اتخذت وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في المملكة المتحدة خطوة جديدة لتسريع تطوير الوقود النووي في البلاد؛ ما يعزز أمن الطاقة دون الحاجة إلى الاعتماد على الواردات الأجنبية، وخاصة الروسية. وقالت الوزارة إنه أصبح بإمكان الشركات التقدم بطلب، بدءًا من اليوم الإثنين 2 يناير/كانون الثاني (2023)؛ للحصول على تمويل من الصندوق النووي البالغ 75 مليون جنيه إسترليني (90.5 مليون دولار)، والذي أعلنته، في يوليو/تموز (2022)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة رويترز. ومن المتوقع أن يقدم الصندوق منحًا للشركات المشاركة في تحويل اليورانيوم، وسيظل مفتوحًا لتقديم الطلبات حتى 20 فبراير/شباط (2023). وسيشجع هذا الاستثمار القدرات لإنتاج الوقود النووي في بريطانيا؛ ما يدعم الأهداف الطموحة للحكومة بتأمين قرابة 24 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2050. يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية عقب الحرب في أوكرانيا، أواخر فبراير/شباط (2022).
الوقود النووي.. وسيطرة روسيا
باتت إمدادات الطاقة محط تركيز عالمي منذ أن أسفر الغزو الروسي لأوكرانيا عن ارتفاع التكاليف بشدة. وستُسهِم إضافة قدرات جديدة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية في تقليل اعتماد بريطانيا على الغاز الروسي. ويمثّل تحويل اليورانيوم مرحلة مهمة في دورة الوقود النووي. وأشار البيان الصادر عن وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية إلى أن روسيا تمتلك -حاليًا- قرابة 20% من قدرة تحويل اليورانيوم العالمية و40% من قدرة التخصيب. وصُمم صندوق الوقود النووي البريطاني لخلق القدرة على تحويل اليورانيوم المعاد تدويره في المملكة المتحدة، إلى جانب تعزيز أمن الطاقة من خلال تشجيع الاستثمار في تطوير وتسويق إنتاج الوقود المحلي، بما في ذلك تقنيات الوقود المتقدمة، وتأمل الحكومة في أن يفتح فرصًا جديدة للتصدير. وقال وزير الطاقة والمناخ، غراهام ستيوارت، إن ارتفاع أسعار الغاز العالمية الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا سلّط الضوء على ضرورة التركيز على تعزيز قدرات الطاقة المتجددة على الصعيد المحلي، إلى جانب الطاقة النووية، من خلال بناء المزيد من المحطات وتعزيز قدرات الوقود المحلية. وسبق أن اتفق قادة مجموعة الـ 7، في يونيو/حزيران (2022)، على اتخاذ إجراءات لتقليل الاعتماد على الطاقة النووية المدنية والبضائع الروسية، والعمل على تنويع إمدادات اليورانيوم وقدرة إنتاج الوقود النووي.
دعم القطاع النووي
على صعيد متصل، قالت الحكومة إنها منحت قرابة 13 مليون جنيه إسترليني من الصندوق إلى مصنع “سبرينغ فيلدز” بشمال غرب إنجلترا لتصنيع الوقود النووي. وسيدعم الصندوق مشروعات، مثل المفاعلات المعيارية الصغيرة في المستقبل، بالإضافة إلى دعم المشروعات المتخصصة في إنتاج أنواع جديدة من الوقود، والتي ستكون لازمة لتزويد المفاعلات المعيارية المتقدمة. ويرى الرئيس التنفيذي لاتحاد الصناعة النووية، توم غريتكس، أن امتلاك القدرة السيادية على تصنيع الجيل التالي من الوقود النووي للمفاعلات المتقدمة في المستقبل أمر حيوي لأمن الطاقة وتحقيق الحياد الكربوني في بريطانيا. ويعتقد أن هذه الخطوة ستفتح فرصًا للتصدير؛ ما يساعد البلاد على استعادة مكانتها بصفتها من الدول المهمة في قطاع الوقود. وقالت بريطانيا، في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، إنها ستصبح مساهمًا بنسبة 50% في محطة سيزويل سي النووية -المخطط تطويرها بجنوب شرق البلاد- من خلال توفير تمويل قدره 700 مليون جنيه إسترليني.
صندوق الوقود النووي
كانت وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في المملكة المتحدة قد أعلنت افتتاح الصندوق النووي لتعزيز إنتاج الوقود للمفاعلات. وقالت إن الصندوق سيدعم ويخلق وظائف ومهارات عالية القيمة في القطاع، ويمنح الشركات الثقة بالاستثمار في المملكة المتحدة. جاء ذلك عقب الكشف عن إستراتيجية أمن الطاقة في بريطانيا خلال عام 2022؛ حيث تخطط الحكومة للموافقة على تطوير 8 مفاعلات جديدة بحلول عام 2030، بالإضافة إلى مفاعلات معيارية صغيرة؛ ما يساعد على إنتاج 24 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2050، ويمثل ذلك نحو 25% من الطلب المتوقع على الكهرباء في المملكة المتحدة. كما سيدعم الصندوق الشركات للوصول إلى أسواق جديدة على الصعيدين المحلي والعالمي.
محطة سيزويل سي
على صعيد آخر، واجهت محطة سيزويل سي النووية الواقعة في مقاطعة سوفولك الإنجليزية العديد من التحديات في عام 2022، كان آخرها خطر الإلغاء مع بحث الحكومة البريطانية عن سبل لخفض النفقات. وسبق أن أعلنت الحكومة أنها تدرس جميع الخيارات للمضي قدمًا في تطوير المحطة، ونفت التقارير التي تحدثت عن وضع المشروع قيد المراجعة، مؤكدة أن المفاوضات المتعلقة بالتمويل مستمرة. وكان المشروع، الذي تبلغ تكلفته 20 مليار جنيه إسترليني، قد حصل على دعم من رؤساء الوزراء السابقين، مثل بوريس جونسون وليز ترس، ومن المتوقع الانتهاء من عمليات التطوير في مطلع 2030.