مشروع الغاز المسال في تنزانيا تطوراته، ويمضي قُدمًا باتجاه توقيع قرار الاستثمار النهائي في غضون 3 أعوام، للاستفادة من قفزات أسعار الغاز العالمية وتأثيرها في إنعاش الاقتصاد المحلي. وشهد المشروع مشاورات امتدّت لسنوات عطّلت تنفيذ أولى خطواته، غير أن دراسةً خلصت إلى إسهام المشروع في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المُقدَّر بنحو 68 مليار دولار فور بدئه، وفق دراسة مصرفية نشرتها وكالة بلومبرغ، واطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة ويشارك في المشروع شركات دولية، من بينها إكوينور النرويجية، وشل الأنغلو هولندية، إذ وقّعتا اتفاقًا إطاريًا في يونيو/حزيران الماضي مع حكومة دودوما، لبناء محطة إنتاج وتصدير، في توقيت حرج تتعطش خلاله الأسواق العالمية إلى المزيد من الإمدادات.

الغاز المسال في تنزانيا
بالنظر إلى مستويات الأسعار الدولية، فإن مشروع الغاز المسال في تنزانيا يمكنه دعم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وزيادته بمعدل يتراوح بين 7 و15 مليار دولار سنويًا، وفق نتائج توصلت إليها دراسة مُعدَّة من قبل ستاندرد بنك غروب. ووفق الدراسة، تشير التوقعات إلى أن المشروع الذي تُقدَّر استثماراته بنحو 40 مليار دولار يمضي باتجاه توقيع قرار الاستثمار النهائي بحلول عام 2025، والانطلاق بعدها في خطط التصدير وتوسعة الاستهلاك المحلي للوقود. وأكدت الدراسة أن الخطوات التي يشهدها المشروع تعكس الدور الحكومي لتطويره، والجهود المبذولة لتخطّي عقبات التعثر، وتيسير الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بالبلاد. ومن جانب آخر، يتزامن إعلان موعد قرار الاستثمار النهائي مع جهود عالمية تُسلِّط الضوء على خفض استعمالات الوقود الأحفوري في إطار خطط مكافحة تغير المناخ، وتوجيه نشطاء وبيئيين انتقادات واسعة لتلك المشروعات.

تفاصيل المشروع
وقّعت حكومة تنزانيا في يونيو/حزيران 2022 اتفاقًا مع شركتي إكوينور وشل حول إنشاء محطة للإسالة والتصدير، ضمن خطوات استفادة الدولة الواقعة شرق أفريقيا من المكامن البرية والبحرية لاحتياطيات الغاز المحلية، في توقيت عالمي بالغ الأهمية. وتناقلت وسائل الإعلام حينها تقديرًا لتكلفة المشروع في نطاق 30 مليار دولار، قبل أن تقدّرها ستاندرد بنك غروب بنحو 40 مليار دولار، ويسهم مشروع الغاز المسال التنزاني في استفادة الحكومة من حجم احتياطيات قابل للاستخراج يُقدَّر بما يصل إلى 57.54 تريليون قدم مكعبة، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ونشرته في وقت سابق. وعوّلت الحكومة على الاتفاق الموقّع قبل 4 أشهر، لتحديد الملامح التمهيدية لقرار الاستثمار النهائي للمشروع، بحلول عام 2025، بعدما عانى من تأخيرات؛ إثر تعطُّل الموافقات التنظيمية. وتشير التوقعات إلى استغراق عمليات البناء بمشروع الغاز المسال في تنزانيا، ومحطة الإسالة والتصدير -المعتزَم إنشاؤها قرب اكتشافات لمكامن الغاز الطبيعي بالمياه العميقة جنوب البلاد- ما يقارب 5 سنوات، لتستمر حتى نهاية العقد، بحلول عام 2030. مشروع الغاز المسال في تنزانيا يشهد تطورات جديدة

موقف الشركات المشاركة
ترددت شركة إكوينور النرويجية في اتخاذ خطوات حاسمة بمشروع الغاز المسال في تنزانيا، وقررت العام الماضي (2021) خفض حجم استثماراتها به بنحو 982 مليون دولار، لتشكّكها في حجم الأرباح المتوقعة. ويبدو أن التطورات الجيوسياسية، وانعكاسها على أسعار الغاز بالأسواق العالمية، وارتفاع أسعار الغاز المسال لمستويات قياسية، دفع الشركة نحو استكمال المشروع؛ للاستفادة من فارق الأسعار ومكامن تنزانيا. وعقب التطورات الأخيرة بعد الحرب الأوكرانية -قبل 8 أشهر من الآن-، حظي المشروع بإقبال من شركات شل وإكوينور النرويجية وإكسون موبيل الأميركية وغيرها لبناء محطة الإسالة والتصدير بمدينة ليندي الساحلية في تنزانيا. ومن جانب آخر، يسهم المشروع بتعزيز الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي -الذي شهدت البلاد أولى اكتشافاته عام 1974-، إذ تعتمد عليه تنزانيا في توليد الكهرباء وتشغيل الصناعات ومصانع الأسمدة.

استهلاك الغاز المسال في نيجيريا يتضاعف 10 مرات خلال 14 عامًا

أظهرت بيانات حديثة ارتفاع معدلات استهلاك الغاز المسال في نيجيريا 10 مرات خلال الأعوام الـ14 الماضية؛ ما يشير إلى حجم الأزمة التي تعانيها البلاد بسبب عمليات سرقة النفط والغاز المستمرة منذ سنوات. وتشير بيانات صادرة عن شركة نيجيريا للغاز الطبيعي المسال المحدودة (إن إل إن غي) إلى أن حجم الطلب المحلي ارتفع من 60 ألف طن متري عام 2007 إلى 1.3 مليون طن متري في عام 2021، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. وقال المدير التنفيذي والعضو المنتدب للشركة، الدكتور فيليب مشيلبيلا، إن هذه البيانات تشير إلى ارتفاع حجم الطلب على الغاز المسال في نيجيريا بمعدل 1000% خلال تلك المدة. جاء ذلك في كلمة ألقاها العضو المنتدب بمؤتمر جمعية الغاز المسال في نيجيريا، المنعقد في العاصمة لاغوس، وفقًا لموقع بانش المحلي المتخصص.

أسرع سوق عالمية في النمو
أضاف المدير التنفيذي أن سوق الغاز المسال في نيجيريا أصبحت إحدى أسرع الأسواق نموًا على مستوى العالم؛ بما شجّع الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للغاز. كما أسهم هذا القطاع في إيجاد أكثر من 15 ألف فرصة عمل، وزيادة حجم العوائد والإيرادات الضريبية للحكومة. وأشار العضو المنتدب إلى ارتفاع حجم استثمارات شركته في توسيع منصة استقبال بورت هاركورت عبر توسيع الممر وتعميق الإمداد على طول منطقة الجنوب الشرقي للميناء؛ ما يمكّن عملاء الشركة من تلقي المنتجات بسهولة أكثر مما كانت عليه. كما لفت مشيلبيلا النظر إلى أن اهتمام الحكومة الفيدرالية بدعم الاستثمار في البنية التحتية للغاز، خلال العقد الماضي، أسهم في زيادة التركيز على صناعة البروبان المحلي الذي سُلِّمَ لأول مرة في سبتمبر/أيلول (2021). وأكد العضو المنتدب الحاجة إلى مزيد من التدخلات الحكومية لخفض تكاليف الصناعة، بهدف تشجيع مزيد من اللاعبين على الدخول إليها، إضافة إلى نشر المعلومات على نطاق واسع حول الممارسات الآمنة في استخدام الغاز المسال. وتؤدي شركة نيجيريا للغاز الطبيعي المسال دورًا رئيسًا في الحفاظ على استقرار أسعار المنتجات البترولية في السوق النيجيرية؛ بما يضمن قدرة المواطنين على تحمل التكاليف في بيئة عاصفة بالأحداث. كما تؤدي دورًا مهمًا في تحسين استخدام الغاز المحلي، وتسهم بنسبة 40% من إجمالي إمدادات الغاز البترولي المسال في البلاد.

حجم الإنتاج 22 مليون طن
تأسست شركة نيجيريا للغاز الطبيعي المسال المحدود عام 1989، بهدف استغلال الثروات الهائلة للبلاد في إنتاج الغاز الطبيعي وتصدير الفائض للخارج. وتصنف الشركة في الوقت الحالي ضمن أكثر 10 شركات تورد الغاز المسال في العالم، وفقًا للموقع الإلكتروني للشركة. ويبلغ إنتاج الشركة قرابة 22 مليون طن سنويًا من الغاز المسال في نيجيريا، و5 ملايين طن سنويًا من سوائل الغاز الطبيعي عبر مجمع مصانع مكون من 6 خطوط إنتاج وتسييل. وتصدر الشركة في الوقت الحالي جزءًا من إنتاجها إلى أسواق أوروبا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط والشرق الأقصى. وتمتلك الشركة 16 اتفاقية بيع وشراء طويل الأجل، مع 11 عميلًا داخل الحدود وخارجها، وتتحكم في 7% من تجارة الغاز المسال في العالم.

إعلان حالة القوة القاهرة
تواجه الشركة مشكلة فيضانات ضخمة، خلال الأسابيع الماضية، اضطرتها إلى إعلان حالة القوة القاهرة ووقف الإنتاج والتصدير في 17 أكتوبر/تشرين الأول (2022). وتسببت الفيضانات في ارتفاع منسوب المياه بالحقول ومناطق التوريد، فضلًا عن تسبّبها في مصرع 600 مواطن ونزوح ما يقرب من 1400 آخرين، وتعرُّض الطرق والمزروعات للضرر، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. يأتي ذلك في وقت حساس بالنسبة لنيجيريا التي تعاني تفاقم سرقة النفط والغاز منذ سنوات؛ ما أدى إلى خفض إنتاج أكبر المُصدّرين في أفريقيا. وأثار إعلان القوة القاهرة ارتباكًا في أوروبا التي تعتمد على إمدادات الغاز من نيجيريا بصورة كبيرة، في محاولتها لتأمين مخزونات الغاز قبيل فصل الشتاء. وبلغ حجم صادرات الغاز المسال في نيجيريا إلى أوروبا 9 ملايين طن، في المرتبة الرابعة بين كبار مُصدّري الغاز المسال للقارة العجوز، بعد أميركا وقطر وروسيا، وفقًا لبيانات منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول “أوابك” عن عام (2021). وتقول شركة النفط الوطنية النيجيرية إن سرقة النفط عاقت نيجيريا عن بلوغ حصص الإنتاج التي حددتها منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)؛ ما يعني خسارة 700 مليون دولار شهريًا في المدة بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول (2022). وتُقدر الشركة خسارة 470 ألف برميل يوميًا بسبب سرقة النفط، خاصة من إقليم دلتا النيجر الغني بالخام، ما يعادل قرابة 95% من الكميات المنقولة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الصين تقيّد إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا.. وتخفّض مشترياتها من السوق الفورية

في خُطوة تهدف إلى تأمين الإمدادات المحلية من الطاقة، قررت الصين وقف تصدير الغاز المسال إلى أوروبا وآسيا، لتلبية ذروة الطلب خلال موسم الشتاء. وكانت أوروبا المستفيد الرئيس من خفض بكين وارداتها من الغاز الطبيعي المسال في عام 2022، إذ تمكّنت القارة المتعطشة للغاز من شراء الشحنات الفورية، وكذلك بعض الشحنات المتعاقد عليها التي أعادت الصين بيعها، وفقًا لموقع فايننشال بوست نقلًا عن بلومبرغ.

ومن المُرجّح أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى ارتفاع واردات الصين من الغاز المسال في الأشهر المقبلة، لكن من المتوقع أن تكون أقل من المستويات التي تم استيرادها العام الماضي، وفقًا للمعلومات التي اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة. وتجري إسالة الغاز عن طريق تخليصه من بعض الشوائب، ثم تبريد غاز الميثان المتبقي إلى أقلّ من 160 درجة مئوية تحت الصفر، الأمر الذي يقلّص حجمه بحدود 600 مرة، ويجعل من نقله أمرًا اقتصاديًا ومربحًا. ويُنقَل الغاز المسال إلى الأسواق العالمية عن طريق ناقلات خاصة تتميز بخزّاناتها التي تظهر على شكل كرات ضخمة.

واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال
من المحتمل أن تتجنّب الصين عمليات شراء الغاز من السوق الفورية، وتكتفي بتعاقداتها الآجلة، نظرًا إلى ارتفاع الأسعار وكفاية المخزونات. وهذا يعني ضيق الإمدادات في سوق الغاز الطبيعي المسال، ولكن ما يزال من المحتمل أن تتوافر شحنات كافية لتلبية الطلب في أوروبا وآسيا. وتسبّبت الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الجاري (2022)، في تأجيج أزمة الطاقة العالمية مع نقص الإمدادات الروسية، وزيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال، ما دفع أسعاره إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. وتفوّقت الصين على اليابان، لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم في عام 2021، لكن من المُرجّح أن تفقد هذه المرتبة خلال العام الجاري، إذ تسعى إلى تقليص وارداتها في ظل ارتفاع الأسعار الفورية منذ فبراير/شباط (2022).

وبلغت واردات الصين من الغاز المسال في الأشهر الـ8 الأولى من العام الجاري، 40.64 مليون طن، بتراجع قدره 28.1% عن المدة نفسها من عام 2021، وفقًا لبيانات جمركية. وترجّح شركة استشارات السلع “كبلر”، أن واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال قد ارتفعت في سبتمبر/أيلول إلى 4.96 مليون طن مقارنة بواردات أغسطس/آب (2022)، البالغة 4.72 مليون طن. ومن المتوقع -أيضًا- أن تشهد واردات الغاز المسال الصينية زيادة في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، إذ تقدّر “كبلر” وصولها إلى 5.78 مليون طن، ومع ذلك، حتى إذا ارتفعت واردات أكتوبر/تشرين الأول، فإنها ستظل أقل من 6.05 مليون طن تم استيرادها خلال الشهر نفسه من العام الماضي (2021).

أسعار الغاز المسال
في السنوات الماضية، زادت الصين وارداتها من الغاز الطبيعي المسال خلال فصل الشتاء من خلال طرح عطاءات للشحنات الفورية. وبلغت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال 7.01 مليون طن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2021)، و8.21 مليون طن في ديسمبر/كانون الأول، و7.18 مليون طن في يناير/كانون الثاني (2022). وتحدد الصين سعر جملة ثابتًا للغاز الطبيعي، بحد أقصى يبلغ نحو 20 دولارًا لكل وحدة حرارية بريطانية.

وعلى الرغم من انخفاض أسعار الغاز المسال الفورية في آسيا في الأسابيع الأخيرة، فإنها ما تزال أعلى من معدلاتها بأكثر من 50%، ما يعني أن استيراد الشحنات الفورية يسبب خسائر فادحة. وانخفض السعر الفوري الأسبوعي للغاز الطبيعي المسال في شمال آسيا إلى 32.50 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال الأسبوع المنتهي في 14 أكتوبر/تشرين الأول، انخفاضًا من 34 دولارًا في الأسبوع السابق، وبتراجع قدره 52% من الرقم القياسي البالغ 72.50 دولارًا الذي سجله في الأسبوع المنتهي في 26 أغسطس/آب (2022).

السعر الفوري في آسيا حاليًا، أقل -أيضًا- من السعر القياسي لمعيار “تي تي إف” الهولندي (المؤشر الرئيس لأسعار الغاز في أوروبا)، الذي استقر عند 130 يورو (127.92 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة يوم الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يعادل نحو 37.48 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وهذا يعني أنه ما يزال هناك حافز سعري لشحنات الغاز الطبيعي المسال الفورية للتوجه من آسيا إلى أوروبا، على الرغم من أن أوروبا لديها حاليًا مخزونات كافية من الغاز الشتوي، وتكافح مواني المنطقة لتفريغ جميع سفن الغاز المسال القادمة.

مخزونات الغاز
تنتظر أكثر من 35 سفينة للغاز الطبيعي المسال، لتفريغ الشحنات في المواني الأوروبية، ما يوضح الضغط على قدرة إعادة التغويز في القارة. وخلال الأسابيع الأولى من موسم الشتاء المقبل، قد تتراجع المشتريات الأوروبية من السوق الفورية للغاز الطبيعي المسال، ما يعني توافر المزيد من الشحنات في آسيا. وقد تتراجع مشتريات اليابان وكوريا الجنوبية -ثالث أكبر مستورد للغاز المسال في آسيا- من السوق الفورية، مع وجود مخزونات في كلا البلدين عند مستويات عالية نسبيًا.

وأكبر الدول المستهلكة هي الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، كما تستورده عدّة دول أوروبية -بما في ذلك بريطانيا وإيطاليا-، إلى جانب عدّة اقتصادات ناشئة، مثل البرازيل والمكسيك وتركيا. وهناك العديد من العوامل التي يمكن أن تحفّز زيادة الطلب على الغاز المسال الفوري، مثل شتاء أكثر برودة من المتوقع في نصف الكرة الشمالي، أو زيادة تقليص إمدادات خطوط الأنابيب الروسية إلى أوروبا. وتأتي كوريا الجنوبية على رأس أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال الأميركي، إذ بلغت الصادرات 1557.3 مليار قدم مكعبة، من خلال 447 شحنة في المدّة من فبراير/شباط 2016 حتى يونيو/حزيران 2022.

وتستحوذ اليابان على المركز الثاني، بعدما استوردت 1141.6 مليار قدم مكعبة من الغاز المسال الأميركي، عبر 331 شحنة، بحسب بيانات وزارة الطاقة الأميركية، التي نقلتها وحدة أبحاث الطاقة. وتأتي الصين في المرتبة الثالثة بقائمة أكبر مستوردي الغاز المسال الأميركي، بنحو 914.1 مليار قدم مكعبة، وهو ما يعادل 266 شحنة.

المكسيك تخطط لتصدير الغاز المسال لأول مرة في تاريخها

تعتزم المكسيك تصدير الغاز المسال للمرة الأولى في تاريخها؛ لتلبية الطلب الأوروبي على هذا الوقود في ظل تراجع الإمدادات الروسية واقتراب موسم الشتاء الذي يشهد ذروة الطلب للتدفئة.

وكانت موسكو قد أعلنت، مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري (2022)، وقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1)، الذي يستحوذ على أكثر من ثلث صادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، لأجل غير مسمى، بحسب ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة. وتستخدم روسيا الغاز الطبيعي سلاحًا في نزاعها مع القارة الأوروبية، الذي أجّجته الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط (2022).

تصدير الغاز الطبيعي المسال
تخطّط المكسيك لبناء منصّة لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا باستثمارات تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار في خليج المكسيك، حسب رويترز. وكانت واردات أوروبا من الغاز المسال قد ارتفعت إلى متوسط 14.9 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال أول 5 أشهر من العام الجاري 2022، بزيادة 66% عن المتوسط السنوي لعام 2021.

وقال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز، مساء الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2022، إن منشأة الغاز الطبيعي المسال المُزمعة إقامتها في ميناء “كواتزاكوالكوس” في ولاية “فيراكروز” الشرقية ستنقل الغاز عن طريق القوارب إلى أوروبا. وتعهّد الاتحاد الأوروبي بخفض الطلب على الغاز بنسبة 15% مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الماضية خلال المدّة بين 1 أغسطس/آب 2022 وحتى 31 مارس/آذار 2023.

وأضاف مانويل لوبيز في مؤتمر صحفي: “نحن على وشك تعزيز مشاركة القطاع الخاص، ستتراوح استثمارات هذه المحطة بين 4 و5 مليارات دولار”. وكان الرئيس المكسيكي قد طرح في وقت سابق فكرة إنشاء محطة للغاز الطبيعي المسال في مدينة كواتزاكوالكوس، إلى جانب مواقع أخرى. وجاءت تصريحات لوبيز بعد أسبوع من عرضه تكثيف التعاون مع ألمانيا بشأن “الغاز المسال”. وارتفعت مستويات تخزين الغاز في أوروبا إلى 80% بنهاية أغسطس/آب الماضي، وهو ما جاء بأكثر من التوقعات، بدعم واردات الغاز الطبيعي المسال القوية وواردات خطوط الأنابيب غير الروسية.

وتتوقع شركة الأبحاث وود ماكنزي ارتفاع مخزونات الغاز الأوروبية إلى 86% مع بداية أكتوبر/تشرين الأول 2022، حال استئناف التدفقات الروسية من خط أنابيب نورد ستريم1 عند المستويات نفسها، قبل إغلاقه جراء أعمال الصيانة نهاية أغسطس/آب المنصرم. ويقول محللو وود ماكنزي، إنه في حالة عدم استئناف تدفّقات نورد ستريم1 بعد أعمال الصيانة الحالية، فقد تظل المخزونات الأوروبية عند 26% بنهاية هذا الشتاء.

النفط الخام
لا تُصّدر المكسيك الغاز الطبيعي المسال تجاريًا، على الرغم من أنها واحدة من أكبر مُصّدري النفط الخام في المنطقة. وتعدّ المكسيك رابع أكبر منتج للنفط في الأميركتين بعد الولايات المتحدة (16.58 مليون برميل يوميًا) وكندا (5.43 مليون برميل يوميًا) والبرازيل (2.99 مليون برميل يوميًا). وبنهاية العام الماضي (2021)، بلغت احتياطيات النفط المؤكدة في المكسيك 5.99 مليار برميل، ارتفاعًا من 5.78 مليار برميل في العام السابق له.

وسجّلت صادرات النفط الخام المكسيكية مستوى 1.09 مليون برميل يوميًا بنهاية 2021، انخفاضًا بنسبة 9% على أساس سنوي، وفق التقرير السنوي لمنظمة أوبك. وفي أغسطس/آب من العام الجاري (2022) وقّعت شركة “تي سي إنرجي” الكندية صفقة مع شركة الكهرباء المكسيكية (سي إف إي) لبناء خط أنابيب غاز بقيمة 4.5 مليارات دولار، يربط ميناء توكسبان مع كواتزاكوالكوس، وموانئ فيراكروز ودوس بوكاس. وارتفع إنتاج الغاز في المكسيك بنسبة 15% خلال الأشهر الـ7 الأولى من عام 2022، مقارنة بالمدّة نفسها من 2021.

تعليق أكبر مشروع غاز لـ”سانتوس” الأسترالية بأمر من المحكمة

أصدرت المحكمة الفيدرالية في أستراليا حكمًا لصالح السكان الأصليين لجزر تيوي، في دعوى موجهة ضد أكبر مشروع غاز تابع لشركة سانتوس، يهدف إلى مد محطة داروين للغاز المسال بالوقود. ويعني الحكم -الذي أصدرته المحكمة تعليق عمليات الحفر والتنقيب في مشروع غاز باروسا العملاق -الواقع قبالة الساحل الشمالي لأستراليا، وبتكلفة تصل إلى 3.6 مليار دولار-، حسبما نقل موقع إنرجي فويس.

ووصفت الشركة الأسترالية الحكم بأنه مخيب للآمال، وستضطر إلى مواصلة وقف عمليات الحفر في انتظار نتيجة الاستئناف أو الموافقة على خطة بيئية جديدة لتطوير المشروع. وقالت الشركة إن مشروع باروسا -الذي يتضمّن حفر 8 آبار- قد اكتمل بنحو 46%، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الخلاف مع السكان الأصليين
يُعد مشروع باروسا أكبر استثمار في قطاع النفط والغاز الأسترالي منذ عام 2012، ويتألف من سفينة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، وآبار إنتاج بحرية، وخط أنابيب لتصدير الغاز مرتبط بحقل بايو أودان وخط أنابيب الغاز المسال داروين. وصادقت شركة سانتوس الأسترالية على المشروع في مارس/آذار (2021)، وبدأت استثمارًا بقيمة 600 مليون دولار لتطوير خط أنابيب يربط المشروعات لإطالة عمر محطة داروين للغاز المسال لقرابة 20 عامًا.

وتقوم الشركة بأنشطة الحفر في بحر تيمور، على بعد قرابة 140 كيلومترًا شمال جزر تيوي، وكان من المتوقع بدء أول إنتاج للغاز في النصف الأول من عام 2025. وفي محاولة لمنع سانتوس من تطوير مشروع باروسا، طعن السكان الأصليون في قرار الهيئة التنظيمية للصناعة “إن أو بي إس إي إم إيه” بالموافقة على خطة سانتوس لحفر حقل الغاز باروسا. وطلب سكان جزر تيوي في يونيو/حزيران (2022) من المحكمة إلغاء الموافقة على تصاريح عمليات الحفر للمشروع، بدعوى عدم استشارتهم، حيث سيمر خط الأنابيب عبر موطنهم. وفي يوليو/تموز (2022)، كانت سانتوس تستعد لعمليات الحفر في الحقل، ومع ذلك وافقت في أواخر أغسطس/آب على وقف عملياتها في انتظار قرار المحكمة.

نتيجة مخيبة للآمال
في بيان صدر يوم الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول (2022)، أشارت سانتوس إلى قرار قاضي المحكمة إلغاء قبول الهيئة التنظيمية لخطة بيئية تغطي أنشطة الحفر، وفشل الهيئة في تقييم ما إذا كانت هذه الخطة قد أظهرت تشاور سانتوس مع كل شخص تتطلب اللوائح التشاور معه.

وقال القاضي: “إن التصريح الذي قدمته الهيئة التنظيمية غير صالح من الناحية القانونية، ويجب إبطاله”. وعقبت سانتوس على ذلك بأن النتيجة مخيبة للآمال، مؤكدة أنها ناقشت أنشطة الحفر المقترحة مع الهيئات الممثلة للسكان الأصليين، وقبلت الهيئة التنظيمية للصناعة جهود التشاور مع سكان جزر تيوي وفقًا للوائح، وقررت قبول الخطة البيئية لتلك الأنشطة. في الوقت نفسه، أعلنت سانتوس خططها للاستئناف، موضحة أنه يجب على المحكمة مراجعة القرار، نظرًا إلى أهميته للشركة ولشركائها العالميين والعملاء والصناعة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتسيطر شركة سانتوس على مشروع باروسا بنسبة 50%، وتمتلك شركة الطاقة الكورية الجنوبية “إس كيه إي آند إس” حصة بنسبة 37.5%، وشركة جيرا اليابانية النسبة المتبقية. وأضافت الشركة أن باروسا مشروع غاز مهم للبلاد، ويعزز الوظائف والصادرات والعلاقات مع المستثمرين وعملاء الغاز في آسيا الذين اعتمدوا على أستراليا لتحقيق أمن الطاقة على مدار عقود من الزمن. وأوضحت أن الشكوك حول الموافقة على المشروع باتت مسألة تتعلق بالسياسة العامة، ويجب على الحكومة الأسترالية تسريع حلها للحد من مخاطر التجارة والاستثمار في المشروعات بجميع أنحاء البلاد.

فوز السكان الأصليين
في غضون ذلك، استقبل السكان الأصليون قرار المحكمة بالأغاني والرقصات التقليدية. وقال المحامون الممثلون لزعيم عشيرة مونوبي دينيس تيباكاليبا إن الشركة لم تتشاور مع العشيرة، ولم تقدم معلومات كافية حول المشروع لمجلس تيوي للأراضي. وأعرب تيباكاليبا للمحكمة عن مخاوفه بشأن التداعيات المحتملة للمشروع على القيم الثقافية والروحية، بالإضافة إلى مصادر الغذاء والبيئة البحرية.

ووصفت المستشارة الخاصة لمكتب المدافعين عن البيئة ألينا ليكين الحكم بأنه انتصار كبير لعشيرة مونوبي، ودليل على قوتهم وتفانيهم في مواجهة واحدة من أكبر شركات التعدين في البلاد. وقالت إن القرار ستكون له تداعيات وطنية وعالمية بشأن التشاور مع الشعوب الأصلية فيما يتعلق بمشروعات التعدين.

خطر يلاحق المشروع
قال المحلل في بنك كريدي سويس سول كافونيك إن فشل سانتوس في الاستئناف واضطرارها إلى تقديم خطة بيئية جديدة قد يؤثران في التكلفة الإجمالية والجدول الزمني للمشروع. وتابع: “هناك خطر يتمثل في أن الهيئة التنظيمية قد توسع نطاق المراجعة لتشمل جوانب أخرى، مثل الانبعاثات، إذ تشدد البلاد على أهداف انبعاثات الكربون بقوة -حاليًا- مقارنة بالسابق عندما حصلت الشركة على التصاريح”. وأشار متحدث باسم شركة إس كيه إي آند إس الكورية إلى أن الحكم سيؤخر عمليات الحفر للمشروع بقدر ضئيل، ولن يشهد الجدول الزمني المتوقع للإنتاج التجاري للغاز المسال أي اضطرابات.

واردات الصين من الغاز المسال الروسي في أعلى مستوياتها منذ 22 شهرًا

ارتفعت واردات الصين من الغاز المسال الروسي إلى أعلى مستوى خلال ما يقارب عامين، في أغسطس/آب الماضي، حسبما ذكرت منصة “إس آند بي غلوبال”. وتُظهر أرقام الواردات الصينية اعتمادًا متزايدًا على روسيا، رغم العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.

وكثّفت كل من الصين والهند مشترياتها من النفط والغاز الروسيين، بعد فرض عقوبات غربية على الأخيرة، بسبب غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، واضطرارها إلى خفض الأسعار بنسبة كبيرة لمنتجاتها، في محاولة لتسويق النفط الخام والغاز، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

واردات الصين من الغاز المسال الروسي
استوردت الصين 611 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال الروسي في أغسطس/آب الماضي (2022)، وهي الكمية الأعلى في 22 شهرًا، وفق بيانات “إس آند بي غلوبال”. واستوردت بكين 6 شحنات من الغاز المسال الروسي، تبلغ كمية كل شحنة 71 ألف طن متري عبر خط يامال، وأيضًا 3 شحنات تبلغ كمية كل منها 62 ألف طن متري من خط سخالين، وفق بيانات الشحن.

واشترت الصين الغاز المسال الروسي عبر خط يامال في سوق التعاقدات الآجلة، بينما حصلت على كميات من خط سخالين من خلال السوق الفورية، بوساطة مناقصات، وفق مصادر من السوق. وأوضحت تلك المصادر أن آخر الشحنات من الغاز المسال اشترتها الصين بتخفيض كبير في سعرها.

استبدال المشتريات
قال تاجر من “غوانغدوغ”، إن شركة النفط الوطنية الصينية ترتبط بتعاقدات آجلة مع يامال لتصدير الغاز المسال، وتبيع -أحيانًا- الكميات من الإنتاج غير الروسي لأوروبا، ثم تشتري الغاز الروسي بأسعار مخفضة.

ويرى المحلل البارز في برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، نيكوس تسافوس، أن الصين والدول الآسيوية يمكن أن تكون وجهة جيدة لاستقبال الغاز المسال الروسي، بوصفها بديلًا عن أوروبا، التي تسعى إلى الاستغناء عن روسيا.

ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا، اتخذت أميركا وأوروبا قرارات عديدة تقوّض مبيعات موسكو من النفط والغاز. وفي حين حظرت الولايات المتحدة واردات النفط والغاز الروسية بعد الغزو بمدة قصيرة، اتخذت أوروبا قرارًا مشابهًا من المفترض تفعيله مع نهاية العام الجاري (2022).

في المقابل، تسعى روسيا إلى منع الغاز عن أوروبا، في وقت تعمل فيه دول القارة على تخزين احتياجات الشتاء. وبعد خفض التصدير منذ يونيو/حزيران الماضي، وتعطيل الضخ لمدة 3 أيام عبر نورد ستريم 1، أواخر الشهر الماضي، قررت موسكو وقفه إلى أجل غير مسمى بسبب قرار الدول الصناعية بتحديد سقف لسعر النفط الروسي.

غاز أرخص
خفض مستوردو الغاز المسال في الصين مشترياتهم من الأسواق الفورية خلال العام الجاري (2022)، بسبب ارتفاع الأسعار بصورة حادة، وتغطية احتياجات السوق المحلية عبر مصادر أرخص للغاز.

وكانت أسعار الغاز المسال قد ارتفعت في حوض الأطلسي لتسجل 71.01 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، في 25 أغسطس/آب الماضي (2022)، وهو أعلى مستوى منذ أن بلغ 84.76 دولارًا في 7 مارس/آذار الماضي.

تقرير يكشف مصير الغاز المسال الأسترالي في 2023 وحقيقة نقص الإمدادات

حمل العام الجاري (2022) رياحًا معاكسة إلى أستراليا، فبعد أن تربعت على عرش سوق الغاز المسال بصفتها أكبر مصدر في العالم خلال العام الماضي (2021)، اقتنصت الولايات المتحدة اللقب في الآونة الأخيرة مستفيدة من التحولات الجيوسياسية وبحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسي، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ومع تراجع مكانة أستراليا واحتدام الأزمات في مناطق متفرقة من الولايات، بدأت التحذيرات من أن البلاد ستواجه أزمة في إمدادات الغاز المحلية عام 2023، ويمثّل ذلك خطرًا على أمن الطاقة، ويتعيّن على الحكومة وجود حلول في أسرع وقت. وكان من بين الحلول التي خلصت إليها هيئة حماية المنافسة والمستهلكين الأسترالية هو تفعيل ضوابط على الصادرات، لتجنّب عجز متوقع في عام 2023، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

توفير إمدادات للسوق المحلية
قد يبدو من غير المنطقي أن تواجه واحدة من أكبر مصدري الغاز المسال في العالم أزمة في الغاز. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أسباب جغرافية، منها أن سيدني وملبورن في الجنوب الشرقي بعيدتان عن حقول الغاز الرئيسة في البلاد، إلى جانب أزمة الطاقة العالمية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

إلا أن القرارات السياسية التي اتخذتها الحكومة الأسترالية السابقة أرست -أيضًا- الأسس لأزمة غاز ضخمة، بعد نقص الاستثمار والسماح لشركات الطاقة العالمية بتصدير كميات ضخمة من الغاز، تصل إلى قرابة 75% من إنتاج الوقود الأسترالي. لذا، حذّرت هيئة حماية المنافسة والمستهلكين الأسترالية من السماح لكبرى الشركات بتصدير الغاز غير المتعاقد عليه في عام 2023، لتغطية الطلب المحلي، لا سيما أن محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم تكافح للحفاظ على حصتها من الإمدادات المحلية.

وتتوقع أن تعاني سوق الغاز في الساحل الشرقي من عجز قدره 56 بيتاجول، وهذه الفجوة تعادل قرابة 10% من الطلب المحلي السنوي، وينذر ذلك بالخطر على أمن الطاقة في أستراليا. وقالت اللجنة إن شح الإمدادات قد يزيد من أسعار الطاقة، ويؤدي إلى إغلاق بعض المصانع، إذ شهدت البلاد -مؤخرًا- خروج بعض الشركات من السوق، حسب صحيفة الغارديان.

وأوضح أمين خزانة الحكومة الفيدرالية، جيم تشالمرز، أن الأوضاع في سوق الغاز بالساحل الشرقي مقلقة، وحث منتجي الغاز على اتخاذ القرار الصحيح تجاه الأستراليين. وتابع: “من المهم توفير إمدادات غاز محلية وبأسعار تنافسية، لا سيما عندما تكون المنازل والشركات تحت ضغط شديد”.

وخلال شهر يوليو/تموز (2022)، حذّر مشغل سوق الطاقة الأسترالي من ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، مشيرًا إلى أن أسعار الجملة للغاز والكهرباء تضاعفت 3 مرات خلال الربع الثاني المنتهي في 30 يونيو/حزيران (2022) مقارنة بالربع السابق. ويؤثّر ارتفاع أسعار الغاز، الناجم جزئيًا عن الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية، في أسعار الكهرباء.

وتأتي تحذيرات اللجنة -أيضًا- في وقت تدرس فيه وزيرة الموارد الفيدرالية الأسترالية مادلين كينغ، مدى ملاءمة آلية أمن الغاز المحلي الأسترالية؛ لضمان الاحتفاظ بكمية وفيرة من الوقود بأسعار معقولة للمستخدمين المحليين. وفي الوقت نفسه، لا تواجه أستراليا الغربية -التي تحتفظ بنسبة 15% من الطلب على الغاز للاستخدام المحلي- التحديات نفسها، كما إن أسعار الكهرباء لم ترتفع بالسرعة التي ارتفعت في شرق البلاد.

السيطرة على المنتجين
لاحظت الهيئة أن 3 فقط من كبار مصدري الغاز المسال تسيطر على قرابة 90% من احتياطيات الساحل الشرقي لأستراليا، سواء المؤكدة أو المحتملة من الوقود الأحفوري.

وهذه المشروعات هي: مشروع أستراليا باسيفك للغاز المسال الذي تديره شركة كونوكو فيليبس وأوريغين بسعة تصل إلى 9 ملايين طن سنويًا، وغلادستون للغاز المسال الذي تديره شركة سانتوس الأسترالية بسعة 7.8 مليون طن سنويًا، وكوينزلاند للغاز المسال الذي تديره شركة شل بسعة 8.5 مليون طن سنويًا. وتهدف هذه الخطوة إلى إجبار مصدري الغاز المسال الـ3 على توفير الإمدادات للمصنعين المحليين والأسر بدلًا من تصديرها إلى الأسواق العالمية، إذ أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى زيادة الطلب والأسعار.

ومن المتوقع أن تحد هذه الخطط من الشحنات الفورية في سوق الغاز المسال، التي تواجه نقصًا حادًا منذ الحرب الأوكرانية، لكنها ستدعم الجماهير المحلية التي تشعر بالقلق إزاء ارتفاع التضخم، وتدهور القدرات الإنتاجية المحلية. وفي هذا الصدد، قالت وزيرة الموارد الفيدرالية الأسترالية، مادلين كينغ، إن الحكومة تحتاج إلى اتخاذ التزامات صارمة من مصدري الغاز المسال في الساحل الشرقي بناءً على النقص المتوقع.

وأشارت إلى خططها لتمديد آلية أمن الغاز المحلي الأسترالية التي كان من المقرر إنهاؤها في 1 يناير/كانون الثاني (2023) إلى عام 2030، ومراجعتها في عام 2025. وأضافت أن الحكومة تجري محادثات -أيضًا- مع الشركاء التجاريين الرئيسين لطمأنتهم بأن أستراليا ما تزال شريكًا تجاريًا موثوقًا، ومصدرًا مستقرًا للموارد والطاقة.

هل الحسابات الأسترالية صحيحة؟
رغم اتفاق شركة إنرجي كويست الأسترالية لاستشارات وإستراتيجيات الطاقة مع احتمال وجود نقص في إمدادات الغاز لعام 2023، أصرت على أن الشحنات الفورية المتاحة لتوجيهها إلى السوق المحلية أو الساحل الشرقي أقل بكثير من حسابات لجنة حماية المنافسة والمستهلكين الأسترالية. وتزعم اللجنة أنه كان من الممكن تحويل 22 شحنة غاز مسال من غلادستون خلال المدة من أغسطس/آب (2021) إلى فبراير/شباط (2022) دون أن تؤثر في عقود الغاز المسال طويلة الأجل.

وقالت إنرجي كويست إن الرقم الحقيقي ربما يكون ربع ذلك فقط عند المقارنة بين الصادرات الفعلية وتقديرات لجنة حماية المنافسة والمستهلكين الأسترالية الخاصة بصادرات الغاز بموجب العقود طويلة الأجل. وأشارت في تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة -صادر يوم الخميس 18 أغسطس/آب (2022)- إلى أن الغاز المتاح بموجب عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل في عام 2021 كان عند 1328 بيتاجول، ويعني ذلك إنتاج 22.8 مليون طن من الغاز المسال.

وبلغت شحنات غلادستون للغاز المسال الفعلية نحو 23.4 مليون طن في عام 2021، ما يعني أن المبيعات الفورية بلغت 0.8 مليون طن. ووفقًا للتقرير، وصلت الشحنات الفورية لعام 2021 إلى 12 شحنة أو 6 شحنات كل 6 أشهر، أي ما يزيد قليلًا على إجمالي عدد الشحنات الفورية الذي استشهدت به لجنة حماية المنافسة والمستهلكين الأسترالية. وأضافت أن شحنات غلادستون في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط (2022) لم تشهد أي زيادة غير طبيعية.

انتقادات حادة
في الوقت نفسه، تعرّض مصدرو الغاز المسال في أستراليا لانتقادات حادة بعد تجاهل القيود المفروضة لتوفير إمدادات الغاز للسوق المحلية، وسط ارتفاع الطلب على الغاز ووقف عدد من محطات الكهرباء العاملة بالفحم في وقت سابق من عام 2022، إذ صدّروا شحنات بقيمة 70 مليار دولار في السنة المالية (2022).

ونتيجة لذلك، ارتفع استخدام الغاز لتوليد الكهرباء بنسبة 37% في يوليو/تموز (2022)، مقارنة بعام (2021). ووفقًا لمشروع أستراليا باسفيك للغاز المسال، وفّر المشروع نحو 7.9 بيتاجول إضافية من الغاز للسوق المحلية على مدى 3 أشهر حتى يوليو/تموز (2022). ويرى تكتل الغاز التابع لرابطة منتجي ومستكشفي النفط (آبيا) أن السوق المحلية لا تعاني نقصًا في إمدادات الغاز، ويتوقع ألا تشهد البلاد أي أزمة حتى العام المقبل (2023).

وقال الرئيس التنفيذي للتكتل، داميان دوير، إن صناعة الغاز المسال قادرة على توفير كميات للتصدير والسوق المحلية، مشيرًا إلى ضخ استثمارات لإنتاج الغاز المسال المخصص للتصدير وأخرى للسوق المحلية. ونظرًا إلى مكانة أستراليا في السوق العالمية بصفتها من أكبر منتجي الغاز المسال ومصدريه، حذّر التكتل من أن قرار حظر الصادرات قد يزيد من الوضع المتأزم في السوق.

فأغلب صادرات الغاز المسال الأسترالية تتجه إلى دول آسيا والمحيط الهادئ، ولا يمكن لأستراليا تزويد أوروبا أو أي منطقة بالإمدادات من دون فسخ العقود. كما إن الحكومة لا تستطيع التدخل في الصادرات إلا إذا توافرت الإمدادات في السوق المحلية، لكن أزمة الساحل الشرقي تتفاقم، وهو ما دفعها إلى اتخاذ مثل هذه السياسات.