افتقار آليات بيع النفط الروسي وتسعيره يثيران مخاوف شركات التأمين

ما تزال شركات التأمين تعاني الضبابية وعدم الوضوح بشأن آليات بيع النفط الروسي وتسعيره، وبات من الصعب تحديد تأثيره في ظل عدم توافر التفاصيل كافّة. ويبدو أن الناقلات المحملة بالنفط معرضة لخطر تركها بعرض البحر في حالة عدم حصول شركات التأمين على توضيح عاجل بشأن خطة مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي لوضع حد أقصى لسعر الخام الروسي التي لم تكتمل بعد، حسب تصريحات مسؤولين تنفيذيين في الصناعة لوكالة رويترز. وسبق أن اتفقت مجموعة الـ7 خلال شهر سبتمبر/أيلول (2022) على فرض حد أقصى لبيع النفط الروسي، ومن المقرر دخوله حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

المخاوف تخيّم على قطاع الشحن
قال مسؤولون أميركيون إن فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي يهدف إلى استمرار تدفق الإمدادات الروسية بالأسواق، لتفادي ارتفاع أسعار محتمل بعد التصديق على الحظر الشامل للاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران (2022). ومع بقاء 3 أسابيع فقط، بدأ الوقت ينفد لإقناع صناعة خدمات الشحن بمدى نجاح هذا القرار. وتتمحور المخاوف حول سيناريو اكتشاف شركات التأمين أن النفط المنقول بحرًا، الذي يُعتقد أنه بيع بأقل من الحد الأقصى، بِيع بسعر أعلى. ويعني ذلك إلغاء التغطية التأمينية، ورفض المشترين تسلم الشحنات، وسينتج عن ذلك مشكلات مالية ولوجستية ومخاطر بيئية. وفي هذا الصدد، قال الخبير العالمي في مكافحة الجرائم المالية بشركة “إيه سي إيه إم إس” جورج فولوشين، إن الجميع ستكون لديه خطة بديلة مع ضيق الوقت للحد من المخاطر والإلغاء والمقاطعة، وهناك احتمال من عدم إبرام أي عقود جديدة حتى إنهاء حالة الغموض. وأوضح أنه عند إلغاء التأمين في منتصف الرحلة، فسيتعين على المشترين والتجار معرفة كيفية التعامل مع شحنة عالقة يحتمل أن تتعرض للعقوبات، متوقعًا أن يكون الأمر فوضويًا. في الوقت نفسه، يرى مسؤول في المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يدرك الحاجة الملحة لتوضيح المزيد من التفاصيل مع نفاد الوقت أمام الشركات لمعرفة التزاماتها، لكن يجب التعامل مع هذه المسألة على مستوى مجموعة الـ7. بينما كشف منسق سياسة العقوبات بوزارة الخارجية الأميركية جيمس أوبراين عن أن دول مجموعة الـ7 تعد كل التفاصيل التنفيذية، وأن المباحثات الفنية المتعلقة بالتسعير والإدارة جارية.

الخطر يلاحق الناقلات
في حالة استمرار وجود فجوات في التفاصيل، من الممكن أن تُترك الناقلات المملوءة بالنفط دون تأمين والتخلي عنها بالقرب من المواني، ما يشكل تهديدًا للبلدان المجاورة عند حدوث تسرب، بجانب التكاليف المتعلقة بالتنظيف. وقال رئيس القسم العالمي للمطالبات بشركة نورث المتخصصة في تأمين السفن العالمية، ومقرها بريطانيا، مايك سالتهاوس: “في هذه الحالة، ستتعرض السفن للمخاطر، وإلغاء الخدمات المالية والفنية وسيرفض تسلمها أحد”. وتابع: “سيكون الوضع سيئًا، لأن لا أحد يريد البقاء على سفينة غير مؤمّنة قبالة السواحل”. واستطرد موضحًا أن مالك السفينة الذي لم يحقق أي عائد لعدة أشهر سيأخذ ذلك في الحسبان عند اتخاذ أي قرار متعلق بشحن البضائع في المستقبل، مضيفًا أنه من المحتمل أن يشكل ذلك عقبة. وقال: “إذا حدث ذلك في أغلب الأحيان، فسوف يتعارض مع خطط الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7”. على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد صدّق على الحد الأقصى للأسعار خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022)، فإن شركات التأمين تشير إلى تفاصيل قانونية لم تُنشر بعد التي يجب أن تتماشى مع التوجيهات غير المكتملة من وزارة الخزانة الأميركية، التي تعد أكثر تفصيلًا، لا سيما بشأن الضمانات التي تشير إلى أن شركات التأمين لن تواجه عقبات غير متوقعة في أثناء رحلة السفينة. في الوقت نفسه، أكد الأمين العام للاتحاد الدولي للتأمين البحري لارس لانغ، ضرورة وجود تنظيم في مجموعة الدول الـ7 مماثل كما في الولايات المتحدة، وأن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لديهما إرشادات أولية -حاليًا-. وأعرب عن قلقه من تلقي لوائح مختلفة متعلقة بالعقوبات من المناطق الـ3، إذ سيصعب الامتثال للجميع في الوقت نفسه. كما أوضح أن رفض المواني دخول أي سفينة سيتسبب في حدوث عواقب وخيمة. وأبلغ الاتحاد الدولي للتأمين البحري مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي أن السياسات يجب أن تشمل ضمانات بأن إثبات بيع شحنة روسية بموجب الحد الأقصى هو كل ما يحتاجه المالك للتحقق منه قبل الموافقة على التحميل ونقل البضائع.

الاتفاق على المعايير
سبق أن أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأسبوع الماضي الموافقة على معايير لتطبيق سقف سعر على الخام الروسي قبل دخوله حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول (2022). ووفقًا للخطة الجديدة، ستخضع كل شحنة من النفط الروسي المنقول بحرًا فقط لسقف الأسعار عند بيعها لأول مرة إلى مشترٍ على البر، وفي حالة تكرير شحنة من النفط الروسي إلى مشتقات، مثل البنزين؛ فيمكن تداولها مرة أخرى في البحر دون التعرض لسقف الأسعار. ووافق المسؤولون على أن يكون الحد الأقصى لسعر النفط الروسي ثابتًا مع مراجعته بانتظام حسب الحاجة، ومن المقرر تحديد السعر الأولي في الأسابيع المقبلة. ويرون أن ذلك سيُسهم في تعزيز استقرار السوق، وتسهيل إجراءات الامتثال لتقليل العبء على المشاركين في السوق.