أثار مشروع توتال إنرجي لإنتاج الغاز في جنوب أفريقيا استنكارًا عنيفًا من عدة جمعيات بيئية في ظل تهديده للتنوع البيولوجي في المنطقة. وتستعد شركة الطاقة الفرنسية العملاقة لحفر نحو ألف متر في المياه، للوصول إلى حقلي غاز كبيرين في منطقة برولبادا، الواقعة على بُعد 175 كيلومترًا من ساحل جنوب أفريقيا، وفق ما نقلته منصة “أفريك 21” الناطقة باللغة الفرنسية. إلا أنه بالنسبة إلى دعاة الحفاظ على البيئة، سيكون لهذا المشروع تأثير على الحياة البرية البحرية، نظرًا إلى أن عمليات الحفر ستُجرى على طريق هجرة الحيتان الكبيرة، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مشروع توتال إنرجي لإنتاج الغاز في جنوب أفريقيا
نفذت توتال إنرجي عمليات حفر استكشافية من خلال منصة تابعة لها، لمعرفة حجم الاحتياطيات في حقلي الغاز بجنوب أفريقيا. فقبل 6 أشهر، حصلت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة على تصريح من حكومة جنوب أفريقيا لإجراء دراسات استكشافية. وفي نهاية يوليو/تموز، قدّمت توتال إنرجي تقريرًا عن الأثر البيئي لحفر العديد من آبار الاستكشاف قبالة الساحل الغربي للبلاد. وفي 5 سبتمبر/أيلول 2022، تقدّمت الشركة بطلب للحصول على رخصة إنتاج لاستغلال حقلي الغاز الكبيرين المكتشفين، مع إمكان العثور على ما يصل إلى مليار برميل من المكافئ النفطي. ويجب على سلطات جنوب أفريقيا اتخاذ قرار بشأن الحصول على ترخيص تشغيل تطلبه شركة توتال إنرجي، بعد تحقيق عام مقرر حتى 20 يناير/كانون الثاني 2023.
معارضة بيئية.. ومخاطر تسرب نفطي
للحصول على إلغاء هذا المشروع، أطلقت منظمة بلوم الفرنسية لحماية المحيطات ومنظمة “غرين كونكشن” الجنوب أفريقية، عريضة دولية في باريس، في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022. وحذّر المسؤول في منظمة بلوم، سوان بومير، من أن “عمليات الحفر هذه عميقة للغاية، أكثر من 1000 متر تحت السطح، في منطقة تيارات قوية. إنهم يعلمون أن هذه مياه معقدة مع خطر حدوث تسرب نفطي”. وأضاف أن “توتال هي أول من يذهب إلى هذا العمق.. إذا حصلوا على هذا التصريح، فسيكون ذلك إشارة كبيرة للصناعة بأكملها” على إمكان بدء الحفر في المياه العذبة. وتابعت رئيسة بلوم، كلير نوفيان: “إنه مكان رائع من وجهة نظر التنوع البيولوجي، وهو على طريق هجرة الحيتان وحيتان العنبر. إنها أيضًا بيئة معيشية للدلافين، والسلاحف الجلدية”. وقالت -في تغريدة نشرتها على تويتر-: “توتال إنرجي ستهدد بصفة مباشرة الأمن الغذائي للسكان المحليين وسبل عيش الصيادين الحرفيين في جنوب أفريقيا”، بحسب ما نقلته فضائية “بي إف إم” الفرنسية.
توتال تدافع عن نفسها
ردًا على العريضة التي تقدّمت بها المنظمتان غير الحكوميتين، أكدت توتال إنرجي أنه سيجري إنشاء خط أساس بيئي لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها القوية في مجال البيئة والتنوع البيولوجي. وأوضحت -في سلسلة تغريدات نشرتها على تويتر- أنه وفقًا للوائح الدولة، يُدرس الجانبان البيئي والمجتمعي، ويتضمّن ذلك عملية تشاركية للمعلومات والاستشارات لتقديم التدابير الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالمشروع. وأضافت: “ستتيح هذه العملية بدء المناقشات مع جمعيات الصيادين والمجتمعات المحلية وممثلي المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022”. وشددت على أن “اهتماماتهم ستُؤخذ في الحسبان لتكييف عملية تقييم الأثر، لا سيما فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي، وتعزيز بناء نظام بيئي يوفر قيمة مشتركة”.
مزيج الطاقة في جنوب أفريقيا
قالت توتال إنرجي إنه من المفترض أن يزوّد هذا المشروع السوق المحلية في جنوب أفريقيا بالغاز، وفق ما جاء في التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة. إذ ما يزال اقتصاد جنوب أفريقيا يعمل بالفحم بنسبة 80%، ويُعَد الطلب المتزايد على الكهرباء مصدر قلق كبيرًا في البلاد. وأوضحت أن استخدام الغاز -بدلًا من حرق الفحم لإنتاج الكهرباء- يؤدي إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى النصف وتقليل تلوث الهواء بصفة كبيرة. وأعربت الشركة الفرنسية عن رغبتها في أن تكون عنصرًا في تطوير مزيج الطاقة في البلاد، وجزءًا من تحول أساسي يتضمّن بالضرورة تقليل استهلاك الفحم وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الغاز.