تراجع صادرات الغاز الطبيعي النرويجي يضع أوروبا في أزمة قبل الشتاء

تتجه الأوضاع في أوروبا من سيئ إلى أسوأ، وأصبحت تقف على شفا الهاوية بعد إعلان النرويج انخفاض صادرات الغاز الطبيعي للقارة العجوز؛ استعدادًا لإجراء عمليات صيانة مكثفة. ومن المتوقع أن تسفر عمليات الصيانة عن انخفاض صادرات الغاز، في سبتمبر/أيلول (2022)؛ إذ حاولت أوسلو، في وقت سابق، تأجيل عمليات الصيانة لتعويض الدول الأوروبية عن الإمدادات الروسية، حسب وكالة رويترز.

في الوقت نفسه، سبق أن أعلنت روسيا توقف إمدادات الغاز الطبيعي بالكامل بواسطة خط أنابيب نورد ستريم 1 عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، لمدة 3 أيام بدءًا من 31 أغسطس/آب (2022)؛ حيث سيخضع خط الأنابيب للصيانة -أيضًا- وتتزايد المخاوف من مواصلة روسيا وقف الإمدادات بعد ذلك، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

الغاز النرويجي
أصبحت النرويج المصدر الرئيس للغاز إلى أوروبا، وتزود بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا بالغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، وسط مساعٍ من دول القارة العجوز لزيادة سعة تخزين الغاز قبل الشتاء لتجنب أسوأ أزمة طاقة محتملة. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج الغاز النرويجي قرابة 122 مليار متر مكعب، خلال العام الجاري (2022)، وفقًا للتوقعات الرسمية الصادرة في مايو/أيار (2022)، بزيادة 8% عن عام 2021.

ويرجع ذلك إلى إعطاء البلاد الأولوية لبيع الغاز على إعادة الحقن لتعزيز إنتاج النفط الخام؛ إذ تعهدت بتوفير إمدادات مستقرة إلى أوروبا، خلال فصل الصيف، خاصة بعد تراجع تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية. وهذا يعني أن مشغل البنية التحتية للغاز “غاسكو” اضطر إلى تأجيل أعمال الصيانة المخطط لها سابقًا.

وأكد متحدث باسم غاسكو أن المشغل عدّل مواعيد عمليات الصيانة المقررة هذا العام (2022) لزيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا خلال أشهر الصيف. وستؤدي عمليات الصيانة المقررة وغير المقررة إلى انخفاض السعة الإنتاجية لـ13 حقلًا، ومحطة معالجة طوال شهر سبتمبر/أيلول (2022)، وستبلغ الأحجام المفقودة ذروتها عند 154.68 مليون قدم مكعبة يوميًا في 7 سبتمبر/أيلول (2022)، وفقًا لبيانات غاسكو.

في الوقت نفسه، ستشهد نقاط الخروج في أوروبا وبريطانيا أعمال صيانة، وسيؤدي ذلك دورًا في تحديد إلى أين سيتدفق الغاز النرويجي، خلال سبتمبر/أيلول (2022). بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تحد عمليات الصيانة من إجمالي إنتاج الغاز، الذي سينخفض إلى 323.9 مليون متر مكعب يوميًا، وهو أدنى مستوى له خلال العام الجاري (2022)، وفقًا لتوقعات مديرية النفط النرويجية.

ارتفاع أسعار الغاز
أدى انخفاض مستويات الطاقة الكهرومائية وإيقاف بعض محطات الطاقة النووية في فرنسا إلى ارتفاع أسعار الغاز والطاقة في أوروبا عند مستويات قياسية. وأشارت معطيات التداول الأخيرة إلى تجاوز عقود الغاز القياسي للسوق الأوروبية 330 دولارًا/ميغاواط/ساعة، يوم الخميس 25 أغسطس/آب (2022)، وهو أعلى مستوى منذ 7 مارس/آذار (2022).

وأظهرت بيانات البنية التحتية للغاز الأوروبية أن مستودعات تخزين الغاز في القارة كانت ممتلئة بنسبة تزيد قليلًا على 78%، واقتربت من هدف المفوضية الأوروبية البالغ 80% بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول (2022). أما عن تأثير تراجع الإمدادات النرويجية؛ فقد قال أحد التجار إن هناك تدفقات كافية لتغطية الطلب اليومي، ولا يمثل انخفاض الإمدادات مصدر قلق حقيقيًا، حسب وكالة رويترز.

وأوضح أن شهر سبتمبر/أيلول عمومًا ليس من الأشهر التي يزداد فيها الطلب على الغاز، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. أما بريطانيا؛ فقد ارتفعت عقود التسليم الفورية بمقدار 10 بنسات (0.1182 دولارًا أميركيًا)، عند 540 بنسًا لكل وحدة حرارية، لكن عقود التسليم في عطلة نهاية الأسبوع انخفضت بمقدار 27 نقطة إلى 510 بنسات لكل وحدة حرارية.

تأجيل أعمال الصيانة
كانت شركة إكوينور النرويجية قد أعلنت، في مارس/آذار (2022)، زيادة إنتاج الغاز الطبيعي؛ لتزويد أوروبا بالإمدادات اللازمة، ومساعدتها في التصدي لنقص الوقود وارتفاع الأسعار. فقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز، وتدافع الدول الأوروبية لملء المخزونات التي استهلكتها خلال فصل الشتاء، فضلًا عن البحث عن بدائل للإمدادات الروسية.

وقالت شركة إكوينور إنها ستؤجل عمليات الصيانة، وستجري تعديلات أخرى بالتعاون مع مشغل خطوط الأنابيب “غاسكو”. وكشفت عن أن التعديلات ستسمح لحقل أوسبيرغ بزيادة الصادرات بنحو مليار متر مكعب حتى 30 سبتمبر/أيلول (2022)، بينما يمكن أن تزيد صادرات حقل هايدرون من الغاز الطبيعي بمقدار 0.4 مليار متر مكعب خلال العام الجاري (2022).

ويمكن لهذه الكمية (1.4 مليار متر مكعب) أن تلبي الطلب على الغاز الطبيعي لنحو 1.4 مليون منزل أوروبي خلال عام. في عام 2021، بلغ إنتاج الغاز الطبيعي النرويجي 113 مليار متر مكعب، وتصدر النرويج قرابة 95% من الغاز عبر شبكة من خطوط الأنابيب تحت البحر مرتبطة بمحطات في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا. ومن المتوقع الانتهاء من تطوير خط أنابيب جديد إلى بولندا هذا العام (2022).