اتخذت مدينة ميونيخ الألمانية تدابير جديدة لتجاوز أيّ أزمة محتملة حال قطع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، من خلال إعادة استخدام النفط والفحم بدلًا من الغاز الطبيعي.
وأعادت شركة المرافق المحلية في المدينة البافارية إحياء مواقد النفط في محطتين للتدفئة كانتا مغلقتين في السابق، كما أجّلت خطتها لتحويل توليد الكهرباء بالفحم إلى الغاز، وفق ما نقلته وكالة بلومبرغ. جاء ذلك في الوقت الذي يبتعد فيه منتجو الكهرباء الأوروبيون لسنوات عن حرق الوقود الأحفوري لخفض الانبعاثات، إلّا إن خطر نقص الغاز الروسي يفرض تغييرات.
خفض استهلاك الغاز
قالت الشركة -عبر البريد الإلكتروني اليوم الإثنين-: “بهذه الإجراءات، نخفض استهلاك الغاز الطبيعي في ميونيخ، ونوسّع مزيج الطاقة”، دون أن تحدد الكميات. ولتقليل استخدام الطاقة على المدى القصير، خفضت شركة المرافق في ميونيخ درجة الحرارة الدنيا في حمامات السباحة الخارجية والداخلية والساونا المغلقة، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي إطار الجهود طويلة الأجل للحدّ من استخدام الوقود الأحفوري، أطلقت مرافق ميونيخ برنامجًا بقيمة 10 ملايين يورو (10.2 مليون دولار) لتسريع التوسع في تدفئة المناطق، الناتجة عن مصادر الطاقة الحرارية الأرضية وغيرها من المصادر المتجددة.
خفض شحنات الغاز الروسي
تواجه ألمانيا أزمة طاقة هذا الشتاء ستكون غير مسبوقة بالنسبة لدولة متقدمة. وخفضت موسكو -تدريجيًا- شحنات الغاز الروسي في ردّ واضح على العقوبات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، ما يجعل الركود أكثر احتمالًا بالنسبة لأكبر اقتصاد في أوروبا. جاءت الخطوة الأخيرة لروسيا الأسبوع الماضي، عندما ألقت شركة غازبروم الروسية باللوم على مشكلة التوربين في تقليل تدفقات خط أنابيب نورد ستريم الرئيس إلى نحو 20% من طاقته.
وأعلنت الشركة الروسية أن التدفقات اليومية من الغاز ستنخفض إلى 33 مليون متر مكعب، ابتداءً من فجر يوم الأربعاء 27 يوليو/تموز، وذلك بسبب الحاجة إلى وقف تشغيل توربين غاز لشركة “سيمنس”، بناءً على تعليمات من هيئة رقابية صناعية.
من جانبها، لا ترى ألمانيا وجود سبب فني للتخفيض الأخير في كميات الغاز الروسي، والذي جاء في وقت يتبادل فيه الغرب مع موسكو ضربات اقتصادية، ردًا على العملية الروسية في أوكرانيا. وأدت التداعيات إلى ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء في الأسواق الفورية.
تدابير ألمانيا لسد الفجوة
تمتلئ مرافق تخزين الغاز في ألمانيا بنسبة 68.6%، وهو ما يقلّ كثيرًا عن هدف الدولة البالغ 95% بحلول 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وتعتمد نصف الأسر الألمانية تقريبًا على الغاز للتدفئة، بينما يؤدي الوقود أيضًا دورًا رئيسًا في عدد من القطاعات الصناعية من الكيماويات إلى صناعة الأسمنت والزجاج. وقد طلبت حكومة المستشار أولاف شولتس من الشركات والمستهلكين توفير الطاقة لسدّ الفجوة.
وإذا فشلت إجراءات إعادة التوازن بين العرض والطلب، فإن الحكومة لديها القدرة على إعلان “حالة طوارئ” للغاز، والتي من شأنها أن تنطوي على سيطرة الدولة على التوزيع وتحديد من يحصل على الوقود ومن لا يحصل عليه.
إعادة تشغيل محطات الوقود الأحفوري
في هذا الإطار، أعلنت ألمانيا -منتصف شهر يوليو/تموز- اعتزامها إعادة تشغيل 16 محطة توليد كهرباء تعمل بالوقود الأحفوري، وتحديدًا الفحم والنفط،، وفق ما نقلته صحيفة ذا كييف المستقلة. وقال المستشار أولاف شولتس، إن إعادة تشغيل هذه المحطات ستكون مؤقتة، مشددًا على أن بلاده ملتزمة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045، أي قبل باقي الدول الصناعية الكبرى بنحو 5 سنوات.
وأضاف أن إعادة تشغيل تلك المحطات جاءت بسبب شحّ مصادر الطاقة، نتيجة حرب روسيا لأوكرانيا، “لكن لا تزال بلاده ملتزمة بكل إجراءات محاربة تغير المناخ”. وقال: “بسبب الهجوم الروسي الوحشي على أوكرانيا، نحن الآن مضطرون إلى الاعتماد على بعض محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري، والتي خرجت من الخدمة، ولكن هذا الأمر سيكون لمدة قصيرة جدًا”.