تراجع إنتاج مصافي النفط وانخفاض الواردات في الصين.. هل هو مؤقت أم هبوطي؟

بعد أن كانت الصين تتمتع بأعلى قدرة تكرير في عام 2021، متفوقة على منافسيها الآسيويين، بدأ إنتاج مصافي النفط يتراجع إلى أدنى المستويات، فضلًا عن انخفاض الواردات الصينية. فقد شهد شهر يوليو/تموز (2022) تراجعًا حادًا في معدلات معالجة النفط الخام في الصين، إذ بلغ أدنى مستوياته منذ ذروة الوباء في مارس/آذار (2020)، كما انخفضت واردات -أكبر مستورد للنفط في العالم- خلال المدة نفسها.

ومع ذلك، ما تزال الصين تعمل على زيادة المخزونات، وتواصل الحفاظ على هذا المسار، وفقًا لمقال نشرته وكالة رويترز للكاتب الاقتصادي، كلايد راسل، تحت عنوان “الصين تخزن النفط في يوليو رغم تراجع الواردات وإنتاج المصافي”. وكشف راسل في مقاله أن الصين أضافت قرابة 290 ألف برميل يوميًا إلى مخزون الخام التجاري أو الإستراتيجي، خلال شهر يوليو/تموز (2022)، وفقًا لحسابات تستند إلى بيانات رسمية.

وجاءت هذه الزيادة لتصحيح مسار عمليات السحب البالغة 470 ألف برميل يوميًا في يونيو/حزيران (2022)، وبذلك يصل إجمالي الإضافات إلى المخزون للأشهر الـ7 الأولى من عام 2022 إلى قرابة 1.02 مليون برميل يوميًا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تدفقات النفط الخام
قال كاتب المقال، إن الصين لا تكشف عادة عن أحجام النفط المتدفقة من -أو إلى- مخزون النفط الإستراتيجي أو التجاري، لكن يمكن الحصول على تقديرات عن طريق طرح إجمالي كمية الخام المتاحة من الواردات والإنتاج المحلي من كمية الخام المعالج. وأضاف أن واردات النفط الخام في يوليو/تموز (2022) كانت عند 8.79 مليون برميل يوميًا، ارتفاعًا من 8.72 مليون برميل يوميًا في يونيو/حزيران (2022)، ولكن تجدر الإشارة إلى أن الواردات خلال هذين الشهرين بلغت أدنى مستوياتها في 4 سنوات.

فقد انخفض إجمالي واردات يوليو/تموز (2022) بنسبة 9.5%، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2021. وبلغ إنتاج النفط المحلي 4.03 مليون برميل يوميًا، وسمح ذلك بتوفير موارد متاحة لمصافي النفط قدرها 12.82 مليون برميل يوميًا. بينما بلغ إنتاج المصافي 12.53 مليون برميل يوميًا في يوليو/تموز (2022)، وهو أدنى معدل يومي منذ مارس/آذار (2020)، وانخفاضًا من 13.37 مليون برميل يوميًا في يونيو/حزيران (2022).

كما تشير البيانات إلى أن معالجة الخام كانت أقلّ بنحو 290 ألف برميل يوميًا، في يوليو/تموز (2022)، من حجم الخام المتاح من الواردات والإنتاج المحلي. وفي هذه النقطة، تساءل راسل، هل تحوّل قطاع تكرير النفط الخام في الصين، ومن ثم شهيته للواردات، إلى خفض الإنتاج على أساس هيكلي، أو أن التراجع الحالي مؤقت؟

أسباب التراجع
يرى كاتب المقال أن تراجع أرقام إنتاج مصافي النفط في الصين لشهر يوليو/تموز (2022) جاء وسط إجراءات الصيانة المطوّلة لبعض المحطات الرئيسة. بالإضافة إلى ذلك، انخفض الطلب المحلي على الوقود، لا سيما أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يكافح لاستعادة توازنه بعد عمليات الإغلاق الناجمة من جائحة كورونا في النصف الأول من عام 2022، والتهديدات المستمرة التي تنذر بإجراءات مماثلة في المستقبل، بما يتماشى مع سياسة بكين الصارمة لوقف انتشار الوباء.

ففي حال افتراض استمرار تعافي الاقتصاد وسط الإنفاق التحفيزي، وتجنّب عمليات الإغلاق واسعة النطاق، سيكون من المنطقي توقّع تعافي الطلب على الوقود، وزيادة معدلات إنتاج مصافي النفط لبقية النصف الثاني من العام الجاري (2022). وكشف كاتب المقال عن سبب آخر يُثقل كاهل استخدام المصافي، ويتمثل في نقص حصص صادرات المشتقات المكررة؛ ما يعني أن كلًا من مصافي التكرير الحكومية الضخمة والمستقلة عاجز عن الاستفادة من ارتفاع هوامش الربح لبعض أنواع الوقود المكرر في آسيا، وخاصة الديزل.

صادرات المشتقات النفطية
أضاف كاتب المقال أن صادرات المشتقات المكررة انخفضت بنسبة 39% في الأشهر الـ7 الأولى من عام 2022، أي ما يعادل قرابة 945 ألف برميل يوميًا. فبكّين حريصة على خفض الصادرات لضمان توفير الإمدادات المحلية، والتصدي للتضخم العالمي في ظل التقلبات التي تشهدها أسعار النفط.

ولم تأتِ الجولة الثانية والثالثة من الحصص إلّا في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز (2022)، بعدما ضغطت المصافي على بكين للمساعدة في خفض المخزونات المحلية الممتلئة، وسط تراجع استهلاك الوقود الناجم عن فيروس كورونا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

واستطرد كاتب المقال موضحًا، أنه في الوقت الذي قد تشهد فيه الحصص الصادرة في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز (2022)، انتعاشًا في صادرات المشتقات خلال أغسطس/آب 2022)، من المتوقع أن ينخفض إجمالي الوقود المكرر بنسبة 30% على الأقلّ، للعام بأسره. وتتمثل الصورة العامة لواردات الصين من النفط الخام في زيادة الطلب المحلي وزيادة حصص صادرات المشتقات الجديدة على المدى القصير.

ورغم ذلك، ما تزال التوقعات بالنسبة لصادرات الوقود المكرر لعام 2022 في اتجاه هبوطي، ففور استنفاد تخصيص الحصص الحالية، سيكون نقص الصادرات عبئًا على واردات النفط الخام مجددًا. وتجدر الإشارة إلى أن المصافي الصينية مازالت تستورد أكثر من حاجتها في الأشهر الـ7 الأولى من عام 2022 بنحو مليون برميل يوميًا، ما يعني أنها قادرة على السحب من المخزون بدلًا من استيراد الخام.

وقال كاتب المقال، إن استمرار ارتفاع أسعار الخام، بخلاف روسيا، قد يعرقل الطلب على الاستيراد لبقية عام 2022. وفي نهاية مقاله، يرى راسل أن تراجع أسعار النفط وخفض الدول المصدّرة الرئيسة للصين، مثل المملكة العربية السعودية، أسعار البيع الرسمية، قد يدفع مصافي النفط الصينية إلى زيادة الواردات.