المكسيك تخطط لتصدير الغاز المسال لأول مرة في تاريخها

تعتزم المكسيك تصدير الغاز المسال للمرة الأولى في تاريخها؛ لتلبية الطلب الأوروبي على هذا الوقود في ظل تراجع الإمدادات الروسية واقتراب موسم الشتاء الذي يشهد ذروة الطلب للتدفئة.

وكانت موسكو قد أعلنت، مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري (2022)، وقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1)، الذي يستحوذ على أكثر من ثلث صادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، لأجل غير مسمى، بحسب ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة. وتستخدم روسيا الغاز الطبيعي سلاحًا في نزاعها مع القارة الأوروبية، الذي أجّجته الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط (2022).

تصدير الغاز الطبيعي المسال
تخطّط المكسيك لبناء منصّة لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا باستثمارات تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار في خليج المكسيك، حسب رويترز. وكانت واردات أوروبا من الغاز المسال قد ارتفعت إلى متوسط 14.9 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال أول 5 أشهر من العام الجاري 2022، بزيادة 66% عن المتوسط السنوي لعام 2021.

وقال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز، مساء الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2022، إن منشأة الغاز الطبيعي المسال المُزمعة إقامتها في ميناء “كواتزاكوالكوس” في ولاية “فيراكروز” الشرقية ستنقل الغاز عن طريق القوارب إلى أوروبا. وتعهّد الاتحاد الأوروبي بخفض الطلب على الغاز بنسبة 15% مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الماضية خلال المدّة بين 1 أغسطس/آب 2022 وحتى 31 مارس/آذار 2023.

وأضاف مانويل لوبيز في مؤتمر صحفي: “نحن على وشك تعزيز مشاركة القطاع الخاص، ستتراوح استثمارات هذه المحطة بين 4 و5 مليارات دولار”. وكان الرئيس المكسيكي قد طرح في وقت سابق فكرة إنشاء محطة للغاز الطبيعي المسال في مدينة كواتزاكوالكوس، إلى جانب مواقع أخرى. وجاءت تصريحات لوبيز بعد أسبوع من عرضه تكثيف التعاون مع ألمانيا بشأن “الغاز المسال”. وارتفعت مستويات تخزين الغاز في أوروبا إلى 80% بنهاية أغسطس/آب الماضي، وهو ما جاء بأكثر من التوقعات، بدعم واردات الغاز الطبيعي المسال القوية وواردات خطوط الأنابيب غير الروسية.

وتتوقع شركة الأبحاث وود ماكنزي ارتفاع مخزونات الغاز الأوروبية إلى 86% مع بداية أكتوبر/تشرين الأول 2022، حال استئناف التدفقات الروسية من خط أنابيب نورد ستريم1 عند المستويات نفسها، قبل إغلاقه جراء أعمال الصيانة نهاية أغسطس/آب المنصرم. ويقول محللو وود ماكنزي، إنه في حالة عدم استئناف تدفّقات نورد ستريم1 بعد أعمال الصيانة الحالية، فقد تظل المخزونات الأوروبية عند 26% بنهاية هذا الشتاء.

النفط الخام
لا تُصّدر المكسيك الغاز الطبيعي المسال تجاريًا، على الرغم من أنها واحدة من أكبر مُصّدري النفط الخام في المنطقة. وتعدّ المكسيك رابع أكبر منتج للنفط في الأميركتين بعد الولايات المتحدة (16.58 مليون برميل يوميًا) وكندا (5.43 مليون برميل يوميًا) والبرازيل (2.99 مليون برميل يوميًا). وبنهاية العام الماضي (2021)، بلغت احتياطيات النفط المؤكدة في المكسيك 5.99 مليار برميل، ارتفاعًا من 5.78 مليار برميل في العام السابق له.

وسجّلت صادرات النفط الخام المكسيكية مستوى 1.09 مليون برميل يوميًا بنهاية 2021، انخفاضًا بنسبة 9% على أساس سنوي، وفق التقرير السنوي لمنظمة أوبك. وفي أغسطس/آب من العام الجاري (2022) وقّعت شركة “تي سي إنرجي” الكندية صفقة مع شركة الكهرباء المكسيكية (سي إف إي) لبناء خط أنابيب غاز بقيمة 4.5 مليارات دولار، يربط ميناء توكسبان مع كواتزاكوالكوس، وموانئ فيراكروز ودوس بوكاس. وارتفع إنتاج الغاز في المكسيك بنسبة 15% خلال الأشهر الـ7 الأولى من عام 2022، مقارنة بالمدّة نفسها من 2021.

تسرب انبعاثات الميثان من حقول نفطية تابعة لبيمكس المكسيكية

تسبّبت مجموعة حقول نفطية تابعة لشركة بيمكس المكسيكية الحكومية في تسرُّب انبعاثات الميثان في الغلاف الجوي بمعدل كبير للمرة الثانية خلال أقل من عام، في حين تشير أصابع الاتهام إلى البنية التحتية المتهالكة. وواجهت خطط الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لزيادة الشركة الحكومية وتيرة إنتاج النفط معارضات بيئية ومناخية أثارت حفيظة مبعوث المناخ الأميركي، حسبما أوردت رويترز.

ويُعَد الميثان أحد المكونات الرئيسة في الغاز الطبيعي، وتُسهم انبعاثاته في زيادة معدل الاحترار العالمي بمعدل يفوق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بالنظر إلى قدرته على الاحتفاظ بالحرارة في الغلاف الجوي لمدة أطول، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

أعمدة انبعاثات الميثان
أطلقت منصة بحرية تضم مجموعة من الحقول النفطية التابعة لشركة بيمكس المكسيكية، في شهر أغسطس/آب الماضي (2022)، انبعاثات إثر تسرب الميثان بكميات هائلة أعادت إلى الأذهان تسربًا مماثلًا للشركة رُصد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

والتقطت الأقمار الصناعية ما يفيد بإطلاق انبعاثات ميثان تُقدّر بنحو 44 ألفًا و64 طنًا، وهو معدل مرتفع للغاية دفع نحو تشكلها في صورة “عمود” على مدار 6 أيام خلال المدة من 5 إلى 29 أغسطس/آب الماضي. وبذلك تسجل انبعاثات الميثان من مجموعة الحقول النفطية في المكسيك ثاني أرقامها القياسية خلال مدة تقل عن عام. ويعادل حجم انبعاثات الميثان المُطلقة من مجموعة حقول “كو مالوب زاب” التابعة للشركة المكسيكية 3.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

وكانت مجموعة الحقول ذاتها -الأكبر من حيث حجم الإنتاج في المكسيك بأسرها- أسهمت بحجم فائق آخر في تسرب للميثان نهاية العام الماضي (2021)، حسبما كشفت ورقة بحثية أعدتها العالمة في جامعة بولي تكنيك في مدينة فالنسيا الإسبانية إتزيار إيراكيوليس لوتكسات، في يونيو/حزيران الماضي.

كارثة التسرب
تأتي المخاوف من إطلاق كميات الميثان في الغلاف الجوي بهذا المعدل إثر اعتباره خارجًا عن نطاق حرق الغاز الطبيعي بصورة ثانوية خلال إنتاج النفط أو نطاق الحرق الروتيني الذي يهدف إلى خفض التأثير البيئي للميثان.

وعلى غير المعتاد، أطلقت مجموعة الحقول النفطية التابعة لشركة بيمكس المكسيكية غاز الميثان بصورة مباشرة في الغلاف الجوي، حسب ما رُصد في ديسمبر/كانون الأول وأغسطس/آب الماضيين، بما يشكل كارثة بيئية وفق وصف العلماء.

ويحظر قانون الهيدروكربونات المكسيكي إطلاق الغاز الطبيعي مباشرة في الغلاف الجوي، في حين رُصد إطلاق الشركة المكسيكية كميات ضخمة من الميثان دون إجراء عملية حرق الغاز. وكشفت نتائج ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الماضي (2021) عن أن عمليات حرق الغاز كانت متوقفة لمدة تقارب 17 يومًا، ورغم ذلك رُصد إطلاق غاز الميثان بصورة متواصلة.

وشهد شهر أغسطس/آب الماضي إطلاق الغاز بصورة متقطعة وحرقه على مدار الشهر، في حين تحفظت الشركة المكسيكية عن التعليق على النتائج التي توصل إليها العلماء. وبصورة إجمالية، تتسبب الحقول المتهالكة المستنفدة المنتشرة بخليج المكسيك في زيادة معدل ظهور الغاز الطبيعي على السطح بصفته منتجًا ثانويًا، ما يشكل إهدارًا له وتحديات تعوق عملية التشغيل.

زيادة الإنتاج وديون بيمكس
تُعد شركة بيمكس المكسيكية أكثر شركات النفط مديونية على الصعيد العالمي، ما دفع الرئيس أوبرادور إلى مطالبة الشركات بزيادة الإنتاج النفطي. وواجه أوبرادور تحذيرات بيئية من تنفيذ خطته وزيادة وتيرة إنتاج النفط في ظل بنية تحتية متهالكة ونقص في الاستثمارات، ما قد يتسبب في “كارثة بيئية”.

وتعهّد الرئيس المكسيكي لمبعوث المناخ الأميركي جون كيري -قبل 3 أشهر- بمعالجة انبعاثات الميثان لقطاع النفط والغاز، غير أن المعارضة شنت هجومًا على أوبرادوا، وطالبت الهيئات الرقابية بإجراء تحقيق مستقل في نتائج انبعاثات الميثان لمجموعة الحقول النفطية التابعة للشركة المكسيكية نهاية العام الماضي (2021).

وكانت الشركة قد واجهت نهاية شهر يوليو/تموز الماضي حريقًا في مصفاة مادورو، ويرجع الحريق الرابع من نوعه في غضون عام ونصف العام إلى ضرب صاعقة برق المصفاة خلال إحدى العواصف المناخية. وطالت صاعقة البرق ناقلة نفطية قرب المصفاة، ما دفع نحو انتشار الحريق على نطاق واسع بالناقلة والمصفاة.