جنوب أفريقيا تخفض أسعار الوقود في أغسطس.. مع إلغاء الدعم

بعد أشهر من ارتفاعها، قررت جنوب أفريقيا خفض أسعار الوقود ويسري العمل بالأسعار المُخفضة بداية من 3 أغسطس/آب المقبل، فيما يعكس تراجعًا في أسعار النفط العالمية وقوة العملة المحلية بالدولة.

وتهدف حكومة أبوجا من تلك الخطوة إلى التخفيف من وطأة الأعباء المالية المتزايدة على المستهلكين جراء تسجيل أسعار الطاقة مستويات قياسية ضمن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 5 أشهر، بحسب ما نشرته رويترز اليوم 31 يوليو/تموز.

وبعيدًا عن حدود القارة السمراء، سجلت أسعار الوقود بالأسواق العالمية ارتفاعات جنونية منذ مطلع مارس/آذار الماضي، في ظل اضطراب إمدادات الطاقة الروسية، وتنوعت ردة فعل الحكومات حيال ذلك ما بين تقديم حزم الدعم أو ترك المجال أمام الاحتجاجات الشعبية الرافضة لمستويات الأسعار ونقص الإمدادات، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

أسعار الوقود الجديدة
تعتزم جنوب أفريقيا تطبيق تعديلات خفض أسعار الوقود، بدءًا من شهر أغسطس/آب المقبل، إذ جرت العادة على إجراء تعديل بأساس شهري لضمان استفادة المستهلكين من فارق أسعار النفط وأداء العملة المحلية “الراند”.

وأزاح وزير الطاقة الجنوب أفريقي، غويدي مانتاشي، الستار عن قائمة أسعار الشهر المقبل، بما يشمل انخفاض سعر البنزين بمعدل 1.32 راند/لتر (0.08 دولارًا) ليسجل 25.42 راندًا للبنزين 95 أوكتان، و24.99 راندًا للبنزين 93 أوكتان.

وكان مانتاشي قد دعا إلى طرح إمكان تحديد سقف لأسعار البنزين 93 أوكتان، حسبما نشرت الجريدة الرسمية للبلاد في 22 يوليو/تموز الجاري. وفيما يتعلق بالديزل، قررت جنوب أفريقيا تخفيضه بمعدل 88 سنتًا للديزل عالي الكبريت، و91 سنتًا للديزل منخفض الكبريت. وتتنوع استخدامات الديزل في أبوجا ما بين الاستخدامات الزراعية، وتزويد سيارات الشحن والنقل، وتشغيل المولدات الطارئة للكهرباء.

إلغاء الدعم.. ومعدل التضخم
تكتسب خطوة خفض أسعار الوقود في جنوب أفريقيا، بدءًا من شهر أغسطس/آب المقبل، أهمية خاصة، إذ تتزامن مع موعد إنتهاء الدعم الحكومي “المؤقت” لأسعار الطاقة كان قد أُقرّ في أبريل/نيسان الماضي.

وخلال المدة بين أبريل/نيسان و6 يوليو/تموز، سمح الدعم بخفض الأسعار بمعدل 1.50 راندًا، ومن 7 يوليو/تموز إلى 2 أغسطس/آب المقبل من المقرر أن تنخفض الأسعار بموجب الدعم بنحو 75 سنتًا/لتر. ومن المقرر أن يبدأ سريان الأسعار المُخفّضة الجديدة عقب رفع غطاء الدعم في 3 أغسطس/آب المقبل، وفق ما نشرته وكالة بلومبرغ اليوم.

ومن شأن أسعار البنزين والديزل الجديدة أن تعمل على تهدئة معدل التضخم الذي لامس مستويات مرتفعة للنطاق المحدد من قبل البنك المركزي، متراوحًا بين 3 و6% للمرة الأولى منذ 5 سنوات في مايو/أيار الماضي، في حين يشكّل الوقود معدلًا قدره 5% من سلة أسعار المستهلك في جنوب أفريقيا.

وفي يونيو/حزيران الماضي، سجل معدل التضخم في البلاد أعلى مستوياته في غضون 13 عامًا، إذ وصل إلى 7.4%. وتتجه توقعات البنك المركزي إلى تسجيل التضخم مستوى يفوق حدود 6%، ببلوغه 6.5% نهاية العام الجاري (2022).

حرب أوكرانيا وأسعار الوقود
خلال 4 أيام فقط عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، قررت جنوب أفريقيا رفع أسعار الوقود لشهر مارس/آذار لمستويات قياسية، وأرجعت ذلك حينها إلى ارتفاع أسعار النفط، وما شكّلته الحرب من تهديد للإمدادات.

وشكّلت تلك الارتفاعات حينها ضغوطًا على قطاعات الدولة، لا سيما أنه سبقها ارتفاع مماثل بمعدل 20 راندًا/لتر، وفق تصريحات وزير المالية إينوك جودونجوانا، آنذاك. ومنذ ذلك الحين، واصلت أسعار البنزين والديزل ارتفاعها في أبوجا، ودارت أسعار البنزين حول نطاق 1.59 دولارًا/لتر في أبريل/نيسان.

وبصورة إجمالية، سجلت أسعار بيع البنزين في أسواق التجزئة منذ بداية العام الجاري (2022) ارتفاعًا بنسبة 30%، ما عزز المطالبات بإلغاء القيود على الأسعار، لكن في الوقت ذاته، عدّت جمعية تجّار تجزئة الوقود أن تلك الخطوة من شأنها رفع التكلفة على المستهلك.

إنتاج النفط في الإكوادور قد يتوقف خلال 48 ساعة

وصلت الأوضاع في الإكوادور إلى طريق شبه مسدود، خاصة مع احتمال توقّف إنتاج النفط في غضون 48 ساعة، وسط تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة. وقالت وزارة الطاقة في بيان، إنه من المرجح توقّف الإنتاج خلال اليومين المقبلين، مع استمرار قطع الطرق وتخريب آبار النفط، حسب بلومبرغ.

وأدى ما يقرب من أسبوعين من الاحتجاجات التي قادها السكان الأصليين ضد ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، إلى شلّ حركة النقل في البلاد، ووضع حواجز على الطرق في 19 مقاطعة من مقاطعات الدولة -الغنية بالنفط-، البالغ عددها 24، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

انخفاض الإنتاج
أعلنت وزارة الطاقة في البيان، أن إنتاج النفط بلغ مستويات حرجة، وإذا استمر الوضع، فسيتوقف في أقلّ من 48 ساعة، إذ أدت عمليات التخريب والاستيلاء على آبار النفط وإغلاق الطرق إلى منع وصول الإمدادات اللازمة.

وبدءًا من أمس الأحد 26 يونيو/حزيران، انخفض إنتاج النفط بأكثر من 50%، وأُجبرت نحو 1176 بئرًا نفطية على وقف الضخ، وخلال أسبوعين، توقفت الدولة عن تلقّي قرابة 120 مليون دولار إيرادات. وقبل الاحتجاجات، بلغ إنتاج النفط قرابة 520 ألف برميل يوميًا، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

لذا، اتخذت الإكوادور إجراءً وقائيًا بإعلان حالة القوة القاهرة على عقود النفط لتجنّب فرض عقوبات حال عجزها عن تسليم الشحنات المقررة. ويعتمد اقتصاد الإكوادور على عائدات النفط بصورة كبيرة، وصدّرت نحو 65% من إنتاجها في الأشهر الـ4 الأولى من عام 2022. وأدت المصاعب التي تواجه إنتاج النفط إلى تقليص المكاسب المالية غير المتوقعة، واستفادة الإدارة الحالية من أسعار النفط المرتفعة.

وعلى الرغم من المناشدات المحلية والدولية، بما في ذلك من البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أمس الأحد 26 يونيو/حزيران، للحكومة بالتفاوض مع قادة السكان المحليين، رفض زعيم اتحاد القوميات الأصلية، ليونيداس إيزا، عروضًا تدعو لمناقشة مطالب المنظمة.

خفض أسعار الوقود
مع تصاعد الأحداث، أعلن الرئيس الإكوادوري، غييرمو لاسو، خفض أسعار البنزين والديزل 10 سنتات للغالون، في محاولة لإنهاء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي أودت بحياة 6 أشخاص على الأقلّ، حسبما نشرت شبكة يو إس نيوز آند وورد ريبورت.

وبذلك تبلغ تكلفة البنزين 2.45 دولارًا للغالون، في حين سيكلّف الديزل 1.80 دولارًا، وكلاهما دون المستوى المطلوب من قبل “اتحاد القوميات الأصلية”، والذي طالب بخفض سعر البنزين من 2.55 دولارًا إلى 2.10 دولارات للغالون، والديزل من 1.90 دولارًا إلى 1.50 دولارًا.

وقال لاسو في حديث تلفازي، في وقت متأخر من أمس الأحد 26 يونيو/حزيران، إن سعر الوقود أصبح أساس استمرار الصراع. وأوضح أن يد الحكومة ممدودة لكل من يسعى إلى الحوار، أمّا من يبحث عن الفوضى والعنف والإرهاب فسيواجه أقصى العقوبات القانونية، مشددًا على عودة الأمور إلى نصابها.

أسباب التظاهرات
بدأت الاحتجاجات بقيادة “اتحاد القوميات الأصلية” في الإكوادور منذ 13 يونيو/حزيران، للمطالبة بخفض أسعار البنزين، والسيطرة على أسعار المنتجات الزراعية، وتخصيص ميزانية أكبر للتعليم، وسط انتقادات واسعة النطاق لخطّة الرئيس المحافظ غييرمو لاسو لإصلاح الاقتصاد بدعم من صندوق النقد الدولي.

ويشارك نحو 14 ألف متظاهر في الاحتجاجات على مستوى البلاد، معظمهم في مدينة كيتو. وتشهد العاصمة -حاليًا- نقصًا في الإمدادات، وأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. وأفادت المصادر أن أعمال العنف بين الشرطة والمتظاهرين أسفرت عن مقتل 5 متظاهرين، بينما أصيب نحو 500 شخص. وبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية بين القطاعين العامّ والخاص، يوم الأحد 26 يونيو/حزيران، من الاحتجاجات 500 مليون دولار، وفقًا لوزير الإنتاج خوليو خوسيه برادو.

ويأتي قرار خفض أسعار الوقود بعد وقت قصير من رفع الرئيس لاسو حالة الطوارئ التي فرضها في 6 مقاطعات، وعقد المسؤولون محادثات مبدئية مع قادة الاحتجاج. كما تأتي في وقت يناقش فيه المشرّعون طلب المعارضة بإقالة لاسو من منصبه، لكنهم فشلوا في حشد الدعم الكافي للإطاحة به.

المشروعات الجديدة
بالإضافة إلى المطالب الاقتصادية للمتظاهرين، يدعو المتظاهرون إلى وقف مشروعات النفط والتعدين الجديدة، حسب رويترز. ونتيجة لهذه الاحتجاجات، فقدت شركة بتروإكوادور المملوكة للدولة نحو 6 آلاف و975 برميلًا من الخام ، واضطرت إلى وقف بعض عمليات التنقيب والحفر. وتبلغ احتياطات الإكوادور المؤكدة نحو 8.2 مليار برميل من النفط الخام، لكنها تنتج فقط قرابة 400 ألف برميل يوميًا. ومع ذلك، تطمح الشركة المملوكة للدولة إلى مضاعفة الإنتاج على مدار السنوات الـ5 المقبلة، وتتطلع إلى جذب استثمارات القطاع الخاص بقيمة 12 مليار دولار لتحقيق هدفها.

وتحرص الحكومة على تطوير قطاع التعدين في البلاد، وخفض اعتمادها على صادرات النفط الخام. ووفقًا لتقديرات الحكومة، يمكن أن يدرّ قطاع التعدين عائدات بقيمة 40 مليار دولار على مدى العقد المقبل. في مقابل ذلك، أثارت هذه الخطط ردود فعل عنيفة من نشطاء البيئة والسكان الأصليين، زاعمين أن التداعيات البيئية والاجتماعية الناجمة عن الصناعة “وحشية”، ولا يمكن تداركها.